بدون الانفلات بوعي تام من آليات العمل التقليدية المحضة، والمكرسة في أبعادها لما يعرقل أهم خطوات البناء التنموي الفعالة، والمجمع عليها من لدن المهتمين بشؤونها، لن نستطيع حتما أن نثبت وجودنا المنبثق من قوتنا، إن استطعنا أولا صناعتها في المستقبل الآتي. لا يمكن بتاتا تجاهل ما أسلفنا ذكره، أونفيه إذا كانت لدينا إرادة للتغلب على أبرز العراقيل التي تحول دون بروز علامات تشييد معالم أحلامنا التنموية، والقابلة للتحقيق من دون شك، حتى لا يظن البعض أن كلامنا الذي يدور حول أحلامنا التنموية عموما يستحيل تصورمشاهدته على أرض الواقع، وفي كل المجالات سيما في المجال السياسي الذي يبقى كما هو واضح مدخلا أساسيا للتخطيط التنموي كمرحلة ابتدائية. قبل الشروع كخطوة ثانية في مرحلة الإنجاز التنموي. وبالنظر إلى سيناريوهات مستقبلنا السياسي نكتشف أن تفاعلاتها المتحركة حاليا في بعض أوجهها كما يبدو تهتز بشكل يثير الانتباه،حينما تتداخل اشتباكاتها المتنافرة، والمتعددة معا بشكل قوي؛ كلما ظهر لنا أن مقتضيات حاضرنا السياسي لاتبشر بخير، - وإن كانت تبدو لدى البعض طبيعية - في ظل غياب سياسات مبنية على قيم الديمقراطية المطلوبة، وحضور قوي وغريب لسياسات تتحكم فينا في حالات كثيرة، كما نتحكم فيها في مناسبات قليلة، وفقا لعمليات التأثير، والتأثر المتبادلة بين العديد من الأطراف التي تمثلها بعض المؤسسات تارة، وثلة من الأفراد أو الجماعات تارة أخرى. لكن من الصعب الاطمئنان إلى أحوال سياساتنا غير المستقرة حاليا، ببساطة لأنها تعيسة أشد التعاسة. فهي مشلولة، ومملوءة بألغاز مركبة ذات ألاعيب يصعب تفكيكها أو حلها، أوعلى الأقل فهمها بشكل لايثيرالريبة فينا؛ ولهذا فقبل انتخابات 4 شتنبرالماضي، كان لدينا إحساس بأن أبرزخصوصيات الوضع السياسي المحلي لن تعرف استقرارا؛ من حيث معالمها التي ظلت ثابتة، أوشبه ثابتة لسنوات طوال، - على الأقل من حيث تمظهراتها الشكلية، إذا أردنا التدقيق في أهم المتغيرات التي لحقت بها، فمن الصعب الحديث هنا عن تغيير جذري دفعة واحدة -. لم يقتصر إحساسنا على ماذكرنا؛ بل أحسسنا أيضا بأن أبرز نتائج صناديق الاقتراع الانتخابي ستفاجئ بعض ساستنا المحليين، سيما الذين فقدوا ثقة أغلب الناخبين ومساندتهم لهم، بعد محاولتهم استرجاعها غير ما مرة، بشتى الصور التي لا تخطر على بالنا في حالات الصراع اللامتناهية. غيرأن تداعيات السياسة المخيفة في هذه اللحظة الحاسمة، والتي لاتقوى أي جهة بكل صراحة على حصر مفعولها لتغيير مراميها، أوحتى التفكيرفي ذلك، أبت إلا أن تلفظهم بغيرإرادتهم، وبقوة لاترحم، بعيدا عن آمالهم الكبرى، والمتعلقة بأحلامهم الخاصة - لا استجاب الله لها- ليجدوا أنفسهم في النهاية لوحدهم، وكأن التاريخ حتم عليهم أن تكون عاقبتهم السياسية كذلك، كما حُتّم ( برفع الحاء)على التاريخ نفسه أن يجرهم من الخلف بعد سقوطهم المدوي، والمفجع للاستسلام أمام اللعبة السياسية في مرحلة ضعفهم (الهوان السياسي)، وماذلك بغريب عنا، لأن السياسة علمتنا أن كل الاحتمالات المتباينة في عالمها متوقعة، حسب طبيعة التفاعلات البشرية والسياسية/ الحزبية. كما أحسسنا أيضا بأن أبرز التغيرات التي ستلحق سياستنا ستفاجئ بطبيعة الحال فئات عريضة من مجتمعنا، والتي تبقى، وستبقى على كل حال عاملا مساهما في خلق ما يحدث في هذه المرحلة التي لم يعرف مثلها مشهدنا الانتخابي من قبل؛ وإن كان بعض المتتبعين ينظرون إلى أن لا شيء سيتغيرلاحقا، لأن لا شيء تغير أصلا منذ سنوات خلت، وأن الأمور ستستمر، أوستبقى على ماهي عليها، معتقدين في ذلك أن الذين ينساقون وراء مايجري في الواقع، فيحاولون فهم ما يحيط بهم، لا ينظرون إلى الأشياء إلا بشكل سطحي، دون استحضار الوعي التام، والمؤسس على معرفة مشاهد، وعواقب انتخاباتنا على مرالتاريخ المغربي. يتبع