رغم تشبث المغاربة بمبدأ رفض التطبيع مع الكيان العبري، ورغم الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها آلة القتل الإسرائيلية في حق نشطاء السلام على متن أسطول الحرية، يصر منظمو مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، وضدا على مشاعر كل المغاربة ، على استضافة موسيقيين من إسرائيل فيما يبدو وكأنه تطبيع فني مع كيان رائحة جرائمه أزكمت أنوف العالم. وسيشهد مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة مشاركة أربعة عازفين من إسرائيل، رغم تعالي بعض الأصوات التي تنادي بمنع هذه المشاركة، مما قد يشكل إحراجا للجهة المنظمة، خصوصا مع حالة الغليان التي يشهدها العالم استنكارا لمجزرة أسطول الحرية. يحدث هذا في المغرب البلد الذي يدعي ساسته أن قضية فلسطين هي قضية كل المغاربة حكومة وشعبا، هؤلاء الساسة الذين حرصوا على الظهور في الصفوف الأولى لمسيرة الغضب في الرباط في مزايدة واضحة ونفاق مقرف. في حين نجد في بلد كفرنسا أنه تم منع عرض فيلم إسرائيلي بالقاعات السينمائية. حيث رفضت سلسة قاعات عرض "يوتوبيا" الفرنسية التي تضم 6 قاعات، عرض الفيلم الإسرائيلي "على بعد 5 ساعات من باريس" للمخرج ليون برودوفيسكى، لأسباب اعتبرتها أخلاقية، في أعقاب المجزرة الإسرائيلية لأسطول الحرية التي كانت في طريقها إلى غزة محملة بمساعدات إنسانية للفلسطينيين. وأعربت مسئولة عن قاعات يوتوبيا، عن الفزع من سلوك وتصرفات إسرائيل والعنف الذي أقدمت عليه، وبالتالي فإن السلسلة قررت التعبير عن اعتراضها على ما حدث بمنع عرض الفيلم الإسرائيلي في قاعاتها. وقالت الشركة الموزعة للفيلم "مومينتو فيلم" أنها تلقت بالفعل رسالة من قاعات يوتوبيا تفيد بأنها لم تعد ترغب في عرض الفيلم الذي كان مقررا له أن يعرض اعتبارا من 23 يونيو الحالي، لأن هذا الأمر يمثل مشكلة أخلاقية بالنسبة لها في أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي على القافلة الإنسانية. يا للعجب!! فرنسا يمثل لها عرض فيلم إسرائيلي مشكلة أخلاقية بسبب مجزرة أسطول الحرية، رغم أنها دولة علمانية وما يربطها بإسرائيل أقوى مما يربطها بالفلسطينيين، في حين أن المغرب دولة أمير المؤمنين و المتبجحة بمساندة فلسطين لا تجد ضيرا في استضافة إسرائيليين!! عموما تبقى القاعدة الفقهية الشعبية "في المغرب لا تستغرب" هي الأمر الأوحد الذي يمكننا من فهم هذه المفارقات. كما أن دولة فتحت أحضانها يوما للسفاحة ليفني و استقبلت مواطنيها الأبطال الناجين من مجزرة أسطول الحرية بالعسكر ومنعت أفواج المواطنين من الالتحاق بمسيرة الرباط المساندة لضحايا المجزرة، يمكن توقع أي شيء منها.