أكد المشاركون في الندوة الوطنية حول " الصحراء المغربية، ورهانات الحكم الذاتي" أمس الثلاثاء بمراكش أن الجهوية الموسعة تعتبر حلا سلميا للتعامل مع ملف الصحراء المغربية و بناء مغرب ديمقراطي تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأوضح ممثل النخب الأكاديمية الصحراوية السيد عبد القادر ابرهوما في كلمة له خلال هذه الندوة التي تنظمها كلية الحقوق التابعة لجامعة القاضي عياض يومي 23 و24 مارس الجاري بمراكش بمشاركة حوالي 250 باحث وأستاذ جامعي وأكاديمي، أن صاحب الجلالة يريد أن يخرج المغرب بجدية صادقة من معيقات السياسة المركزية الموحدة الى إيجابيات مغرب اللامركزية القائمة على الجهوية الموسعة أو نظام الحكم الذاتي. وأضاف أن سياسة اللامركزية والجهوية أصبحت إحدى أهم الأسس التي تتميز بها الأنظمة المعاصرة بل إنها أضحت مكونا رئيسيا لهذه الأنظمة، إلا أن درجة الأخذ بها تختلف من دولة لأخرى تبعا لخصوصيات كل بلد، مشيرا الى أن الجهوية السياسية تعتبر أقصى درجة اللامركزية في إطار الدولة الموحدة دون الوصول الى مستوى الدولة الفيدرالية. ولاحظ أن الاستراتيجية الأساسية للمغرب في تكريس وحدته الترابية تكمن في تطوير مشروعه الديمقراطي المرتكز على الجهوية، التي ينبغي تفعيلها على أرض الواقع من خلال تمكين الصحراويين، وكذلك باقي سكان المملكة، من أجهزة تمثيلية ذات اختصاصات فعلية وإمكانات مالية تسمح لها بالتدبير المحلي الفعلي انطلاقا من الخصوصيات التي تتمتع بها. وقال إن الجهوية الموسعة تستند في بنائها السياسي والدستوري الى مجموعة من المرتكزات الضرورية التي تساهم في خلق الديمقراطية الحقيقية وانتعاش الحريات العامة وسريان فكر حقوق الانسان وتعزيز منطق الحوار والنقاش البناء، مشيرا الى أنه لا يمكن تحقيق الجهوية الموسعة إلا بتطبيق المقاربة التشاركية والإبداعية وتشجيع الابتكار والانطلاق من خصوصية المملكة المغربية باعتبارها أعرق الأنظمة الملكية في العالم. ومن جهته أكد ممثل اللجنة التنظيمية السيد محمد بن طلحة الدكالي أن هذا اللقاء العلمي الأكاديمي الأول من نوعه في المغرب، يشارك فيه نخبة من الباحثين الجامعيين الذين ينتمون الى الأقاليم الجنوبية اقتناعا منهم بالدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه هذه النخبة في الدفاع عن الهوية الوطنية في اطار الدبلوماسية الموازية. وأبرز أن هناك ارتباطا وثيقا بين تأهيل النخب الصحراوية الأكاديمية ونجاح مشروع الجهوية الموسعة بالنظر الى كون هذا النمط من الحكم يستهدف الساكنة والنخب المحلية وهو ما يستدعي تضافر الجهود وتوفير كل الشروط الذاتية والموضوعية حتى تكون لهذه النخب مكانتها الواضحة في الخريطة السياسية للصحراء المغربية، مشيرا الى أن " ما يجمعنا جميعا هو الايمان بالثوابت الوطنية وقدسية مغربية الصحراء". وأجمعت باقي التدخلات عن تشبث سكان الأقاليم الجنوبية بمغربيتهم، مشيرة الى أن المبادرة المغربية المتمثلة في مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية ضمن الوحدة الترابية والسيادة المغربية لاقت التأييد في المحافل الدولية لكونها كفيلة بحل هذا الملف المفتعل بصفة نهائية. وثمن المتدخلون في هذا السياق، ما عرفته الأقاليم الصحراوية المغربية من نهضة تنموية طالت مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وفاقت كل التوقعات، مشيرين الى أن السياسة الجهوية لها أهداف هامة وآثار إيجابية ناجعة يمكن إجمالها، على الخصوص، في تعزيز الديمقراطية الحقة في كل بروع المملكة، وتحقيق التنمية البشرية الشاملة بشكل متوازن ومندمج، وتحميل المواطنين مسؤولية تدبير جهاتهم. وتعتبر هذه الندوة، التي يشارك فيها على الخصوص نخبة من الأكاديميين وخريجو الجامعات المنتمين للأقاليم الجنوبية، دليلا على الوعي الذي يتوفر لدى هذه النخبة بأهمية دورها وانفتاحها على قضايا الوطن، وقدرتها على تعميق التفكير في كثير من الاشكالات المرتبطة بهذا الموضوع. وتتمحور أشغال هذه الندوة، التي من المنتظر أن تتوج بتأسيس " المرصد المغربي للدراسات والأبحاث حول الصحراء"، حول مواضيع تهم " الحكم الذاتي ، السياق والرهانات" و" الحكم الذاتي والجهوية الموسعة" و" الجهوية الموسعة .. العناصر البشرية والاقتصادية والاجتماعية" و" الجهوية الموسعة والحكم الذاتي .. الآفاق ". ويتضمن برنامج هذه الندوة تنظيم مجموعة من ورشات العمل تتناول مواضيع تهم على الخصوص " الصحراء المغربية، البعد التاريخي والجغرافي" و" الصحراء المغربية، البعد الثقافي والمجتمعي"و" الصحراء المغربية والدبلوماسية الموازية".