تميزت أشغال المنتدى الدولي الأول حول تطوير أنظمة الحماية الاجتماعية، المنعقد حاليا بالعاصمة البرازيلية، بمشاركة فاعلة ومكثفة للوفد المغربي بمختلف مكوناته، من ممثلين حكوميين وفاعلي المجتمع المدني. وتمثلت مشاركة أعضاء الوفد المغربي، الذي يقوده وزير التشغيل والتكوين المهني، السيد جمال أغماني، في حضور الجلسات العامة والورشات المنظمة خلال هذا اللقاء، وفي إجراء العديد من اللقاءات والاتصالات، على هامش المنتدى، مع عدد من الفعاليات السياسية والنقابية والحزبية البرازيلية والهيئات الدولية المشاركة في اللقاء. وفي هذا الصدد، أجرى السيد أغماني مباحثات، بالخصوص، مع السيدين بيراجيبي تاراغو، نائب الكاتب العام للشؤون السياسية بوزارة الخارجية البرازيلية، المكلف بإفريقيا والشرق الأوسط، ومع نائب وزير الشغل، باولو روبيرطو دوس سانطوس بينتو، استعرض خلالها آخر تطورات قضية الوحدة الترابية للمملكة ومبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية وكذا سبل تعزيز العلاقات المغربية البرازيلية، لاسيما في المجال الاجتماعي. كما عقد أعضاء الوفد المغربي لقاءات متعددة مع الهيئات والأحزاب السياسية الأساسية في البرازيل ومع المركزية النقابية الأساسية بهذا البلد بهدف التعريف بالتجربة المغربية في مجال الحماية الاجتماعية، وكذا مع ممثلي المنظمة العالمية لحركة صحة الشعوب، التي أعربت عن رغبتها في عقد لقائها الدولي المقبل بالمغرب. وشارك أعضاء الوفد المغربي في النقاشات التي شهدتها سواء الجلسات العامة أو مختلف أوراش المنتدى، والتي ركزت في معظمها على ضرورة تطوير نظم الحماية الاجتماعية المعتمدة حاليا على المستوى العالمي وإحداث نظم إضافية من شأنها رفع عدد الفئات المستفيدة من هذه النظم، لاسيما العاملين في عدد من القطاعات غير المهيكلة مثل المناولة والمهن الحرة، فضلا عن أهمية وضع استراتيجيات شاملة في مجال الضمان والحماية الاجتماعيين. وبرز في هذا السياق الحضور القوي للوفد المغربي في أحد الورشات الإقليمية الذي تناول موضوع "دواعي وإمكانيات بناء نظم حماية اجتماعية شمولية وانعكاساتها على المستويين الديمقراطي والقيمي-الأخلاقي" في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تم خلاله تشخيص وضعية أنظمة الحماية الاجتماعية في هذه المنطقة وبحث سبل مواجهة التحديات المرتبطة بتطويرها لبلوغ شموليتها. ومن المقترحات التي تقدم بها الوفد المغربي خلال هذ الورشة، خلق مجالس وطنية للحماية الاجتماعية بهذه المنطقة تضم كافة المتدخلين، بما في ذلك الدولة وقوى المجتمع المدني وأرباب العمل، وذلك بهدف وضع استراتيجية إقليمية في هذا المجال وضمان تنسيق السياسات المتعلقة بالتنمية والضمان الاجتماعي داخل نفس البلد، وكذا تشريعات جديدة بخصوص الحماية الاجتماعية بمختلف تجلياتها، لا سيما على المستويين الصحي والمهني. كما اقترح الجانب المغربي تعزيز وسائل الحوار الاجتماعي وتفعيل دور النقابات ببلدان منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مبرزا في هذا السياق نجاح التجربة المغربية في هذا المجال. وأكدت نقاشات هذه الورشة أيضا على أن تدخل الدولة أصبح ضروريا للحفاظ على توازن أنظمة الحماية الاجتماعية وتحقيق شموليتها، لاسيما في ظل الأزمة المالية العالمية التي أدت إلى زيادة عدد العاطلين والاعتماد على المنافع التي توفرها خدمات الضمان الاجتماعي. وفي هذا الصدد، أبرز الوفد المغربي، على سبيل المثال، تدخل الدولة المغربية لدعم عدد من القطاعات المتضررة من الأزمة للمحافظة على مناصب الشغل، وذلك من خلال تحمل واجبات الاشتراك المستحقة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وخلال مختلف اللقاءات التي أجراها أعضاء الوفد المغربي مع عدد من الفعاليات السياسية والنقابية البرازيلية تم توجيه الدعوة لهذه الأخيرة لزيارة المغرب قصد الاطلاع على التجربة السياسية والنقابية المغربية، فضلا عن إبراز أهمية المشاركة المقبلة للبرازيل في المؤتمر العربي الأول حول الحوار الاجتماعي الذي ستحتضنه الرباط أيام 14 و15 من شهر دجنبر الجاري، من خلال وفد عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي البرازيلي لتقديم التجربة البرازيلية في المجال والتعرف عن قرب على نظيرتها المغربية والعربية. ووقفت نقاشات المنتدى أيضا عند أبرز التحديات التي تواجهها أنظمة الحماية الاجتماعية، خصوصا إشكالية التمويل والتعميم، حيث إن العديد من الدول لم تستطع بلوغ هذا التعميم نظرا لوجود عدد من القطاعات غير المهيكلة وبالتالي عدم استفادة فئة واسعة من الشغيلة من أنظمة الحماية الاجتماعية. وقد ساهم أعضاء الوفد المغربي، بمختلف مكوناته الحكومية والممثلة للمجتمع المدني، بفعالية في هذه النقاشات، حيث أبرز، في هذا السياق، نتائج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باعتبارها فكرة رائدة في مجال الحماية الاجتماعية، تعمل على تمكين الأشخاص الذين لا دخل لهم من الحصول على موارد لتمويل مشاريع مدرة للدخل تضمن انتقالهم من وضعية التبعية والاعتماد على المساعدة إلى الانتاج الذاتي والاستقلالية. وتم التركيز في السياق ذاته على أن المغرب أمام تحديات الحفاظ على المكتسبات المحققة في مجال الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية، بل والعمل على تحسينها وضمان ديمومتها، فضلا عن تحدي توسيع الفئات المستفيدة من الحماية الاجتماعية. وضم الوفد المغربي المشارك في هذا المنتدى، فضلا عن السيد أغماني، بالخصوص كل من مديرة الحماية الاجتماعية للعمال، السيدة بثينة فلسي، والسادة عبد الرفيع حمضي، متصرف إدارة صناديق العمل، والعربي الزياني، مدير قطب الدارالبيضاء الكبرى للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعزيز الخرصي، رئيس مصلحة التواصل بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. كما ضم الوفد المغربي السيد جمال الشنتوف، مدير مصلحة المؤمن لهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفعاليات من المجتمع المدني تمثل القطاع الجامعي والنقابي والحزبي.