حجيتكم ماجيتكم... الحكواتي كتب : محمد القنور عدسة : محمد سماع لاشك في أن الحكاية هي أحد الأجناس الأدبية ذات التقليد الشفوي، رغم وجود رصيد حكواتي مكتوب. تنطوي الحكاية تحت مايسمى بالأدب الشعبي، و هي عبارة عن وحدة متعددة الدلالات. قد ترمز إلى مجتمع محدد، إلى طريقة تفكيره ومعتقداته أو إلى طبيعته النفسية الجماعية. قد تكون أيضا عبارة عن دروس في التاريخ، في الأخلاق أو فيما يمكن تسميته التربية على المواطنة في مجتمعات لا تتوفر على مدارس أو تأخر إنشاؤها. كانت متون الحكايات التي شنفنا بها مسامعنا في طفولاتنا ونشطنا بها الليالي الشتوية الطويلة أو الليالي الصيفية المقمرة، خطابا متعدد الإتجاهات، كانت كما من دروس تهدف إلى تمرير قيم ايجابية وترسيخها، مقابل محاربة السلوكات السلبية، عبر التركيز على عواقبها الوخيمة على صاحبها. ورغم تلقائية الجدات أو الأمهات، فإن حكاياتهن تنطبق على خطاب سردي يحمل في ثناياه دلالات لتحقيق وظائف تلقائية بشكل غير مباشر. وبالنسبة لزمان الحكاية وروايتها، عادة ما تروى الحكاية أثناء الليل قبل النوم، من تم تظهر العلاقة بين الحكاية واللحظات الليلية الخاصة بالمسامرة أو المؤانسة. يجتمع أفراد العائلة والأقارب أو الأصدقاء فيما بينهم في حلقة حول الراوية أو الحاكية (رغم تولي مهمة الحكي من طرف الأب أو الجد في بعض الأحيان إلا أن ارتباط الحكاية بالمرأة كان أقوى). تنطلق الرواية بمقدمة لازمة لكل حكاية “كان يا مكان... أو كان في قديم الزمان...”. ثم يستمر السرد في جو احتفالي تخلقه الحاكية بحركاتها بإيماءاتها وبتقليدها لأصوات الشخصيات الإنسانية والحيوانية التي تتكون منها الحكاية، وباعتمادها على الألفاظ الرنانة، والسجع الطري الذي يخلف وقعا موسيقيا في آذان السامعين مما يخلق تشويقا لدى المتلقي. لقد اشتهرت ساحة جامع الفنا منذ عقود بتواجد جماعة من الحكواتيين، ممن كانوا يشنفون أسماع رواد حلقاتهم بمختلف أنماط الحكي العربي والمغربي، وظلت أشهر الحكايات تتداولها الأجيال من جيل إلى جيل منها ما له علاقة بالتاريخ والصراع القبلي مثل “العنترية” و”الحمزوية” وما له علاقة بالأساطير وعوالم الجن والعفاريت على غرار الأزلية في حين كانت هناك حكايات شفوية تؤكد الحماس وتحتفل بقيم الشجاعة والشهامة مثل حكاية ذات الهمة. إلى ذلك تضمنت الكثير من الحكايات نفس تصورات الشعبية المنطلقة من المجتمع المراكشي خصوصا والمغرب على وجه العموم مثل قصة “عيشة رمادا” القريبة من حكايات سندرلا العالمية وحكاية “حديدان مديدان” وحكايات أخرى عكست تطلعات الذاكرة الجمعية في جهة مراكش تانسيفت الحوز وعبرت عن انتصاراتها وانتكاساتها، وأبرزت آلامها وآمالها. في النهاية تختم الحكاية، كما بدأت بمقدمة لازمة، بخاتمة تشكل لازمة متكررة وضرورية لكل حكاية “وهكذا مشات حكايتنا مع الواد الواد” محمد القنور