في انتظار الإعلان عن التركيبة الجديدة لحكومة "الوحدة الوطنية" في تونس، هذه الليلة أو صباح غد الخميس، طبقا لما ذكرته مصادر رسمية، راجت أخبار من مصادر متطابقة، قريبة من المشاورات السياسة، التي يقودها الوزير الأول، محمد الغنوشي، حول قرب التوصل إلى "توافق" بين الفرقاء السياسيين للخروج من الأزمة الحالية . وتتحدث هذه المصادر عن إمكانية ترشيح شخصيات منتمية سياسيا وأخرى مستقلة لملء المناصب الوزارية الخمسة الشاغرة في الحكومة الانتقالية، كما تتناول المشاورات، حسب نفس المصاد ، ما يسمى ب` "وزارات السيادة"، وهي وزارات الدفاع والداخلية والخارجية، التي يتولاها حاليا وزراء محسوبون على النظام السابق. ويرى عدد من المراقبين أنه من شأن هذا التوافق ضمان الاستقرار للحكومة، الأمر الذي من شأنه تقوية موقف المؤيدين لها، وفي الآن ذاته، امتصاص غضب الشارع التونسي وعودة الهدوء إلى المدن التونسية التي شهد العديد منها، اليوم، مظاهرات ومسيرات سلمية تطالب باستقالة الحكومة. في غضون ذلك، أعلنت السلطات العسكرية التونسية، مساء اليوم، عن تخفيف إجراءات حالة الطوارئ المفروضة على كافة أنحاء البلاد، من خلال تقليص ساعات منع التجول ليلا بثلاث ساعات، نظرا لما اتسم به الوضع الأمني من "تحسن"، كما قالت وكالة الأنباء الرسمية. وعلى الرغم من مواصلة بعض مئات من المتظاهرين الاعتصام بالقرب من مقر الحكومة مطالبين بإبعاد الوزراء المحسوبين على الحكومة السابقة وتشكيل حكومة "إنقاذ وطني" تمثل فيها جميع الحساسيات السياسية والاجتماعية في البلاد، فقد شهد الشارع الرئيسي، القلب النابض وسط العاصمة، هدوءا كاملا، وفتحت المقاهي والمحلات التجارية أبوابها بشكل طبيعي، بعد أن ظل هذا الشارع الذي يحتضن مقر وزارة الداخلية ومرافق حكومية أخرى، ولنحو أسبوعين، مسرحا لمظاهرات واحتجاجات متواصلة ومواجهات مع قوات الأمن. كما تميز اليوم بإعلان وزير العدل، الازهر القروي الشابي، في ندوة صحفية، عن إصدار مذكرة إيقاف دولية في حق الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي وزوجته بتهم "اقتناء أشياء حسية منقولة وحقوق عقارية موجودة بالخارج وممتلكات منقولة وعقارية" في تونس بطريقة غير قانونية و"مسك وتصدير عملة أجنبية بصفة غير قانونية". وتنطبق مذكر الإيقاف أيضا على شقيق زوجة الرئيس السابق، لحسن الطرابلسي، فيما يوجد ثمانية من أقاربهما موقوفين على ذمة التحقيق في تونس. كما أعلن الوزير أن ستة من عناصر الأمن الرئاسي في مقدمتهم مدير الأمن الرئاسي السابق، الجنرال علي السرياطي، يوجدون رهن التحقيق في حالة اعتقال بتهم تتعلق بتهديد الأمن الداخلي للبلاد وبإثارة الرعب بين المواطنين. وكانت أخبار قد تحدثت عن تسيير السرياطي لمليشيات مسلحة، عقب الإطاحة بالرئيس السابق، ترمي إلى زعزعة الاستقرار وإثارة الرعب بين المواطنين. كما شهد اليوم مواصلة الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مركزية نقابية في البلاد، استعراض عضلاته من خلال تنظيمه لمسيرة ضخمة بمدينة صفاقس، شارك فيها عشرات المتظاهرين، رفعت خلالها شعارات سياسية بهدف الضغط لإسقاط الحكومة المؤقتة. كما دعا الاتحاد إلى مظاهرة مماثلة، يوم غد الخميس في مدينة سيدي بوزيد (280 كلم وسط غرب العاصمة)، والتي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبية التونسية في 17 ديسمبر الماضي، بعد أن أحرق نفسه، الشاب العاطل عن العمل، محمد البوعزيزي. على صعيد آخر، غادر العاصمة التونسية، اليوم، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فلتمان، بعد زيارة بحث خلالها مع عدد من الوزراء والفاعلين السياسيين، تطورات الوضع في البلاد غداة الإطاحة بالرئيس السابق. وقد عبر المسؤول الأمريكي، الذي يعد أول مسؤول غربي يزور تونس مند التحول الذي عرفته، عن "تضامن" بلاده و"وقوفها" إلى جانب الشعب التونسي في هذه "اللحظة التاريخية"، مؤكدا استعداد واشنطن تقديم الدعم لتونس للإعداد لانتخابات "حرة وشفافة" يعبر فيها الشعب عن إرادته. وفي سياق متصل، أوفدت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاترين شتون، اليوم، مبعوثا عنها إلى تونس لإجراء محادثات مع مختلف الأطراف السياسية حول التطورات الأخيرة في البلاد.