يشكل اختيار المغرب لاحتضان الذكرى الأربعين ليوم الأرض والبيئة، والذي يتزامن مع 22 أبريل، اعترافا دوليا صريحا بمجهودات المملكة التي جعلت من قضية البيئة رهانا استراتيجيا من خلال إطلاق عدد من الأوراش الكبرى في هذا المجال وعلى رأسها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة. ويأتي الاحتفال بهذا اليوم، الذي أسس له الأمريكي كيلورد نيلسن، عضو مجلس الشيوخ بولاية وسكنسن سنة 1970، ليشكل نقطة انطلاق الحركة البيئية العصرية بالولايات المتحدةالأمريكية، والتي قطعت على نفسها عهدا بتخليد هذا اليوم سنويا من خلال تنظيم تظاهرات ثقافية وبيئية، والقيام بمبادرات تروم الحفاظ على المنظومة البيئية والتحسيس بأهميمتها. كما يمثل هذا الحدث الكوني مناسبة يشارك في تخليدها أزيد من مليار مشارك وحوالي 17000 فاعل جمعوي يمثلون 184 بلدا مشاركا، يقومون خلاله بأنشطة تروم رفع الرهانات البيئية العالمية. + الرباط ...التكنولوجيا في خدمة البيئة بامتياز+ لم يكن اختيار مدينة الرباط، على غرار واشنطن ونيويورك وبوينوس أيرس وطوكيو وكالكوتا، اعتباطيا، فهذه الحاضرة تعد إحدى المدن الرائدة على صعيد المملكة في مجال حماية البيئة وتتوفر على مساحات شاسعة من الفضاءات الخضراء (نزهة ابن سينا، نزهة حسان وحديقة التجارب النباتية...) على سبيل المثال لا الحصر، كما يشكل الحزام الأخضر الذي يحيط بالمدينة من الجهة الجنوبية "رئة طبيعية" تساهم في التقليص من مستوى التلوث. وفي نفس المنحى، سيمكن مشروع تهيئة ضفتي وادي أبي رقراق من حماية المنظومة الإيكولوجية للنهر وكذا العمل على إدماج مدينتي الرباطوسلا اقتصاديا، فضلا عن أن من شأن تزويد المدينة بنظام "الترامواي" الحد من مستوى التلوث وتسهيل انسيابية حركة السير بين العدوتين. الأمر ذاته ينطبق على برنامج إنتاج الطاقة بتثمين الغاز بمطرح الولجة بمدينة سلا، لتصبح بذلك التكنولوجيا في خدمة البيئة بامتياز. +التزام ملكي وإشادة دولية بانخراط المغرب بيئيا + وفي هذا الاطار، أشادت مديرة الوكالة الأمريكية لحماية البيئة ليزا جاكسون، خلال مؤتمر صحفي عقد مؤخرا بواشنطن، بانخراط المغرب في النهوض بالطاقات المتجددة، منوهة بعزم المملكة على إرساء اقتصاد أخضر، وواصفة إطلاق المغرب للميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة ب"المبادرة المنفتحة والشمولية". وفي نفس السياق، رحبت وسائل الإعلام الأجنبية باختيار المغرب لاحتضان الاحتفالات المخلدة لهذا الحدث، لتكتب مجلة (واشنطن ديبلومات) الأمريكية أن اختيار الرباط يكرس المغرب كبلد "يعطي النموذج" في مجال البيئة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأبرزت هذه المجلة الشهرية أنه "على الصعيد الدولي، تعطي المملكة النموذج بفضل التزام جلالة الملك بجعل المغرب بلدا يحترم البيئة وتحويل عاصمة المملكة العريقة إلى مدينة خضراء". كما يتجسد هذا الانخراط في إعداد المغرب لمشروع الطاقة الشمسية الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس بوارزازات، وكذا مصادقة المغرب على عدد من الاتفاقيات الدولية في مجال حماية البيئة، منها على الخصوص المعاهدة الاطار لاتفاقية الأممالمتحدة بشأن التغيرات المناخية سنة 1995 ومعاهدة الأممالمتحدة للتنوع البيولوجي، وكذا معاهدة الأممالمتحدة لمحاربة التصحر 1996. +الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة.. عقد اجتماعي في المجال البيئي+ بتعليمات سامية من جلالة الملك، تم تكليف لجنة وطنية مكونة من قطاعات حكومية مختلفة بإعداد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة. ولقد تمت بلورة هذا المشروع المجتمعي الأخضر، الذي تطلب مساهمة وانخراط جميع المواطنين، بعد تنظيم لقاءات تشاورية جهوية، تم خلالها الانصات إلى تصورات وأفكار كافة الفاعلين المؤسساتيين والمحليين والجمعويين بهذا الخصوص. + برنامج حافل ومتنوع للاحتفاء بهذه التظاهرة + يتميز برنامج الأنشطة المخلدة ليوم الأرض لهذه السنة بتنوعه وغناه. وهكذا تم تخصيص يومي 17 و18 من أبريل الجاري لل"مشاركة"، حيث ستشارك خلالهما جميع الجهات الفاعلة في المجتمع من مؤسسات عمومية وفاعلين جمعويين ومؤسسات خاصة، فضلا عن الأفراد في هذا الاحتفال، من خلال القيام بأنشطة ميدانية و تحسيسية لفائدة المواطنين وإنجاز العديد من الأعمال التطوعية بالشواطئ والحدائق والغابات، بهدف تحقيق الهدف المتوخى من هذه التظاهرة (مليار نشاط أخضر عبر العالم) لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وحماية البيئة. فيما سيتم خلال "يوم الالتزام" الذي يوافق 22 أبريل، تقديم السلطات العمومية والمؤسسات الخاصة والجمعيات والمواطنين لالتزام من أجل العمل جميعا لحماية البيئة والتنمية المستدامة. وستتوج هذه التظاهرة البيئية العالمية يوم 24 أبريل "يوم الاحتفال" بإقامة احتفالات تحضرها شخصيات وطنية ودولية ملتزمة بحماية البيئة والدفاع عن مبادئ "الجيل الأخضر". كما سيقوم المجلس الجماعي لمدينة الرباط، بالمناسبة، بتنظيم مباراة لفائدة ساكنة العاصمة، وذلك لاختيار أحسن لوحة إشهارية تعبر عن احتفالية يوم الأرض. وسيعرف هذا اليوم الختامي أيضا إقامة تظاهرة فنية بحي السويسي بالعاصمة تجمع في جو احتفالي، فنانين مشهورين مغاربة وأجانب سيؤدون أغنية "يوم الأرض" ،بحضور شخصيات من مشارب سياسية وفكرية وثقافية مختلفة، إلى جانب ناشطين في مجال حماية البيئة ، فضلا عن تنظيم فضاء إيكولوجي في ساحة الوداية (ما بين 18 و 25 أبريل). من المؤكد أن احتضان المغرب للاحتفال بذكرى يوم الأرض تشكل فرصة لا يجب تفويتها من أجل جعلها محطة للقطيعة مع السلوكيات "عدوة" البيئة، والدخول في مرحلة يبرهن خلالها المغاربة عن وعيهم بأهمية الرهانات والتحديات البيئية المطروحة على المغرب، عبر تبني سلوكيات مسؤولة إزاء البيئة تروم الحفاظ على الموارد الطبيعية للمملكة وفق منطق التنمية المستدامة. كما يمكن لهذا الحدث البارز أن يشكل محطة "تدريبية" تهيئ المجتمع المغربي للتعامل بشكل إيجابي ومسؤول مع مضامين الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة.