الذين يرفضون مجتمعا مغربيا ب "لا عاهرات ولا خاضعات " , هم ربما يريدون المغرب بعاهرات وخاضعات . في الحقيقة , لست متأكدا , أي المغربين سيفوز لو لجأنا لصناديق الإقتراع . في الشهور الأخيرة , رفضت الدولة المغربية الترخيص لجمعية )لا عاهرات ولا خاضعات ( بإنشاء فروع لها بالمغرب , بحجة أنها لا تتلائم مع خصوصيات وثقافة المغرب . هل يمكنني أن أفهم أن خصوصيات وثقافة المغرب مؤسسة على الدعارة والخنوع , وأن كل من يرفض الدعارة والخنوع هو يمس بخصوصية المغرب وبالأمن القومي للدولة !!! أرغدت وأزبدت أفواه الجماعات الإسلامية, وتطايرت اللعنات في كل الأرجاء على تلك النساء القادمات من بلاد العم فولتير أكثر مما تتطاير اللعنات على جارتنا العاهرة حليمة . وللحقيقة التاريخية فحليمة كانت علاقتها طيبة مع نساء الحي , أما شتائم الرجال فأظنها كانت لكسر الشك أمام زوجاتهمفي أي إمكانية ترددهم على منزلها ... حليمة إمرأة تركها زوجها منذ سنوات طويلة , مثيرة للشفقة مثلي تماما . ولا أجد مبررا حقيقيا بشكل شخصي لأن أكرهها سوى كلاكسونات السيارات التي تأتي في الهزيع الأخير من الليل أمام بيتها . إستنكر أصدقاء " لا عاهرات ولا خاضعات " الأمر ... جماعة فضيلة عمارة وسهام حبشي تندد بهذه المواقف المعادية للكرامة الإسلامية , واصفين الجماعات الإسلامية بالتخلف والرجعية والخطر على الحضارة , مع بعض الكلمات الخارجة عن السياق كطول اللحية , وأعواد الأرك , وبنلادن ... طبعا , عناصر كثيرة من الذين يتحدثون عن حقوق المرأة وعن المبادئ الإنسانية بالإمكان أن تكشف أكاذيبهم في خامس كأس ويسكي . وبين هذا وذلك أشرب كأس القهوة وفي مخيلتي تمر مقاطع لأغنية الجميلة فيروز : شو بينا , شو بينا , يا حبيبي : شو بينا ؟؟... لا أعرف حقا , لماذا تنتابني مثل هذه الأفكار في صباح جميل كهذا . لم يسبق لي أن رأيت صاحبة الجمعية فضيلة عمارة الفرنسية من أصل جزائري , أما سهام حبشي فأعتقد أنني رأيتها على صورة منشورة في إحدى الجرائد . صراحة , كانت على الصورة امرأتان , وقمت بتخمين شخصي , بمعنى أنني اخترت الأكثر أناقة . لا أعرف شيئا عن جمعية " لا عاهرات ولا خاضعات " سوى أنها تأسست 2003 , منطلقة من هامش باريس , وأن رئيستها الأولى تشغل منصبا ساميا , بالإضافة إلى بعض الأنشطة القليلة والأهداف المعلنة كالدفاع ضد تزويج القاصرات , ومناهضة العنف الزوجي , وبعض الحروب الصغيرة حولها . طبعا أعرف أن سهام حبشي جميلة وأنيقة " هذا إن لم اكن أخطأت تخميني في الإختيار بين الوجهين كما قلت سابقا " ....نساء باريس جميلات , هذا ما يردده على أذني صديقي ذو الأصل الأرميني . أظنه لو كان مغربيا , سوف يساند جمعية سهام حبشي بكل ما أوتي من قوة . لكنني بالمقابل أعرف أن مسؤولي الدولة يفكرون في نوعية جواربهم أكثر مما يفكرون في كرامة المواطن . وأن مسؤولي الحركات الإسلامية يريدون أن تبقى المرأة جارية في بيوتهم حتى يتفرغوا للتنظيم والدعوة لجمع المال في أرصدتهم البنكية . إن هؤلاء المنددون ب " لا عاهرات ولا خاضعات " فقدوا عذريتهم منذ زمن طويل ويمارسون هم أنفسهم الدعارة السياسة بأشكال أكثر فخامة . الأحزاب الإسلامية غاضبة من جمعية تسمى " لا عاهرات ولا خاضعات " . والدولة غاضبة , أو كما يبدو . لكنهم ليسوا غاضبين من الوضع المزري الذي تعيشه العاهرات , ولا يستحيون من أنفسهم وهم يقودون سياراتهم الفارهة وأسفارهم العالمية في الفنادق الفخمة في الوقت التي تمارس فيه النساء الدعارة من أجل الطعام . نعم , في المغرب عاهرات . ومن يكذب إنما يكذب على نفسه . لا يهم شيوخ الأحزاب الإسلامية أن تكون الدعارة متفشية في مجتمعنا فعلا , بل ما يهمهم أنه من العيب أن نتحدث عن ذلك . أليس هذا ما يسمونه النفاق ؟؟؟ نعم , عندنا نساء يمارسن الدعارة , وعندنا نساء لا يمارسنها وينعتن بها , وعندنا نساء خاضعات , وعندنا من يريدهن خاضعات لاستغلالهن . هل بإخفاء المشاكل وعدم الحديث عنها سنحلها ؟؟؟ إن كل تلك الضجة حول موضوع الترخيص للجمعية من عدمه هو فقط حول الشكل وليس المضمون . فقط لأن إسم الجمعية صادم وواضح . لكنهم ماذا أرادوا من فضيلة عمارة أن تسمي جمعيتها ؟؟ إنها وضعت الإسم الذي أرادت أن تناضل من أجله . هل النضال من أجل أن يكون النساء غير عاهرات وغير خاضعات أمرا هجينا ؟؟ إن موقف الدولة أو الجماعات المناصرة أو المعادية ينبغي أن ينبنى على أفعال وممارسات الجمعية على الواقع وليس بناء على وضوح الإسم أم عدمه . إن رفض الدولة للترخيص حسب وضوح الإسم الذي يدافع عن الكرامة ليس صائبا , فهم لم يضعوا جمعية إسمها : من أجل عاهرات ... أنا لا أدافع عنهن , لأنني لا أعرف شيئا أكيدا عن الجمعية . لكنني لا أهاجمهن فقط لسماعي بعض النميمة من طرف بعض الشيوخ . للشيوخ مصالحهم أيضا , خاصة إذا ارتبطت بالشيخات . كما لفضيلة عمارة وسهام حبشي طريقهم . علينا أن نعرف بداية . أما أنا فلا يهمني الموضوع .