في بلدنا يشتغل الأميون ويتعرض حملة الشهادات لداء البطالة ، كم من أمِّي يقبع فوق كراسي الإدارات كأنه يخدم المواطن لكنه يخدم نفسه فقط وعندما يحتاجه مواطن مقهور آخر يولي بوجهه ويتهاون عن تلبية طلبه نظرا لأنه ليس مؤهلا أصلا للجلوس فوق كراسي إدارات تخدم مصلحة المواطن، هذا طبعا سببه كما تقول المقولة المغربية " للي جداه فالعرس مايبات بلا عشا" طبعا هذا ما يحصل يوما بعد يوم ، سئمنا من هذه التلاعبات سواء بحملة الشهادات أو بخدمة مواطن أمامهم في مكاتب الإدارات ، أتساءل دائما ما الغرض من هذه الإعلانات عن فرص الشغل التي نشاهدها كل يوم إذا كانت كل إدارة تشغلها عائلة معينة فلان مدير ،زوجته نائبة له ، إبنه كاتبا ،زوجة إبنه محاسبة وجدهم حارس أمام الباب" وتريكتهوم كاملة خدامة فنفس الإدارة هادو راه وارثين الإدارة ماشي خدامين عندنا " كم من إدارة أدخل إليها وأجد طوابع الإدارة تحمل نفس النسب فأشك في نفسي هل أنا فعلا داخل إدارة تخدم مصلحة مواطن أم أنا أتصفح كناش الحالة المدنية لعائلة ما "كتبدل غير السمية أما النسب هو هو" أصبحت ظاهرة تشغيل الأبناء وتوريث المناصب مرض زادت أعراضه ومصائبه أكثر من اللازم والمصيبة أن هؤلاء الذين يلجون المناصب عن طريق وراثة صبغي "موظف لدى الدولة" ينسوا أن يرثوا صفات أخرى كحاصل على دبلوم يمكنه العمل في إدارة تخدم مصلحة المواطن مثلا وهذا يتنافى كليا مع قوانين العالم البيولوجي "ماندل"، لأننا نجد معهم مشكلة كبيرة عندما نقف أمامهم يوما ونسألهم عن أغراضنا ، أتذكر يوما أنني ذهبت لإحدى الإدارات طالبا إحدى الوثائق ودار بيني وبين المسؤول في المصلحة نقاش طويل فقط لأن هذا الموظف لدينا يريد أن يؤخر دوري إلى أجل غير معلوم والشيء الذي لم أقبله إبان ذلك فتعرض لكلامي بمقولة " نتوما هاد الجيل للي طالع متحتارمو ليكبر منكوم وما تحشمو " يعني بمفهوم آخر يجب علي أن أترك دوري لكل من يكبرني سنا كأننا نقل حافلة ما، مشكلة أخرى أشد من الأولى فضاعة أن السيد الموظف لا يفقه في الفرنسية حرفا فاعتذر لي لما أعطيته شهادتي كدليل على مهنتي المتواضعة وشهادتي للأسف دونت باللغة الفرنسية مما أدى إلى استغناء الموظف عن هذا الدليل بصفة نهائية ، ليست هذه المرة فقط التي أواجه فيها هذا النوع من المشاكل داخل إداراتنا طبعا وإنما يبدو الأمر روتينيا فكل يوم بطرائفه ، هؤلاء يحسبوننا جهلة فكل شخص تقف أمامه ينظر إلى يديك أكثر مما ينظر إلى أوراقك وإلى وجهك وأنت تتحدث إليه ومن عادتي أني أكره أن أضيف درهما واحدا عن الواجب القانوني المحدد في الدمغة الجبائية الشيء الذي جعل بعض الموظفين يكرهون اللحظة التي أقف فيها أمامهم لقضاء أغراضي فينظرون إلي بنظرة توحي كأني عدوهم اللدود وأنني أعتدي عليهم وأهينهم داخل مكاتبهم ، كم مرة وقفت منتظرا درهما واحدا من هؤلاء لأني عادة ما أدفع خمسة دراهم للحصول على هاتين الوثيقتين وثمن الدمغة الجبائية ماهو إلا درهمين لكل وثيقة لدى على المسؤول في المصلحة أن يعيد لي درهمي وإلا ستزداد الأمور سوءا لكنهم يفضلون أن يتركوها في جيوبهم " وغير درهم هاديك مادات ماجابت" لكن في الحقيقة مهما كانت درهما واحدا أو مليارا فهي في الأخير عبارة عن رشوة والرشوة حرام في ديننا الإسلامي الحنيف. هذا النوع من الموظفين هو من احتل مكان شباب نشيط وطموح سيخدم البلد يوم بعد يوم وليس يوم في الشهر كما يفعل بعض الإداريين سامحهم الله وهذا الشباب المعطل مؤهل لخدمة الوطن من كل الجوانب دون أن نجد معهم مشكلة ما كالتي نجدها مع هؤلاء الذين قعدوا فوق كراسي الإدارات وبينما هم ينتظرون تقاعدهم يفعلون ما يريدون بمصالحنا ويستهزئون بنا كلما وقفنا أمامهم "إذن لي مابغاش إخدم عندنا إمشي إلعب ضاما فجوطيات ويهنينا حنا من الدوخة ديالو" وإذا كان بعض الموظفين يطلبون منك بعض الدراهم ويتهاونون في خدمة المواطن المقهور فإن بعض الموظفين في السلطة لا يشق لهم غبار وهم يمارسون السلطة على أهل القرى وعلى الأميين الذين لا يعرفون سوى التواضع والركوع لهؤلاء الموظفين الأوغاد ،فذات يوم دخلت إحدى الإدارات وانتظرت كثيرا كي يقول لي رجل السلطة تفضل واجلس لكنه أبى عن ذلك فجلست دون إذنه كوني قمت بعملية جراحية لإحدى أرجلي مما استعصى علي الوقوف لوقت طويل مما أدى إلى انزعاج هذا السلطوي من تصرفي هذا معترضا ب "شكون قاليك جلس؟" فجأأجبته بأن الإدارة بنيت لتلبية طلباتنا وقضاء أغراضنا وهذه الكراسي اشتريناها بحقنا كي نجلس ونستريح كلما قدمنا إلى إدارتنا وليس من حق أي موظف لدينا هنا أن يمنعنا من استعمالها وأنك لم تطبق أدب الإدارة فمعذرة يمكنك أن تعمل على أمننا وسلامتنا وفك النزاعات بين أهل هذه القبائل لكن ليس أن تصنع نزاعات بنفسك أو أن تمارس الشطط في استعمال السلطة . سألني الموظف أظنك لست من أهالي المنطقة فقلت له نعم من حقك أن تسأل هذا السؤال لأن أهالي المنطقة كانوا يسجدون لك ويقبلون يديك ويأتوك بغلة كل فصل نظرا لأنهم يجهلون أنك أنت من يعمل لديهم فتبا للأمية والجهل وتبا للذين يستغلون سذاجة البعض كي ينتهكوا أعراضهم ويسلبوهم حقوقهم.