عبرت الدول المشاركة في مؤتمر لندن حول ليبيا الثلاثاء عن قلقها من استمرار العمليات العسكرية والعنف الذي تمارسه القوات التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي، كما أشارت إلى أن تنفيذها لقرارات مجلس الأمن الدولي حول ليبيا حالت دون وقوع مذبحة في بنغازي، التي تعد معقلاً للمعارضة الليبية، فيما تم الإعلان عن استضافة قطر للمؤتمر المقبل حول ليبيا. ففي مؤتمر صحفي مشترك، جمع وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، جدد المشاركون في المؤتمر تأكيدهم على التطبيق الفوري لقرارات مجلس الأمن الدولي، أهمية المحافظة على وحدة وسلامة الأراضي الليبية، مؤكداً على فقدان القذافي لشرعيته بمواصلته حربه ضد شعبه. هيغ أشار في المؤتمر الصحفي إلى أن هناك إجماعاً عالمياً على مسألة رحيل القذافي وأنه لا يوجد مستقبل لليبيا باستمرار القذافي في حكمه، مشيراً إلى أن دولاً أخرى أعلنت مشاركتها في التحالف ضد القذافي، مثل السويد، التي ستشارك بثماني طائرات مقاتلة، وأن دولاً أخرى ستشارك، وهو ما أكدته أيضاً وزيرة الخارجية الأميركية. جاء ذلك على لسان هيغ، الذي قال إن فرض العقوبات وتطبيقها ضد النظام الليبي هي رسالة واضحة بأنه لا يستطيع مهاجمة المدنيين دون عقاب، مشدداً على أن المجلس الوطني الليبي يشهد بدقة الإصابات التي وجهتها القوات الدولية على الأرض، مشيراً إلى أنه لم ترد ولو حالة إصابة واحدة جراء تلك الضربات. كذلك أكدت مجموعة الاتصال الدولية، المنبثقة على المؤتمر، على مواصلة الجهود في ليبيا حتى تنفيذ بنود قرار مجلس الأمن الدولي. هيغ قال إن المشاركين في مؤتمر لندن حول ليبيا اتفقوا على السعي من أجل فرض عقوبات إضافية على الأفراد والكيانات المرتبطة وذات العلاقة بنظام القذافي، مشيراً إلى أن الشعب الليبي سيقرر حكومته المستقبلية. وأكد هيغ، ووزيرة الخارجية الأمريكية أنه لم يتم بحث موضوع تسليح المعارضة الليبية في المؤتمر، وأشارا إلى أن وثيقة المجلس تضم التزامات قوية وصادقة بالحرية. من ناحيته قال حمد بن جاسم "نحن نحزن لما نراه يحدث في ليبيا.. وأن علينا احترام خيارات الناس في الشرق الأوسط" وأضاف أنه يأمل بزيادة مشاركة الدول العربية في التعامل مع ليبيا، مشيراً إلى أن "قادة المنطقة يرزحون لمسألة التطرف ليظلوا في السلطة." وقال حمد بن جاسم "نحض القذافي على الرحيل وحقن الدماء.. ولن نسمح للقذافي بقتل أبناء شعبه"، مؤكداً أن أمام الزعيم الليبي بضعة أيام للتوصل إلى حل وأن عليه أن يغادر بأسرع وقت ممكن، مشيراً إلى أنهم يقدمون "هذا العرض الآن وقد لا يكون متاحاً بعد أيام." وأوضح هيغ أن القذافي لم يلتزم بشروط وقف إطلاق النار ووقف العنف.. وأن "المجتمع الدولي متفق ومتوحد على المسار الذي اتخذناه وأنقذ الكثير من الأرواح في الأيام الماضية، وما زال أمامنا الكثير لنقوم به." من ناحيتها أكدت كلينتون أن الحل العسكري سيستمر لحين إذعان القذافي لقرار الأممالمتحدة، وقالت "نتطلع لحل يغادر بموجبه القذافي ليبيا." وقالت كلينتون إنها التقت بأعضاء من المعارضة الليبية، وأنها ناقشت معهم العمليات العسكري لقوات التحالف والحاجة إلى حل سياسي في ليبيا التي بدأت تمزقها الحرب. الثوار: محاكمة القذافي وأعلن متحدث باسم الثوار الليبيين الثلاثاء أن مؤتمر لندن حول ليبيا يجب ان يقرر محاكمة الزعيم معمر القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية لا ان يعرض عليه المنفى. وقال شمس الدين عبد الملا المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضين الليبيين ان القذافي "يجب ان توجه اليه اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الليبي" مشيرا الى ان هذا الامر "غير قابل للتفاوض". وسيمثل المجلس الانتقالي في لندن محمود جبريل المكلف علاقات المجلس مع الخارج كما اوضح. واضاف ان المجلس الانتقالي يحضر بيانا رسميا يعرض فيه بالتفاصيل ما ينتظره من مؤتمر لندن وسينشره قريبا. لكنه اكد مجددا ان الثوار غير مستعدين لاي تسوية حول نقطتين: اطلاق ملاحقات بحق الزعيم الليبي وابنائه واوساطه، والحفاظ على ليبيا موحدة عاصمتها طرابلس وغير مقسمة بين الموالين للقذافي في الغرب والثوار في الشرق.يشار إلى أن قوات التحالف الدولي تشنّ منذ 19 آذار/مارس عملية عسكرية لفرض حظر جوي على ليبيا، بموجب القرار 1973 الذي قضى بفرض الحظر واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين. ووافق حلف شمال الأطلسي "الناتو" على تولي تنفيذ حظر الطيران فوق ليبيا، وقال الأمين العام للحلف اندريس فوغ راسموسين إن تفويض الناتو لن يتجاوز في الوقت الراهن مهمة فرض حظر الطيران، وان عملية منفصلة بقيادة الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا ستتولى حماية المدنيين الليبيين. ويتهم الزعيم الليبي قوات التحالف بالتسبب بقتل مدنيين، وهو ينفيه التحالف، الذي يشدد على العمل على حماية أمن المدنيين.". معارك كر وفر والثوار يتراجعون ميدانيا تراجع الثوار في ليبيا من بلدة بن جواد على الطريق المؤدية إلى سرت وسط ليبيا إلى رأس لانوف شرقا بعد هجوم عنيف شنته كتائب معمر القذافي بالمدفعية وراجمات الصواريخ. وأطبقت كتائب القذافي على الثوار بين منطقتي بن جواد والنوفلية وأجبرتهم على التراجع إلى رأس لانوف. وحاول الثوار شن هجوم مضاد بالأسلحة الصاروخية على الكتائب، لكن قوة الهجوم الذي شاركت فيه زوارق من البحر ومشاة ودبابات أفشلت محاولتهم واضطرتهم للتراجع مسافات طويلة. ووصف مراقبون تراجع الثوار بالخطير. وكان محيط منطقة بن جواد الواقعة بين مدينتي رأس لانوف وسرت مسرحا لمعارك كر وفر بين الكتائب والثوار وقد قصفت كتائب القذافي مواقع الثوار في وقت سابق اليوم مما دفعهم إلى التراجع إلى الجانب الشرقي من المدينة. وتدور تلك المعارك على بعد نحو 150 كلم من مدينة سرت غربا التي تعد الهدف التالي للثوار. وكان الثوار قد سيطروا الاثنين على مدينة الهراوة الواقعة على بعد 70 كلم شرق سرت في أعقاب سيطرتهم على النوفلية وأجدابيا. الزنتان ومصراتة وفي غرب ليبيا أفادت مصادر تابعة للثوار بأن كتائب القذافي تقصف منذ صباح الثلاثاء مدينة الزنتان وتحاول دخولها من جهتيها الشمالية والشرقية. وقال علي صالح الزنتاني الناشط في ثورة 17 فبراير في اتصال هاتفي مع الجزيرة إن القصف العشوائي من قبل الكتائب للمدينة ما زال متواصلا، مشيرا إلى أن ما يخيف الأهالي هو تحرك الكتائب في اتجاه المدينة لاقتحامها. وأوضح أن الوضع الإنساني في المدينة متدهور للغاية حيث تعاني نقصا حادا في الغذاء والدواء وحليب الأطفال، مشيرا إلى وصول بعض المساعدات من قطر والإمارات وتونس، داعيا الدول العربية لإرسال مزيد من المساعدات عبر الحدود التونسية. من جانب آخر قال الثوار إن قوات