شهد موقع وليلي الأثري مساء أمس حفلا فنيا متميزا بمناسبة انطلاق فعاليات مهرجان مكناس وليلي في نسخته الثانية عشرة، أحيته كل من فرقة الفلامنكو للرقص "أركو ايريس" الإسبانية والطائفة العيساوية لمشور الستينية المكناسية. وأضفت الإضاءة الفنية على هذا الحفل، الذي حضره بالخصوص وزير الثقافة السيد بنسالم حميش وعدد من ممثلي السلك الدبلوماسي للدول المشاركة في هذا الموعد الثقافي الفني، جمالية على المكان وسحرا خاصا وطابعا استثنائيا على الحفل. وقبل انطلاق المهرجان، الذي اختيرت إسبانيا ضيفة شرف نسخته الحالية، تعاقبت على المنصة أصوات من المغرب وإسبانيا أجمعت على أهمية اللحظة وعلى ضرورة الانفتاح على الآخر وعلى التبادل الثقافي الذي يروم التقريب بين الشعوب ويخدم القضايا الإنسانية في ظل تاريخ إنساني مشترك. وأكدت الكلمات التي ألقاها كل من وزير الثقافة السيد بنسالم حميش والمستشار الثقافي للسفارة الإسبانية بالرباط السيد جيارمو اسكربانو ،ورئيس المجلس البلدي لمكناس السيد أحمد هلال ، أن مثل هذه المواعيد يمكن من خلق فسحة جمالية وتبليغ رسائل لها دلالات إنسانية سامية ترتقي بالذوق، كما يمكن من الانفتاح على كل الثقافات والحضارات وتكريس الحوار بين الشعوب والحضارات وتبادل وجهات نظر عبر جسر الثقافة والفن. وبخصوص اقتران مهرجان وليلي بمكناس أكد وزير الثقافة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن هذا الموعد يعانق المدينتين اعتبارا لحضورهما الثقافي المتميز على الساحة الوطنية والدولية ولأهمية ذاكرتهما التاريخية الغنية، مشيرا إلى احتضان مكناس لأغلب فقرات المهرجان بفضل رمزيتها التاريخية ولكونها مؤهلة أكثر بفضل فضاءاتها المتعددة وطاقتها الاستيعابية. وقدمت فرقة "أركو ايريس" لسيرجيو كونزاليس بمشاركة الفنانتين ماريا خوصي سانتياكو واينديا مارتينيز رقصات أندلسية على إيقاع موسيقى الفلامينكو ذات الجذور العربية التي تقوم على أساس الموسيقى المنبعثة من القيثارة والإيقاع وعلى الرقص وحركات جسدية مصممة بدقة متناهية. وعاش الجمهور الغفير الذي حج إلى الموقع لحظات من المتعة مع الفرقة الإسبانية عادت به إلى تاريخ الأندلس حيث نشأت موسيقى الفلامينكو في القرن الثامن عشر وتأثرت بالإيقاع الشرقي البيزنطي والأغنية الأندلسية القديمة والطابع الغنائي الموروث النابع من قرى محاذية لغرناطة التي كانت موطن المورسكيين. وقدمت الفرقة لوحات فنية لا تخلو من تأثر بروح الأغنية العربية، حملت رسائل متعددة تعبر عن الفرح تارة والغضب والألم تارة أخرى ، لكنها تنم عن إصرار هذا اللون الموسيقي التعبيري على البقاء كثقافة تؤثث ثقافة المجتمع الإسباني. وانسجاما مع أجواء الاحتفال وسحر موقع وليلي التاريخي البهيج، استمتع الجمهور بلحظات مع الفرقة العيساوية من مكناس، مهد الطريقة العيساوية، إذ شكلت لوحة فنية تجسد شعار المهرجان "تلاقح الحضارات وألق الإيقاعات". ويشارك في مهرجان مكناس وليلي، الذي تنظمه، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وزارة الثقافة بتعاون مع ولاية مكناس تافيلالت والمجلس البلدي لمكناس ، إلى جانب الفرق الوطنية، مجموعات فنية من فرنسا ومصر واسبانيا والأردن والجزائر والشيلي وبولونيا وهايتي والهند والسينغال والكوت ديفوار وجورجيا وجزر القمر وجمهورية كوريا وإنجلترا. وفي رد للاعتبار للقيمة التاريخية والإنسانية للمواقع الأثرية والتاريخية العريقة لمكناس، ستتناوب هذه المجموعات على فضاءات متعددة كالموقع الأثري وليلي، وساحة الهديم، ومسرح الهواء الطلق بحديقة الحبول، ومسرح دار الثقافة الفقيه محمد المنوني بمكناس.