رفع الستار، مساء اليوم الخميس بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، على فقرات الدورة الثالثة من مهرجان الضفتين بعرض من فن بالي الفلامنكو بعنوان "مطر" للفنانة الإسبانية إيفا بيربا بوينا. وعرض "مطر"، من تصميم الفنانة بوينا ولحن باكو خارانا، وهو في النهاية احتفال بالحزن وباللامبالاة في شؤون الحب وبكون الإنسان على قيد الحياة، وبخلود الحياة ذاتها، لذلك لا شيء أفضل من رنات عميقة منتزعة من أوتار قيثارة وحيدة، تعزف حكاية تحمل بين ثناياها كل عناصر القصة من حبكة وتعقيد وانفراج.
و"مطر" هو، أيضا، محاولة لإعادة إحياء تراث غنائي من قلب تاريخ الفنون الأندلسية الشعبية، باتت تستحق صيغا وتصميمات حديثة. وهو ما سعت إلى تحقيقه، خلال هذه الأمسية الرباطية، ثلاثة أصوات بتقديمها مجموعة من الأغاني العريقة ك "أبدية الحياة" و"كلمات مهشمة" و"العاشقة"، ثم قصيدة "الصمت الصاخب يخلف جروحا لا تندمل" التي كتبت خصيصا لهذا الحفل.
وفي كلمة في حفل افتتاح هذا التظاهرة، التي تنظمها مؤسسة المعهد الدولي للمسرح المتوسطي بتعاون مع المسرح الوطني محمد الخامس وسفارة اسبانيا بالمغرب والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي والتنمية، في إطار التعاون الإسباني- المغربي "المعتمد"، قال وزير الثقافة، السيد بنسالم حميش، أن مهرجان الضفتين، يكرس الصداقة العريقة التي تجمع بين المغرب وإسبانيا.
وأضاف السيد حميش، بهذا المناسبة التي حضرها عدد من أعضاء الحكومة وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بالرباط وشخصيات من عوالم الثقافة والفن، أن إسبانيا ستعمل، لا محالة، عبر رئاستها للاتحاد الأوروبي، على توطيد علاقات التعاون بين البلدين الجارين أكثر في شتى المجالات، وعلى تقوية الروابط بين ضفتي المتوسط، والتي سيكون محورها بطبيعة الحال المغرب وإسبانيا.
ومن جهته، أعرب سفير إسبانيا بالرباط لويس بلاناس بوتشاديس، أنه بالإضافة إلى البعد الدبلوماسي للعلاقات بين البلدين، هناك البعد الثقافي من خلال برمجة إسبانيا لنحو ثلاثين نشاطا ثقافيا خلال النصف الأول من السنة الجارية، في إطار سياسة تشجيع التعاون الثقافي والتربوي مع المملكة المغربية، مبرزا أن هذه الفترة تصادف تولى مدريد رئاسة الاتحاد الأوروبي.
وأضاف الديبلوماسي الإسباني أن من بين هذه المحطات مهرجان الضفتين، الذي أضحى يشكل رمزا من الرموز المعبرة عن مدى جودة العلاقة بين إسبانيا والمغرب في ما يخص التعاون الثقافي، وهي علاقة مبنية على قيم التعاون المتشاركة والتعايش داخل التعددية والاختلاف، مشيرا إلى أنه سيمنح إلى غاية 29 من الشهر الجاري مناسبة للعموم لاكتشاف مجموعة من الإبداعات الفنية الرائعة.
وستمثل فنون المسرح والرقص والسيرك والأوبرا الأنشطة الرئيسية لدورة هذه السنة من مهرجان الضفتين المتنقل، الذي بدأ تفعيله في المغرب سنة 2007 واحتضنت شبه الجزيرة الإيبيرية دورته الثانية سنة 2008، ليعود هذه السنة إلى المغرب وتحديدا إلى كل من الدارالبيضاء والرباط مع تمديد أنشطته لتشمل مدنا أخرى كطنجة وتطوان ومراكش والجديدة.
ويشارك في دورة هذه السنة أزيد من 150 فنانا من المغرب وإسبانيا سيقدمون على مدى تسعة أيام 23 عرضا فنيا بعضها من توقيع مبدعين مغاربة وإسبان إلى جانب إبداعات جاءت ثمرة تعاون بين فعاليات فنية تنتمي إلى الضفتين، بالإضافة إلى تنظيم محترفات وورشات ولقاءات فكرية.