القذافي تتجه نحو مدينة مصراتة وسط مخاوف من وقوع مجازر فيها، وأكدوا أنهم يسيطرون على ميناء مصراتة ويمنعون كتائب القدافي من الاقتراب من الميناء، في حين لا تزال عناصر من الكتائب تتمركز في أجزاء محددة من شارع طرابلس وبعض البنايات في وسط المدينة. واشنطن: دلائل لوجود القاعدة وفي موقف أميركي يشكك في أهداف الثوار الليبيين، قال الاميرال جيمس ستافريدس القائد الاعلى لقوات حلف شمال الاطلسي في اوروبا وقائد القيادة الاوروبية للقوات الاميركية يوم الثلاثاء ان معلومات المخابرات الواردة من داخل المعارضة المسلحة التي تقاتل قوات الزعيم الليبي معمر القذافي اظهرت "دلائل" على وجود تنظيم القاعدة او جماعة حزب الله الا انه لم تتضح بعد صورة تفصيلية للمعارضة الليبية الناشئة. وقال ستافريدس في افادة امام مجلس الشيوخ الاميركي "ليس لدي في هذه المرحلة اي تفاصيل كافية تدفعني للقول ان هناك وجودا ملموسا للقاعدة". واضاف ان قيادات المعارضة المسلحة يبدو انها مؤلفة من "رجال ونساء يتحلون بالمسؤولية" يقاتلون القذافي. القذافي يطالب بوقف غارات في الأثناء طالب الزعيم الليبي معمر القذافي الاسرة الدولية بالتدخل لوقف غارات الائتلاف على قواته، قبل اجتماع لمجموعة الاتصال حول ليبيا في لندن الثلاثاء. وقال القذافي في رسالة وجهها الى الدول الاعضاء في "مجموعة الاتصال" الثلاثاء "اوقفوا عدوانكم الوحشي الظالم على ليبيا". واضاف في رسالته التي نشرتها وكالة الانباء الرسمية "اتركوا ليبيا لليبيين. انكم ترتكبون عملية ابادة لشعب امن وعملية تدمير لبلد نام". انفجارات تهز طرابلس وواصل الائتلاف الذي يتولى الحلف الاطلسي قيادة عملياته العسكرية، ضرباته مساء الاثنين وشن غارات على مواقع للقوات الموالية في مزدة وغريان وصرمان (غرب) وتاجوراء بالقرب من طرابلس، بحسب مصادر عدة. وسمع دوي انفجارين قويين بعد ظهر الثلاثاء في منطقة باب العزيزية حيث يقيم العقيد معمر القذافي في طرابلس، وسبعة انفجارات اخرى في تاجوراء في الضاحية الشرقية للعاصمة. وسمع دوي الانفجار الاول نحو الساعة 16,30 تغ اتبع بانفجار ثان بعد ثلاث دقائق في باب العزيزية حيث سمعت صفارات سيارات الاسعاف. كما سمع دوي سبعة انفجارات قوية في تاجوراء التي تستهدفها غارات التحالف الدولي بوتيرة شبه يومية. وافاد شاهد ان عددا من القنابل استهدف موقعا عسكريا للرادارات في الحي. وقال آخر انه رأى الدخان والسنة اللهب تتصاعد من المكان. وسبق دوي الانفجارات تحليق طائرات في اجواء العاصمة، التي تتعرض لغارات تشنها قوات الائتلاف الدولي منذ بدء التدخل العسكري في ليبيا في التاسع عشر من اذار/مارس. وعلى الصعيد السياسي، وعد المجلس الوطني الانتقالي ممثل الثوار الليبيين باجراء "انتخابات حرة ونزيهة" بعد سقوط العقيد معمر القذافي. واكد الثوار في بيان على "تطلعاتهم لدولة موحدة وحرة وحديثة" وان المجلس "يضمن لكل ليبي حق التصويت في انتخابات تشريعية ورئاسية حرة ونزيهة". واعلنت فرنسا الدولة الوحيدة مع قطر التي اعترفت بالمجلس الانتقالي، انها عينت "سفيرا" هو انطوان سيفان وهو في طريقه لتولي مهامه في بنغازي. كما اعلن مسؤول اميركي رفيع المستوى ان واشنطن سترسل "سريعا" موفدا الى بنغازي معقل المعارضة الليبية مشيرا الى ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التقت ممثلا عن هذه المعارضة الثلاثاء في لندن.