أكد المتدخلون خلال مائدة مستديرة اليوم الخميس بالرباط، حول موضوع "الإسلام والتطرف" أن معالجة ظاهرة التطرف تتطلب اعتماد مقاربة تقوم على فهم الآخر واحترام الاختلاف. وأبرز المتدخلون خلال اللقاء، الذي نظمه معهد التنوع الإعلامي بشراكة مع مجلة (نوافد)، أن التطرف لا يقتصر على بلد أو دين معين، بل يعد ظاهرة عالمية تطال جميع المناطق والديانات. وفي هذا السياق، ركزت المديرة التنفيذية لمعهد التنوع الإعلامي السيدة ميليسا بيسيتش على الحاجة إلى مبدإ فهم الآخر المختلف، بغض النظر عن دينه أو جنسه أو عرقه. وأضافت أن وظيفة المعهد الأساسية تتمثل في التطرق لمواضيع متعددة تشمل، بالخصوص، الآخر والتطرف والديمقراطية. من جهته، تطرق السيد سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية إلى مطاطية مفهوم التطرف الذي يختلف تعريفه باختلاف السياق، مسجلا أن التطرف المولد للعنف يوجد في جميع المجتمعات. وأكد أن معالجة ظاهرة التطرف لا يمكن أن تتم بواسطة آليات متطرفة تؤدي بدورها إلى نتائج عكسية على المدى القريب أو المتوسط والبعيد، مميزا بين إرهاب الأفراد أو المجموعات من جهة، وإرهاب الدول الذي يعد أخطر الأنواع حسب السيد العثماني، لكونه محميا بالسلطة. من جهته، تطرق السيد غفار حسين، مسؤول بالمؤسسة البحثية البريطانية (كويليام) لمكافحة التطرف، إلى ظاهرة التطرف في الغرب، من خلال نموذج الجيل الثاني من المهاجرين الذي يتعرض للإقصاء المزدوج من قبل الثقافة الأصلية وثقافة البلد المضيف. واعتبر أن الإقصاء ساهم في خلق مجتمعات تعطي أهمية للبعد الديني داخل الهوية والتمييز بين عالمي الإسلام والغرب، مشيرا إلى أن المجموعات المتطرفة أقل نجاحا في الولاياتالمتحدة مقارنة مع أوروبا، وذلك بالنظر إلى تنامي الإحساس بالانتماء لدى المسلمين داخل الولاياتالمتحدة. ومن جهته، أبرز السيد أحمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية ضرورة بحث المجتمع الدولي عن سبل للتعايش بمنظور آخر، مؤكدا أن الآلة الأمنية والقضائية غير كافية لمعاجة مشكل التطرف. وأشار إلى أن أسباب التطرف ترجع إلى ظروف الاستبداد التي تسود المجتمع الدولي من جهة، والمشاكل المرتبطة بفهم الدين في المجتمعات الإسلامية من جهة أخرى. أما الصحافي عبد الصمد بنشريف، فقد اعتبر أن الجانب الإعلامي الذي لا يتم استغلاله بالشكل العقلاني، من شأنه السقوط في مطبات قد تسوق قيم وخطابات تدور في فلك التطرف. وقال إن العديد من وسائل الإعلام تلعب دورا في تأجيج وشحن عقول الشباب من أجل تحضيرهم للتشبع بقيم التطرف، مؤكدا ضرورة اعتماد الإعلام الوطني لاستراتيجية من أجل التعاطي مع ظاهرة التطرف والتصدي لها. وركزت باقي المداخلات على ضرورة إعادة قراءة النصوص الدينية على ضوء المعطيات الراهنة، واعتماد منهج الاجتهاد الديني، وكذا أهمية اعتماد مقاربة متعددة الأطراف تشمل السياسة والعلوم الاجتماعية والحقوق والفقه.