يشكل تخليد اليوم العالمي للمحيطات في ثامن يونيو من كل سنة مناسبة لنشر الوعي العام بالتحديات الراهنة التي يواجهها المجتمع الدولي في ما يخص المحيطات،بالنظر لدورها الأساسي في تأمين الغذاء وتوازن المناخ والحفاظ على التنوع البيئي. وخلال هذه السنة،يركزالاحتفاء بهذا اليوم العالمي،الذي أقرته الأممالمتحدة منذ 2009 وتم اقتراحه منذ قمة الأرض بريو دي جانيرو في 1992،على أهمية تحفيز شباب العالم على الانخراط في حماية المحيطات،تحت شعار "الشباب: الموجة القادمة للتغيير"،من خلال الحفاظ على التنوع البحري كمفتاح لاستدامة المصايد،وتنقية مياه البحار،وخدمة المنظومات البيئية الأخرى. وبالفعل،لا يدرك العديد من الناس الأهمية المركزية للمحيطات والبحار في الحفاظ على حياتهم،باعتبارها رئة للكوكب،إذ توفر أكبر نسبة من الأوكسجين الذي يستنشقونه،إلى جانب كونها مصدرا حيويا للغذاء والأدوية وعاملا منظما للمناخ،فضلا عن دورها كخطوط للملاحة بالنسبة للتجارة العالمية. وكانت أبحاث عديدة،صدرت في السنوات القليلة الماضية،قد رسمت صورة قاتمة لمستقبل البحار،كما حذرت من أنماط الصيد المستنزفة للموارد السمكية ومن التلوث الصناعي وما ينجم عنه من تدمير للمنظومات البحرية الطبيعية. ولفتت أيضا الانتباه إلى اتساع المناطق الميتة بيولوجيا داخل المحيطات،مشيرة إلى أن المساحات المدمرة بيولوجيا يعادل بعضها جزيرة إيرلندا. وخلصت دراسة،أجراها فريق بحث دولي سنة 2006،وشملت نحو 64 منظومة بيئية بحرية توفر 83 في المائة من الصيد البحري عالميا،إلى أن الناتج العالمي تراجع بمقدار 6ر10 ملايين طن منذ 1994،حيث بلغ الصيد البحري ذروته تاريخيًّا. وتنبأت الدراسة بأن استمرار الصيد الجائر سيحدث انهيارًا كاملاً لمصايد أسماك العالم بحلول 2048 ،في وقت رصدت فيه تراجعًا متسارعًا للأنواع البحرية الساحلية خلال الألفية الماضية،ما أدى إلى تدهور في قدرة الرشح البيولوجي،ومواطن التكاثر،والمصايد المتجددة. وتأتي هذه التحولات نتيجة تأثر المحيطات والبحار بالتغيرات المناخية،حيث يؤدي ارتفاع درجة حرارة الكوكب لذوبان الجليد وارتفاع منسوب المياه،في وقت تمتص فيه هذه المحيطات نصف كمية ثاني أوكسيد الكربون الناجم عن عمليات التصنيع،ما يتسبب في زيادة حموضة المياه ويهدد بالتالي حياة العديد من الكائنات البحرية. وبالإضافة إلى ذلك،تعاني المحيطات بشكل حاد من التلوث لأنها اعتبرت باستمرار مكانا لتصريف النفايات البشرية،سواء الصناعية أو الزراعية،خاصة البلاستيك الذي يصعب تحلله عبر الزمن. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد سلمت في قرارها لسنة 2009 بأهمية مساهمة التنمية المستدامة وإدارة موارد المحيطات والبحار في تحقيق أهداف الألفية من أجل التنمية،حيث دعت الدول المستخدمة للمضايق والدول المشاطئة لها إلى التعاون عن طريق الاتفاق على المسائل المتعلقة بسلامة الملاحة،بما في ذلك وسائل ضمان السلامة أثناء الملاحة ومنع التلوث الناجم عن السفن والسيطرة عليه. كما ناشدت الدول الانضمام إلى المنظمة الهيدروغرافية الدولية،وحثتها على العمل مع تلك المنظمة لزيادة المساحة التي تغطيها المعلومات الهيدروغرافية على المستوى العالمي من أجل تعزيز بناء القدرات والمساعدة التقنية وتعزيز الملاحة الآمنة،خاصة في المناطق البحرية الهشة أو المحمية. وعلى الصعيد الوطني،لا يمكن استثناء المغرب، الذي يحظى بموقع استراتيجي هام في حركة المرور البحرية الكثيفة بعرض ساحليه الأطلسي والمتوسطي والممتدين على طول 3500 كلم،من الأخطار المحدقة باستمرار بالمناطق البحرية نتيجة الحركة المكثفة للناقلات البحرية والقوارب،خاصة تلك الناقلة للمواد الخطرة. وغير بعيد عن الأذهان الحادثين الخطيرين،الذين نجت سواحل المغرب،بتنوعها البيئي ومواقعها السياحية الفريدة ورصيدها السمكي،منهما بأعجوبة،أحدهما في أعقاب الانفجار الذي وقع سنة 1989 بعرض الساحل الأطلسي للناقلة "كارج"،والآخر الناجم عن الاصطدام الذي تعرضت له ناقلة النفط "سي سبيريت" قرب السواحل الأطلسية. وإدراكا منه لهذه الأخطار المحدقة،كان المغرب من بين البلدان السباقة للانخراط في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بسلامة الملاحة والتلوث البحري. كما انخرطت المملكة،العضو في صندوق البيئة العالمي 1992 ،في إطار عملها داخل الصناديق الدولية للتعويض عن الأضرار الناجمة عن التلوث النفطي،في الصندوق التكميلي لسنة 2005 لتنضم بذلك إلى البلدان ال 27 التي اعتمدته إلى حد الآن.