قدم السيد نور الدين بلحداد، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس، اليوم الأربعاء بالرباط، إصداره الجديد الذي يحمل عنوان "التسرب الإسباني إلى شواطئ الصحراء المغربية 1860 - 1934". ويتكون الكتاب من خمسة فصول ومن ملحق غني بالوثائق التاريخية والديبلوماسية يتم نشرها لأول مرة حول تاريخ الصحراء، إضافة إلى ملحق خاص بالأعلام البشرية والحضارية. وتناول الأستاذ بلحداد، في كتابه، أبرز مظاهر التسرب الاستعماري الإسباني للأقاليم الصحراوية، ومختلف الأدلة والحجج الدالة على تشبت القبائل الصحراوية بانتمائها للمملكة المغربية خلال جميع المنعطفات التي مرت بها المنطقة. وفي مداخلة خلال لقاء حضره ثلة من المفكرين والباحثين والجامعيين، قال السيد بلحداد إن هذا الإصدار، الذي تطلب منه 25 سنة من البحث المتواصل، والذي قاده إلى سبر أغوار مجموعة من دور الأرشيف والمكتبات بمجموعة من الدول كبريطانيا وفرنسا وإسبانيا، يحتوي على وثائق مهمة لا تدع مجالا للشك حول مغربية الصحراء، من قبيل ظهير السلطان مولاي الحسن الذي عين بموجبه الشيخ ماء العينين خليفة له على مجموع تراب الأقاليم الصحراوية. وأوضح السيد بلحداد أن الاحتلال الإسباني للأقاليم الصحراوية لم يعد أن يكون "تسربا محدودا" اقتصر على بعض المراكز الساحلية، حيث لم يستطع الإسبان عبر مختلف المحطات التي مر بها احتلالهم لسواحل الصحراء، التوغل ضمن نطاق نفوذ القبائل الصحراوية، نتيجة المقاومة الشرسة التي واجههم بها أبناء هذه الربوع تحت قيادة الملوك المغاربة. وأشار إلى أن مختلف القوى الاستعمارية التي حاولت احتلال الصحراء اعتبارا لموقعها الجغرافي وثرواتها السمكية الكبيرة، حاولت بجميع الأساليب المتاحة إغراء شيوخ القبائل الصحراوية من أجل تيسير توغلها داخل هذه الأقاليم، غير أنهم رفضوا بشكل قاطع أي شكل من أشكال المساومة حول انتمائهم للمملكة المغربية. وأوضح السيد نور الدين بلحداد أن شيوخ القبائل الصحراوية دأبو على استشارة السلطان في جميع الأمور المتعلقة بالنفوذ والعلاقات مع القوى الأجنبية عبر المراسلات التي كان يتم إرسالها باسم السلطان. وفي سياق آخر، قال السيد بلحداد إن إصداره الجديد تناول مجموعة من الشهادات التي تدل على الارتباط الحضاري والثقافي بين شمال المغرب وجنوبه، مستشهدا بإصدر السلطان مولاي عبد العزيز أمره بتشييد قصبة السمارة وفق معمار مغربي أصيل، بطلب من وفد صحراوي قام بزيارة لمراكش بغية تجديد البيعة. وأضاف أن الحملات الاستعمارية الإسبانية التي تعاقبت على احتلال الأقاليم الصحراوية، حاولت بكل الأشكال المتاحة تهجين القبائل الصحراوية وإخضاعها لسلطة الحكم الإسباني عبر مجموعة من الوسائل، من قبيل محاولة منح الجنسية الإسبانية لأبناء هذه المناطق، وهو الأمر الذي وقف أبناء الصحراء في وجهه معتبرين أنهم رعايا المملكة المغربية.