أحدث تداول التقنيات الإعلامية الحديثة في المغرب ثورة في وسائط التواصل، دفعت بشباب إلى تأسيس مدونات كفضاء جديد للتعبير السياسي وغيره. ولقي الوسيط الجديد نجاحا باهرا خصوصا وسط شرائح معينة من المغاربة، ما مهد لإحداث جمعية المدونين المغاربة التي حصلت على اعتراف رسمي من قبل الدولة وانتخبت هياكلها التنظيمية، واستطاعت أن تجمع شمل العديد من المدونين الشباب إلا أنها عرفت في الآونة الأخيرة بعض التضييق والخناق بسبب نشر مقالات اعتبرت "خرقا للقانون المغربي". المدونات أداة لكشف التزوير في الانتخابات يقول رئيس جمعية المدونين المغاربة سعيد بنجبلي إن الهدف من التدوين هو دعم وتشجيع الإعلام الرقمي الجهوي والمحلي والوطني، وأضاف في حديث لدويتشه فيله أن الجمعية "تسعى إلى ربط المدونين بعضهم بالبعض، وتكوين رواد الانترنيت وتدريبهم على تقنيات الإعلام والتواصل". و من الأهداف الرئيسية للتدوين يضيف رئيس جمعية "ترسيخ مبادئ الحريات الأساسية وحقوق الإنسان وحس المسؤولية تجاه المجتمع والرأي العام المغربي". وفي مقارنة لتأثير المدونات السياسية بوسائل الإعلام التقليدية المغربية يقول رئيس الجمعية "إن للمدونات تأثير في الرأي العام "خصوصا لدى الشباب الذي يهجر القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية إلى شبكة الانترنيت مما يشكل انعكاسا حقيقيا لدور المدونات في تقريب الآراء والأخبار للرأي العام"، وعزا بنجبلي تزايد اهتمام الشباب هذا إلى "ضعف الإعلام في تعاطيه لموضوعات رئيسية تخص التنمية البشرية والشأن العام في المغرب" . ويشير رئيس الجمعية إلى أن المدونين يلعبون دورا متزايدا في الشأن السياسي المغربي من خلال "تدوين أخبار الانتخابات الجماعية الماضية التي جرا في شهر يونيو/ حزيران 2009 ، حيث نشر المدونون أخبار المفسدين الذين قاموا بتزوير الانتخابات" وهو ما لقى إقبالا كبيرا من قبل المتلقين، وقام العديد منهم بتتبع كل الأخبار ونشرها على صفحاتهم مما زاد من بلورة معرفة الدور الذي يقوم به المدون ،كما تتناول هذه المدونات موضوعات التنمية البشرية بالمغرب. "2009 كانت سنة سوداء للمدونين المغاربة" كانت الفترة الأخيرة لدى المدونين المغاربة فترة حزن على زملائهم الذين يقضون عقوبات بالسجن النافذ، بسب نشر مقالات ذات طابع سياسي في مدوناتهم، جرتهم إلى المحاكم وردهات السجون. واعتبر مصطفى البقالي نائب رئيس جمعية المدونين المغاربة وأمين عام الشبكة العربية لحريات الانترنيت الذي يوجد مقرها في بيروت في حديث لدويتشه فيله "إن سنة 2009 كانت سنة سوداء بالنسبة للمدونين بالمغرب ،وأضاف أن حجم التضييق وصل إلى الاعتقال في السجون وفرض غرامات مالية ثقيلة. وأكد المدون المغربي البقالي أن "المغرب يتوفر على حرية تعبير وحقق انجازات في هذا المجال، إلا أن بعض الجهات في المغرب يضيق صدرها عندما يتزايد أكسجين الحرية واعتبر البقالي أن هذه الجهات لاؤتمن بالديمقراطية وتكره الاختلاف خوفا على مصالحها. واعتبر البقالي أن الحرية المقترنة بالتزام أخلاقيات التدوين يؤمن بها المدون الحقيقي الذي يعكس الصورة "بكل شفافية وبعيدا عن السب والقذف والشتم". وفي سياق المحاكمات التي تعرض لها عدد من المدونين ، أدانت المحكمة الابتدائية بكلميم المدون البشير عزام، الناشط الطلابي وعضو حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارضبأربعة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية عقب نشره لمقال في مدونته السياسية يدعو فيه الأجهزة الأمنية إلى الإفراج عن طلبة اعتقلوا بعد وقفة طلابية سلمية في بلدة تغجيجت (الواقعة حوالي200 كلم جنوب أغادير)، وقضى شهرين حبسا نافذا قبل أن تخفض محكمة الاستئناف الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية . واتهم عزام بنشر معلومات تسيئ إلى سمعة المغرب في مجال حقوق الإنسان. ولايزال المدون ابوبكر اليديب وراء القضبان في السجن بعد نشره مقالا عن الأحداث الطلابية بتغجيجت ويقضي عقوبة حبسية لمدة ستة أشهر. "هل هناك حاجة لميثاق يقنن الإعلام الإلكتروني؟ و في هذا السياق دخلت منظمات حقوقية على الخط، بعد حبس المدونين بكلميم، واعتبر المركز المغربي لحقوق الإنسان أن اعتقال المدون البشير حزام وصاحب نادي الانترنيث عبد الله بوكفو عقب مظاهرات طلابية هو "تضييق على الحريات الأساسية التي يكفلها الدستور المغربي وتضمنها كافة المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب".وطالبت الهيئة الحقوقية بإطلاق فوري للمدونين. وقال خالد الشرقاوي رئيس المركز المغربي لحقوق في حديث لدويتشه فيله "إن المشكل المطروح بالنسبة للمدونين هو عدم وجود قانون في المغرب ينظم مهنة التدوين مما يفتح تأويلات عديدة للقضاء" وأضاف أن المحاكمات في قضايا التدوين لا تتم وفقا لقانون الصحافة المغربي . وقال خالد الشرقاوي من المفروض أن يتمتع المدونون بالحرية في التعبير في إيصال المعلومة الحقيقة ،وأكد انه "لا يجوز للمدونين الإساءة للآخرين من خلال السب والقذف" وأكد أن المركز المغربي لحقوق الإنسان يطالب "بالانكباب على إعداد ميثاق يقنن المجال الاليكتروني ويحدد مجال المسؤوليات متوافق عليه" من قبل كل الأطراف المعنية مع احترام الحق المقدس في المعلومة ونشرها . مراجعة: حسن زنين Deutsche Welle