ألقى الهاجس الامني بظلاله على احتفالات الهند اليوم الثلاثاء بالذكرى الحادية والستين لعيد الجمهورية، حيث تم تشديد الاجراءات الامنية وسط العاصمة، لاحباط أي محاولة من شأنها تعكير صفو الاحتفالات الوطنية. ونشرت السلطات الهندية نحو 15 ألفا من عناصر الشرطة والقوات شبه العسكرية في أنحاء مختلفة بنيودلهي، وهي خطوة غير مسبوقة اعتبرها مسؤول رفيع في شرطة دلهي، أنها تندرج في سياق الاجراءات التي اتخذتها المؤسسة الأمنية لمواجهة أي هجوم محتمل، لاسيما بعد معلومات استخباراتية عن احتمال تعرض البلاد لهجمات انتحارية بهذه المناسبة. وتم نشر أفراد هذه القوات، بعضها يرتدي زيا مدنيا، في الاماكن العامة الهامة والمنشآت الحيوية بالعاصمة، بما فيها محطات مترو الانفاق ومحطات السكك الحديدية والحافلات والاسواق التجارية. وأوضح المصدر أنه تم نصب نحو 100 كاميرا للمراقبة على طول شارع "راجباث" الذي تبلغ مسافته 5ر1 كلم، والذي يحتضن سنويا الإستعراض العسكري الذي يقام بهذه المناسبة، مبرزا أن هذه الكاميرات تتوخى رصد حركة المرور في هذه المنطقة التي تضم أهم المؤسسات الحكومية والقصر الرئاسي. كما نشر سلاح الجو الهندي مقاتلات حربية من طراز "ميغ 29" في القاعدة الجوية لنيودلهي لحماية العاصمة من أي هجوم محتمل، إلى جانب مدافع مضادة للطائرات. وحلقت طائرات مروحية تابعة للقوات الجوية الهندية على طول مسار الموكب العسكري الذي انطلق من شارع "راجباث" نحو "القلعة الحمراء"، وسط ضباب كثيف خيم على العاصمة. وقد أغلقت السلطات الهندية حدود العاصمة ليلة ال25 يناير الجاري، حيث لن يسمح بدخول العربات متوسطة أو كبيرة الحجم، حتى منتصف ليلة اليوم الثلاثاء. وكان ضيف شرف احتفالات هذه السنة الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك، الذي كان جالسا إلى جانب رئيسة البلاد براتيبها باتيل، لمشاهدة العرض العسكري والثقافي بهذه المناسبة، إلى جانب أعضاء الحكومة الهندية وشخصيات عسكرية ودبلوماسية. وتميزت احتفالات هذه السنة بالعرض العسكري الذي احتضنته جادة "راباث" الفخمة وسط نيودلهي، حيث تم استعراض آخر الأسلحة المتطورة كالصواريخ الباليستية أو طائرات "سوخوي 30" والدبابات التي تغطيها الورود، والتي تحمل ألوان الولايات ال28 المشكلة للاتحاد الهندي. وقد قام رئيس الوزراء مانموهان سينغ، الذي غاب عن احتفالات السنة الماضية لخضوعه لفترة نقاهة بعد عملية جراحية، بوضع إكليل من الزهور على ضريح الجندى المجهول عند بوابة الهند التاريخية، إيذانا ببدء مراسم الاحتفال. ورافقه في ذلك قيادات الفروع الثلاثة في الجيش الهندي. واشتمل الاستعراض الذي جاب مسافة بطول ثمانية كيلومترات، على لوحات فلكلورية وفنية لفرق شعبية هندية، عاكسة التنوع الثقافي والعرقي الذي يميز شبه القارة الهندية. غير أن ما ميز العرض العسكري غياب الفيلة عن المشاركة في هذا الإحتفال للعام الثاني على التوالي، بسبب مخاوف أمنية، وكذا للضغوط التي تمارسها جمعيات الدفاع عن الحيوانات. وكانت الفيلة "تميل الى التمرد قليلا" خلال العروض الاخيرة، مما يهدد أمن الاطفال والحشود التي تصطف لمتابعة العرض. يذكر أنه خلال العرض العسكري العام قبل الماضي، الذي حضره الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، خرج اثنان من الفيلة عن سيطرة مدربيهما وتسببا في حالة من الهلع بين الحشود. من جهة أخرى مرت احتفالات عيد الجمهورية هذا العام في أنحاء الهند بسلام، باستثناء حوادث متفرقة خاصة شمال شرق البلاد، حيث تم أمس اختطاف 11 شرطيا من لدن عناصر ماوية. كما شهد خط السيطرة الفاصل بين الهند وباكستان في إقليم كشمير مرة أخرى تبادلا متقطعا لإطلاق النار بين قوات حرس الحدود من الجانبين، دام زهاء ثلاث ساعات. وتجدر الاشارة إلى أن الهند تحتفل بعيد الجمهورية في السادس والعشرين يناير من كل سنة لإحياء ذكرى إقرار الدستور سنة 1950، وإعلان قيام الجمهورية، بعد ثلاثة أعوام من التقسيم الدموي لامبراطورية الهند البريطانية في 15 غشت 1947.