أكد المشاركون في ندوة نظمتها التنسيقية الوطنية للتعبئة الشاملة لتفعيل مبادرة الحكم الذاتي مساء أمس الأربعاء بمكناس، أن الحكم الذاتي الذي يعد مقترحا شجاعا من المغرب ونهجا مسؤولا، يستدعي تسخير كل الوسائل المتاحة لدعمه والتصدي للفكر الانفصالي. وأوضح المشاركون في هذه الندوة التي نظمتها التنسيقية حول "مفهوم الحكم الذاتي بين الفقه الإسلامي والقانون المقارن" والتي تعد ثاني لقاء للتنسيقية الوطنية بعد تأسيسها مؤخرا بالرباط، أن المقترح يقوم على أساس احترام السيادة الوطنية ووحدتها، إلى جانب كونه خيارا استراتيجيا ينسجم مع مبادئ الإسلام والقوانين الدولية ويتوفر على كل الأسباب لإنهاء النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء. واعتبروا أن المبادرة المغربية جاءت لتؤكد من جديد للمنتظم الدولي تمسك المغرب بالمواثيق والقرارات الأممية وبمبدإ التفاوض كأساس لا محيد عنه لحل هذا النزاع بالطرق السلمية، ومنح أبناء الصحراء حكما ذاتيا موسعا لتدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية ضمن السيادة المغربية. واستعرض المتدخلون المحطات التاريخية التي ميزت المغرب منذ فجر الاستقلال وما أعقبه من بناء، ثم حدث المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء وما رافقها من نضال على جميع الجبهات، وصولا إلى تقديم مشروع الحكم الذاتي كحل للنزاع المفتعل حول الصحراء. وفي هذا الصدد، سلط الأستاذ الجامعي والباحث في الإسلام السياسي عزيز أغبالي المرابط ، الضوء على مفهوم الحكم الذاتي من الوجهة الدينية، مبرزا أنه نهج اعتمد في الدولة الإسلامية في السنة السابعة الهجرية أي قبل أن يظهر بقرون في أوروبا. واعتبر أن أي تفسير لهذا المقترح يتعين أن ينطلق من الموروث الثقافي الإسلامي الذي يلامس أهم القضايا المعاصرة ويعالج المستجدات بأسلوب أكثر عصرنة. وبعد أن استعرض مجموعة من التجارب الدولية في مجال الحكم الذاتي ، أبرز أن هذا المشروع ، لا يمكن فصله عن مشروع الجهوية الموسعة، فالأول يسعى إلى إعادة بناء الدولة المغربية والثاني يسعى إلى فض النزاع حول الصحراء ، مشيرا إلى أن الاثنين يرتكزان على مقومات دولة القانون وعلى نشر فلسلفة التشارك في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية. ويرى الأستاذ المرابط أن الحديث عن الحكم الذاتي في إطار التعبئة الشاملة لدعمه، يتعين أن يرافقه الحديث عن الجهوية الموسعة وأهدافها التي تكمن بالخصوص في تطوير نظام الحكم اللامركزي في البلاد، إلى جانب التعريف بالإنجازات التنموية التي تحققت في الأقاليم الصحراوية، وعن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وكذا عن الأوراش الكبرى التي ساهمت في تغيير وجه المغرب الجديد. واعتبر أن مشروع الحكم الذاتي استطاع بفضل المزايا التي يشملها أن يحظى باهتمام دولي واسع ، مما أربك حسابات خصوم الوحدة الترابية وبعثر أوراقهم ، مشيرا إلى أنه مشروع سيمكن أيضا من دعم صرح اتحاد المغرب العربي وإزاحة العراقيل أمام مسيرته. وفي ختام الندوة تم اختيار منسقين جهويين للتنسيقية الوطنية من أجل حشد مزيد من التعبئة والعمل على إنجاح مقترح الحكم الذاتي عبر تنظيم تظاهرات تعبوية لتقديم شروحات وأهداف المشروع. ومن جهة أخرى، نظمت التنسيقية الوطنية مسيرة تضامنية مع السيد مصطفى ولد سلمى ولد سيدي مولود الذي اختطفته مؤخرا ميليشيات "البوليساريو"، حيث ندد المشاركون فيها بشدة بعملية اختطافه، داعين إلى إطلاق سراحه الفوري بدون قيد ولا شرط. كما طالبوا المنتظم الدولي بضمان سلامته الجسدية وحقه في التعبير عن آرائه بكل حرية والتدخل العاجل لرفع الحصار المفروض على سكان المخيمات.