اتسع دور الجمعيات على المستوى الوطني والدولي، إذ أصبحت تساهم بدور أساسي في توسيع أفق النقاش البيئي للتحسيس بالأخطار التي تتهدد البيئة، خصوصا بعدما أصبحنا مهددين بتفاقم حدة التلوث وتدهور البيئة واختلال توازناتها، مما أصبح يفرض على فعاليات المجتمع المدني، ضرورة القيام بثورة بيئية عالمية عاجلة. وبرز دور جمعيات حماية البيئة لأول مرة منذ سنة 1972 تزامنا مع مؤتمر استوكهولم وتأسيس منظمة الأممالمتحدة للبيئة (يونيب)، وجاءت قمة ريو عام 1992لتضع الأجندة 21 للبيئة والتنمية في العالم لعشر سنوات قادمة وخصص فيها الفصل 27 لتعزيز دور المنظمات غير الحكومية بعنوان: شركاء من أجل التنمية المستدامة, وظهر فيما بعد منتدى عالمي للمجتمع المدني يسبق المؤتمر العالمي السنوي لوزراء البيئة ويقدم له اقتراحاته وتقريره حول المواضيع المدرجة على جدول أعماله، لتجدد قمة جوهانسبورغ عام 2002 التأكيد على دور المجتمع المدني في وضع وتطبيق ومراجعة سياسات واستراتيجيات التنمية المستدامة على مختلف مستويات صنع القرار. ولم تكن الجمعيات الخضراء بالمغرب غير معنية بهذا التحرك الجمعوي من أجل الطبيعة، بل إنها كانت ولازالت السند الذي تعول عليه المؤسسات الحكومية في العمل على حماية البيئة وتوعية المواطنين بالحفاظ عليها. وما اختيار المغرب لاحتضان الذكرى الأربعين ليوم الأرض والبيئة، إلا نتيجة لعمل مضن لا ينقطع لفعاليات جمعوية. كما يعد هذا التتويج اعترافا دوليا صريحا بمجهودات المملكة المغربية وبجمعياتها التي كتبت أهدافها باللون الأخضر وجعلت من قضية البيئة رهانا استراتيجيا من خلال مساهمتها في عدد من الأوراش البيئية الكبرى وعلى رأسها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة.. ويأتي الاحتفال بهذا اليوم، الذي كان قد أسس له الأمريكي كيلورد نيلسن، عضو مجلس الشيوخ بولاية وسكنسن سنة 1970، ليشكل نقطة انطلاق الحركة البيئية العصرية بالمغرب تساهم في الدفع بعجلتها الفعاليات الجمعوية من خلال تفعيل مواثيق وأهداف الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة والذي تم إعداده من طرف لجنة وطنية مكونة من قطاعات حكومية مختلفة بتعليمات سامية من جلالة الملك، حيث تمت بلورة هذا المشروع المجتمعي الأخضر، الذي تطلب مساهمة وانخراط جميع المواطنين، بعد تنظيم لقاءات تشاورية جهوية، تم خلالها الإنصات إلى تصورات وأفكار كافة الفاعلين المؤسساتيين والمحليين والجمعويين بهذا الخصوص.. وبما أن بلادنا أضحت تخطو بخطى ثابتة نحو الرقي بمستوى موروثنا البيئي و أصبحت تعتمد في خططها الرامية إلى المحافظة على البيئة على مناهج الحركة البيئية العصرية ، فإن على فعاليات المجتمع المدني أن تواكب بشكل أكبر هذا التطور وتسايره من خلال تجويد استراتيجيات عملها في هذا الإطار. كما على السلطات المحلية والحكومية والجماعية أن تعمل على الأخذ بيد هذه الجمعيات وجعلها شريكا أساسيا فاعلا في عملية تصريف أهداف الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة. فجمعياتنا بمن فيها الجمعيات الخضراء رغم تلك الثورة التي أشرنا إليها ورغم ما تقوم به من مجهودات جبارة إلا أن أغلبها مازالت تعرف نوعا من الهشاشة في نشاطها بسبب حداثتها وضعف خبرتها. كما أن الجمعيات البيئية بالمغرب ما تزال تقتصر على النخب التي تسكن المدن والمتأثرة بالثقافة الغربية ، و تفتقد إلى القواعد الشعبية ولم تصل إلى الناس لاسيما في البوادي و القرى إذ لم تبني هذه الجمعيات جسور التواصل مع سكان هذه المناطق. وتواجه هذه الجمعيات كذلك تحديات عديدة منها عدم وجود قوانين مرنة وضعف الاستدامة المالية والاعتماد على التمويل الخارجي وغياب الثقة الكاملة مع المجتمع وضعف التشبيك بينها وفي ذات الوقت فإنها تشكو من ضعف قدراتها الإدارية وغياب المتخصصين عنها لكونها حديثة العهد. وللخروج من هذه التحديات فإن على الفاعلين في مجال تأهيل العمل الجمعوي، نشر ثقافة التطوع وتكوين الاستدامة المالية وتعزيز الثقة مع المجتمع وإقامة شبكات محلية ووطنية وتنمية قدرات الجمعيات وتمكينها من أخذ دورها وتعزيز وتنمية معارفها في شؤون البيئة، حتى تستمر في تكريس نشاطها الرامي إلى جعل المغرب بلد الماء والخضرة. [email protected]