يلجأ الشباب المغاربة بشكل متزايد إلى الكتابة على الجدران للتعبير عن رفضهم للواقع، وقد أضحى الأمر بمثابة موضة تطال مواضيع سياسية وخدمات المرافق العمومية، أما الجهات الرسمية فتتعامل مع هذه الكتابات حسب مضامينها. محمد س.، طالب صحراوي من مدينة العيون، من المهتمين بالكتابة الحائطية. كتب محمد مؤخرا على حائط الحي الجامعي السويسي الأول بالرباط عبارة "لا بديل عن تقرير المصير في الصحراء الغربية "، يقول محمد إن الكتابة على الجدران هي بالنسبة له وسيلة للتعبير ورسالة موجهة إلى الحكومة المغربية، وأضاف بأنه يلجأ إلى ذلك لأن الجرائد المغربية أو القنوات الرسمية ترفض تبليغ محتوى رسائله السياسية. وحسب محمد لم تمر على كتابة عبارته أعلاه سوى ساعة ونصف حتى أقدمت السلطات الأمنية على محوها. يونس، بدوره طالب بمعهد التكنولوجيا التطبيقية بالرباط ، كتب على حائط بجوار بلدية مقاطعة يعقوب المنصور بالرباط: "اقضوا أغراض الناس بدون رشوة ". وجاءت كتابته هذه كما قال كرد فعل على "طلب أحد موظفي البلدية منه رشوة مقابل تسريع انجاز وثائقه ". من الملاحظ أن الكتابات على الجدران تتسع مع تنامي مشاكل الشباب والعاطلين على العمل. وقد أصبحت متفشية في أغلب المرافق العمومية التي تعرف تقصيرا في التدبير والتسيير. وبدوره يتسع مضمون هذه الكتابات ليشمل مختلف القضايا السياسية والاجتماعية كنوع من التمرد على الواقع الحالي. ويصف الدكتور أبو بكر حركات الأخصائي والطبيب النفساني في حوار مع دوتشيه فيله الكتابة على الجدران بأنها تعبير عن "تمرد الشباب والمراهقين على واقعهم الاجتماعي والتربوي وعدم رضاهم عنه ". واعتبر أبو بكر، أن هذا النوع من التعبير عن الرأي يخص الشباب، لاسيما الذين لا تتوفر لديهم إمكانيات للتعبير عن أرائهم في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى، مما يدفعهم للجوء إلى الكتابة الحائطية". وأوضح المتحدث ذاته، أن هذه الأساليب تعرف بطريقة "رد الفعل سواء كان شعوريا أو لاشعوريا، فأضحينا نعرف كيف ينتقم التلميذ من معلّمه، والمريض من طريقة تعامله في المستشفى". وأضاف بأن معالجة الكتابات من هذا القبيل تتم في غالب الأحيان من قبل رب العمل. أما السلطات الرسمية فتتعامل مع هذه الكتابات بنوع من الصرامة في بعض الأحيان، ويرى عزيز تابت المحامي بهيئة الرباط في حوار مع دوتشيه فيله أن المساس بالمقدسات المتعلقة ب "النظام الملكي أو الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو "، من خلال الكتابات يعرض كاتبها للعقوبة حسب القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب بالحبس وبالغرامة المالية، في حق كل من يمس الملك وغيره من المحرمات. وأوضح تابت أن الكتابات التي تمس المحرّمات تعد حسب القانون من تهم " السب والقذف والتشهير"، وأضاف بأن العقاب يبقى مرتبطا بطريقة التشهير ومدلولها في المغرب، وبرأيه يبقى "الاجتهاد القضائي من حق القضاة على صعيد تحديد عقوبة السجن والغرامة المالية"، وبحسب المحامي، فقد حضر نفسه محاكمة أحد المتهمين بسب للملك، وتمت إدانته من قبل المحكمة بالسجن لمدة ستة أشهر ودفع غرامة مالية. رغم عقوبات كهذه يرى أبو بكر حركات بأن هناك حرية تعبير أفضل مقارنة مع " فترة سنوات الرصاص بالمغرب"، وهو توصيف لعهد الراحل الحسن الثاني الذي عرف بانتهاكات جسيمة حقوق الإنسان، وقال أبو بكر بأنه تم في السابق معاقبة يساريين كانوا يريدون قلب النظام بسبب كتابات على الجدران، أما اليوم فيتم التغاضي عنها في بعض الأحيان على أساس أنها نوع من هامش حرية التعبير في المغرب. وفي السياق ذاته، قال أفراد في الأمن المغربي بالمنطقة الأولى الأمنية بالرباط، أنه في حالة وجود كتابات حائطية تمس الأمن العام للبلاد، "توجه لنا التعليمات كي نقوم بمسحها فورا"، وهناك انتشار ملحوظ للكتابات التي تنتقد النظام المغربي، وتطالب بالاستقلال الذاتي للصحراء المغربية".