(إعداد مكتب تونس)- بدأت وتيرة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في تونس تعود إلى مجراها الطبيعي تدريجيا، بعد ظهور بوادر "مطمئنة" لاستتباب الأمن والاستقرار في العاصمة وأغلب المناطق الأخرى. ويأتي ذلك، رغم بعض الأحداث المتفرقة التي تظهر من يوم لآخر في بعض المدن الأخرى، مثلما حصل أمس في مدينة سيدي بوزيد، مهد الانتفاضة الشعبية، حيث خرجت مظاهرات غاضبة إثر وفاة شابين كانا رهن الاعتقال في مركز أمني تعرضا للحرق في ظروف غامضة. ولعل من مؤشرات هذه العودة الإعلان أمس عن تخفيف إجراءات حظر التجول ليلا، المعمول بها في إطار حالة الطوارئ المفروضة في مختلف أنحاء تونس منذ قرابة شهر إثر بلوغ أعمال العنف أوجها في زخم الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى إسقاط نظام الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي في 14 يناير الماضي. فقد تقلصت فترة حذر التجول ليلا إلى أربع ساعات فقط (من منتصف الليل إلى الرابعة صباحا)، فيما أعلن وزير السياحة، مهدي حواص، أمس خلال لقاء مع الصحفيين، أنه سيتم رفع حالة الطوارئ نهائيا في الأسبوع القادم، موضحا أن السلطات تعمل على تخفيف حظر التجوال بشكل تدريجي توخيا للحذر وضمانا لاستتباب الأمن. وكانت الحكومة الانتقالية قد واجهت الأسبوع الماضي أياما عصيبة تميزت بعودة الانفلات الأمني في العاصمة وعدد من الجهات، كان أبرزها الهجوم على وزير الداخلية الجديد في مكتبه من قبل أعداد كبيرة من عناصر الأمن المحسوبين على النظام السابق. ولمواجهة الموقف اتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءات والتدابير "الصارمة" ،في مقدمتها إقالة أكثر من 30 من كبار المسؤولين الأمنيين على الصعيد المركزي والجهوي، أغلبهم بدرجة مدير، فيما وصف بعملية "تطهير " في صفوف الجهاز الأمني، بالإضافة إلى إطلاق حركة تغيير واسعة على المستوى الجهوي، شملت إقالة جميع الولاة البالغ عددهم 24 واليا. على مستوى آخر، وعلى الرغم من حركة الإضراب ذات الطابع الاجتماعي التي مازالت تعرفها بعض القطاعات، فقد استعادت أغلب الإدارات والمؤسسات الاقتصادية والخدماتية نشاطها إثر نداء ملح وجهه قبل يومين الوزير الأول ، محمد الغنوشي حذر فيه من أن عشرات آلاف من مناصب الشغل أصبحت مهددة جراء حالة "الفوضى" التي تعم البلاد وتوقف عشرات الشركات التابعة للقطاع الخاص. في غضون ذلك، ولإضفاء المصداقية على تعهداتها، أعلنت الحكومة عن تشكيل لجنة وطنية ترأسها شخصية قانونية مستقلة مكلفة بالتقصي في قضايا الرشوة والفساد الإداري والمالي في العهد السابق. وأعلنت اللجنة أنها توصلت حتى يوم أمس بأكثر من 800 شكوى من عدة جهات تتضمن ملفات ووثائق حول المتورطين في قضايا الرشوة والفساد من مخالفات واختلاسات مالية وجبائية وجمركية وعقارية وغيرها. ولتحريك عجلة الاقتصاد، طالب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، الذي يضم في عضويته أرباب العمل والفاعلين الاقتصاديين، الحكومة بإنشاء صندوق عاجل خاص للتعويض عن الأضرار التي لحقت بالشركات والمقاولات، وكذا أصحاب المهن الصغرى، جراء الأحداث الأخيرة وصرف التعويضات اللازمة لهم ليستعيدوا نشاطهم في أقرب الآجال. كما دعا في بيان له أمس إلى استعمال ما يتوفر عليه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من رصيد لمساعدة العمال المتوقفين عن العمل إثر الأحداث الأخيرة إلى أن تتم عودتهم للعمل. وفي سياق متصل، أفادت مصادر الشركة التونسية لاستخراج الفسفاط والمجمع الكيميائي التابع لها بمنطقة قفصة (360 كلم جنوب العاصمة) أن حركة إضراب واعتصام متواصل منذ أسبوعين بالشركة، تسببت في خسائر تقدر ب3 ملايين دينار (نحو11ر2 مليون دولار) يوميا، وهو ما يمثل حجم العائدات من تصدير الفسفاط ومشتقاته.