علم لدى أسرة جان فيردين، المدافع عن استقلال المغرب إبان الحماية الفرنسية (1912-1956) ، والمكافح المخلص من أجل الصداقة الفرنسية المغربية، أنه توفي بعد زوال اليوم الثلاثاء بباريس . ويذكر أن فيدرين الذي قاوم الاحتلال النازي لفرنسا، اكتشف المغرب سنة 1950 ،حيث أدرك ظلم الحماية ، قبل أن ينخرط في حركة المثقفين الفرنسيين من أجل "التحرر السلمي" للمغرب، ومن أجل الاستقلال كحل وحيد. وكان الراحل الذي نقل مشاعره إزاء المغرب لابنه هوبير فيدرين، الوزير الاشتراكي الأسبق للشؤون الخارجية في عهد الرئيسين فرانسوا ميتيران وجاك شيراك، واحدا من الفرنسيين الأوائل الذين تم توشيحهم بالوسام العلوي من درجة قائد ، وذلك في عام 1957، من قبل جلالة المغفور له محمد الخامس، تقديرا لنضاله ضد خلع جلالته سنة 1953، ومن أجل القضية المغربية. وقد اشتهر جان فيدرين بتجنده إلى جانب مثقفين وصحافيين فرنسيين مشهورين، وخاصة ضمن لجنة فرنسا-المغرب العربي خلال "الأزمة الفرنسية المغربية" (1952-1955)، وخاصة بعد لجوء الإقامة العامة لفرنسا بالرباط إلى القوة ، والنفي القسري لجلالة المغفور له الملك محمد الخامس إلى مدغشقر. وبذلك ، سيصبح رفيقا للمناضلين من أجل القضية المغربية بفرنسا، مثل روبير بارات مؤلف الكتاب الشهير "عدالة من أجل المغرب" (أكتوبر 1953) والذي كان بمثابة إدانة قوية لعملية الإقدام على خلع السلطان، والكاتب فرانسوا مورياك، والمؤرخ شارل أندري جوليان، والباحث المختص في الدراسات الإسلامية لويس ماسينيون، والصحفي جان لاكوتير. وعمل جان فيدرين الذي كان صديقا ومساعدا سابقا لفرانسوا ميتران الذي كان وزيرا في عهد الجمهورية الرابعة، على تحسيس هذا الأخير الذي سيصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية الفرنسية بخطورة القمع وبعملية الانتهاك للشرعية في غشت 1953 بالمغرب. وقد نال بهذا الانخراط طيلة عهد الحماية ، وب"الدور الرئيسي والخفي الذي لعبه في حصول المغرب على الاستقلال سلميا"، كما كتب ابنه هوبير فيدرين في مذكراته، صداقة الوطنيين المغاربة والشخصيات التي ستطبع تاريخ المغرب المستقل، من مبارك البكاي لهبيل إلى عبد الرحيم بوعبيد، مرورا بعبد الكريم الخطيب ، والمحجوبي أحرضان، ورضا اكديرة. وبالإضافة إلى نضاله من أجل استقلال المغرب، فقد ظل جان فيدرين يحتفظ طيلة حياته بصداقة والتزام راسخين تجاه المغرب، كما يؤكد ذلك شهود متتبعون للعلاقات الفرنسية المغربية. وقد تم تخصيص تكريمات عدة له على مواقفه هاته . وتم التعبير عن الاعتراف والتقدير لهذا الوفاء في وقت ليس بالبعيد ، من خلال المكانة المتميزة التي خصصت له خلال حفل تدشين "ساحة محمد الخامس" بباريس، من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس جاك شيراك في سنة 2002. وستتم إقامة مراسم دفن الراحل يوم السبت القادم بمنطقة كروز الفرنسية.