افتتحت فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان الضفتين، مساء يوم الخميس 21 يناير الجاري، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، بعرض من فن بالي الفلامنكو بعنوان "مطر" للفنانة الإسبانية إيفا بيربا بويناوشد العرض الجماهير الحاضرة بإبداعيته وفنيته العالية، وموسيقاه وغنائه، ورقصاته، التي صممتها بدقة عالية الفنانة الشابة إيفا، أحد الوجوه الشابة بالساحة الفنية بإسبانيا، التي تبدع في إحياء هذا التراث الغنائي الراقص، الأندلسي العريق، وتمنحه لمسات تحديثية. العرض الافتتاحي "مطر" لمهرجان الضفتين، المنظم من طرف مؤسسة المعهد الدولي للمسرح المتوسطي، بتعاون مع سفارة إسبانيا بالمغرب، والمسرح الوطني محمد الخامس، والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي والتنمية، الذي يدخل في إطار التعاون الإسباني- المغربي "المعتمد"، غابت عنه زخات المطر، في أحد مشاهده بالمسرح الوطني محمد الخامس، ربما افتقارا إلى بعض الإمكانيات التقنية، هو احتفال بالحزن وباللامبالاة في شؤون الحب، وبكون الإنسان على قيد الحياة، وبخلود الحياة ذاتها، لذلك لا شيء أفضل من رنات عميقة منتزعة من أوتار قيثارة وحيدة، تعزف حكاية تحمل بين ثناياها كل عناصر القصة من حبكة وتعقيد وانفراج. و"مطر" هو، أيضا، حفل فني راقص بامتياز، يستغرق حوالي ساعتين، ينطلق من يوم ملبد بالغيوم والحزن، تعكسه خلفية العرض ولباس الراقصين ومحياهم، وحتى تعابيرهم الراقصة، التي تنوء بثقل أجسادهم، عاكسة ثقل الأحزان الدفينة في أعماق الإنسان، وتوقع إلى حياة أفضل، ملؤها الحب واللامبالاة بالهموم وبمنغصات الوجود. فعبر خمسة مشاهد راقصة، تدعو إيفا الجمهور إلى سفر فني في خبايا النفس الإنسانية، وتكشف عن قدرات الإنسان الرهيبة في تحويل الإشياء لصالحه، فحتى الحزن، الذي يقضي على البعض، يتحول في هذا العرض الفني، عبر رقصات تعبيرية إلى مجرد شكوى وتطلع إلى الأفضل والأحسن. وعبر ثلاثة أصوات لإينريكي الاكسرمينيو، وبيبي دي بورا، وخيرو موسيغورا، جرى تقديم مجموعة من الأغاني العريقة ك: "أبدية الحياة"، و"درج"، و"كلمات مهشمة"، و"العاشقة"، و"عزلة"، و"العاشقة"، و"أمطار مالحة"، ثم قصيدة "الصمت الصاخب يخلف جروحا لا تندمل" التي كتبت خصيصا لهذا الحفل، موقعة على عزف للقيثارة لباكو خرانا، وومانويل دي لالوز، وجرى نقل الجمهور بفنية عالية إلى عوالم تلك الأغاني العريقة المرداة على شكل المورسيانا ووالليفانتانا، وغيرها من الأشكال، التي أضحت هاجسا لدى الفنانة إيفا يير بابوينا، منتجة وموزعة العرض، التي تسعى إلى إحياء هذا التراث العريق غناء ورقصا، إذ حصلت على العديد من الجوائز على عملها كراقصة ومصصمة للرقصات أيضا، من بينها: جائزة فلامنكو اليوم، وجائزةالرقص القومي، والعديد من جوائز ماكسادو للفنون، وميدالية الأندلس، التي خصلت عليها في فبراير سنة 2007. عرض "مطر" بالمغرب كان أول عرض فني لهذه الفرقة في بلد عربي وإفريقي، بعد عروض كثيرة في مجموعة من المسارح بإسبانيا وعبر العالم، من مسرح زارزولا إلى أوبرا سيدني. تتواصل عروض المهرجان الثالث للضفتين إلى غاية 29 يناير الجاري، بست مدن مغربية هي: الرباط، والدارالبيضاء، وطنجة، وتطوان، ومراكش، والجديدة، إذ سيقدم 150 فنانا من المغرب وإسبانيا 23 عرضا فنيا يدمج تعابير فنية كالمسرح، والرقص، والسيرك، والموسيقى، والأوبرا، والسينما، وهذه العروض هي ثمرة تعاون بين فعاليات فنية تنتمي إلى الضفتين، يهدف منظمو المهرجان من خلالها، إلى فتح آفاق التعاون الثقافي والفني بين الضفتين، والتحسيس بأهمية التعدد الثقافي، الذي يعني منطقة البحر الأبيض المتوسط.