بعد النكسة التي مني به منذ أسبوعين خلال الانتخابات المحلية الجزئية، تعرض تحالف الوسط اليميني الحاكم بإيطاليا، مرة أخرى، للحكم القاسي لصناديق الاقتراع، عقب استفتاء نظم يومي الأحد والإثنين، حول العودة لاستعمال النووي والحصانة القضائية لرئيس الحكومة وخوصصة قطاع الماء. وفي الواقع، أسفر فرز اللوائح الذي تواصل إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، عن أغلبية ساحقة من المصوتين ضد القوانين المصادق عليها من طرف الحكومة في هذه المجالات، والتي تتأرجح بين 94 بالمائة و8ر95 بالمائة حسب الموضوع. وكان رئيس الوزراء، سيلفيو بيرلوسكوني، الذي استشعر هبوب الرياح في الاتجاه المعاكس قبيل الإعلان عن النتائج النهائية، قد أكد على الخصوص، بشأن مسألة العودة إلى النووي التي يتشبث بها، ضرورة "التزام بلاده بكيفية حاسمة لفائدة الطاقات المتجددة". وأكد بيرلوسكوني، أمس الإثنين، أنه "يتعين على إيطاليا من الأرجح، إثر القرار الذي يتخذه الشعب الإيطالي في هذه الأثناء، قول كلمة وداعا لمسألة محطات الطاقة النووية والالتزام بكيفية حاسمة لفائدة الطاقات المتجددة". ومن أجل مواجهة هذه النكسة الجديدة، عقدت أحزاب الأغلبية أملها على "هجر" الناخبين لصناديق الاقتراع، على اعتبار أن القانون الايطالي ينص في هذا النوع من الاقتراع على حصول أغلبية 50 في المائة زائد صوت حتى يمكن اجراء الاستفتاء. وقد خابت آمالهم ، ذلك أن نسبة المشاركة بلغت ، حسب وزارة الداخلية، ما بين 55 في المائة و56 في المائة ( مع احتساب الايطاليين المقيمين بالخارج)، أي أكبر بكثير من النصاب المطلوب، وهي المرة الاولى من نوعها منذ 16 عاما. ووصف برلوسكوني، ( 74 عاما)، الذي اعترف بهزيمته على "جميع مواضيع " الاستفتاء ، موقف الايطاليين ب" الواضح "مؤكدا أن "ارادة مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات حول مستقبلنا لا يمكن تجاهلها". وواصل رئيس الحكومة الايطالية ابداء ثقته بخصوص التحكم في شؤون حكومته، وهي الثقة التي يتقاسمها معه بعض أقرب معاونيه ، بمن فيهم وزير الدفاع إغنازيو لا روسا ، الذي أكد أن نتائج هذا الاستفتاء لن يكون لها أي تأثير على عمل الحكومة. ومع ذلك فإن علامات الإحباط بدأت تظهر على الأغلبية ، ولا سيما لدى حزب رابطة الشمال، التي اعتبر زعيمها أومبرتو بوسي أن "برلسكوني فقد قدرته على التواصل مع الناس على شاشة التلفزيون ". من جهته ، قال وزير تبسيط الإجراءات التشريعية روبرتو كالديرولي، أحد أقوى أعضاء الرابطة، "تعبت من تلقي الصفعات " بسبب برلوسكوني. وفي معسكر المعارضة ، تحدث زعيم الحزب الديموقراطي (يسار) ، بيير لويغي برساني، من جانبه ، عن "نتائج كبيرة" وطلاق بين "الحكومة والشعب "، داعيا بكل بساطة برلوسكوني إلى تقديم استقالته. بدوره، علق انغيلو بونيلي، زعيم حزب الخضر. قائلا "إن الايطاليين استعادوا التحكم في مصيرهم وحولوا البلاد إلى برلمان كبير حل محل هذا البرلمان الذي لم يعد يقوم بوظيفة التشريع". وكانت العودة الى استعمال النووي واحدة من المشاريع الرئيسية لبرلسكوني منذ أن عاد الى السلطة في ربيع 2008. وقد اضطر الى تجميده مؤقتا في أعقاب الحادث الذي وقع في محطة فوكوشيما باليابان مع الحفاظ على الأمل لإعادة اطلاقه في ظرف سنة أو سنتين. وقد شكل رفض الايطاليين العريض لهذا التطلع ضربة قاضية لمشاريع الحكومة الإيطالية التي كانت أعلنت عن بناء محطات ابتداء من عام 2014 للعودة الى الاستعمال النووي في أفق 2020. وتعد إيطاليا، التي تخلت عن الطاقة النووية في عام 1987 بعد استفتاء عقب كارثة تشرنوبيل، العضو الوحيد في مجموعة الثماني الاكثر تصنيعا التي لا تقوم بإنتاج الطاقة النووية. وثمة موضوع آخر عبر الايطاليون من خلاله عن معارضتهم، ويتعلق الامر بقانون حول تحرير قطاع تدبير المياه، الذي كانت الحكومة تأمل خوصصته. وأعرب الناخبون الايطاليون عن نفس الموقف المعارض بشكل صريح لإلغاء قانون "التغيب المشروع" الذي يسمح لرئيس الحكومة بعدم المثول أمام المحاكم لمدة 18 شهرا بسبب مسؤولياته. وبالنسبة لمعظم الصحف الايطالية، فإن التصويت بالرفض يشكل ضربة قاضية لرئيس المجلس، الذي تخلى عنه جزء من ناخبيه قبل سنتين من الانتخابات التشريعية المقبلة المرتقب تنظيمها في 2013.