دعا المشاركون في الورشة الدولية حول النقوش الصخرية التي احتضنتها مدينة السمارة على مدى ثلاثة أيام إلى حماية النقوش الصخرية وحمايتها من النهب والتدمير باعتبارها تراثا عالميا إنسانيا. وأبرزوا، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش هذه الورشة التي اختتمت أشغالها أول أمس الخميس أن ضياع هذا التراث يعني القضاء على حضارة وتاريخ الإنسانية لآلاف السنين، مؤكدين على أهمية هذا اللقاء للتحسيس بقيمة هذا الموروث الثقافي الإنساني. وفي هذا الإطار، أشار رئيس جميعة "تارا" السيد ديفيد كولسون إلى أن "النقوش الصخرية موروث قديم ومهم جدا لأنها تشكل المعطيات الوحيدة حول آلاف السنوات الماضية وتفتح لنا نافدة على تاريخنا وثقافتنا وعلى المستوى الفني لماضي إفريقيا". وشدد السيد كولسون على ضرورة تضافر جهود جميع المتدخلين والمهتمين من أجل الحفاظ عليه وحمايته من النهب والتدمير باعتباره إرث الأجداد ولا يمكن تعويضه، مبرزا أن لقاء السمارة تميز ب`"العمل التشاركي مع جميع المتدخلين والمعنيين على الصعيد الإفريقي والعالمي، وتبادل الخبرات والتجارب والمعلومات حول النهب والتدمير الذي تتعرض له النقوش الصخرية". من جهتها، دعت رئيسة مشروع التأريخ المباشر والغير المباشر للفن الصخري بالصحراء الجزائرية السيدة مليكة حاشيد إلى التدخل العاجل من أجل حماية النقوش الصخرية التي تتعرض للإتلاف والنهب باستمرار في غياب تام للعناية والمراقبة والعمل على إيجاد حلول ناجعة للحفاظ على هذا التراث الإنساني من الاندثار والتخريب. وأبرزت السيدة حاشيد أن هذه الورشة مكنت من التعرف على العدد الهائل من مواقع النقوش الصخرية التي يتوفر عليها المغرب وهذا ما يجعله من أغنى دول العالم في هذا الميدان، مشيرة إلى أن تواجد هذه المواقع في الصحراء بشساعتها يعقد من عملية المراقبة والحراسة مما يستدعي تضافر جهود المتدخلين والمهتمين لتحسيس الساكنة المحلية بالقيمة التاريخية والسياحية لهذا الموروث الثقافي. من جانبه، اعتبر السيد جورج اونريبيا وهو أستاذ التاريخ بجامعة "كاسيا لامنشا "باسبانيا ان أحسن طريقة للحفاظ على هذا التراث من الضياع هو اشراك الساكنة المحلية وتحسيسها بان هذا التراث جزء من هويتهم يستوجب المحافظة عليه وإدماجهم في تدبيره من اجل تثمينه. وأكد السيد جورج، الذي قام بإعداد دراسة حول النقوش الصخرية بجهة كلميم، أن ملتقى السمارة الذي تم خلاله ولأول مرة عقد اجتماع لثلة من الخبراء من مختلف التخصصات في هذا الميدان من عدة دول، شكل فرصة للتفكير واتخاذ تدابير وإصدار توصيات لصناع القرار إضافة استعراض مجموعة من التجارب واقتراح إجراء أخرى مشتركة. من جانبها، دعت رئيسة جمعية "امار" السيدة نعيمة اولمكي جميع الفاعلين والمهتمين من سياسيين ومجتمع مدني وسلطات ومنتخبين الى الانخراط بقوة للتحسيس بأهمية هذا الارث الحضاري الكبير والمساهمة في الحفاظ عليه من الزوال، مشيرة إلى أن ضياعه سيكون نهائيا وأبديا ولا يمكن تعويضه. وأشارت السيد اولمكي، وهي خبيرة وأستاذة باحثة في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، إلى أن هذا الملتقى الذي ضم العديد من المتخصصين من جميع القارات شكل مناسبة للمشاركين لتبادل التجارب والخبرات وفرصة سانحة لخلق شراكات وشبكات للتعاون. أما النائب الأول لرئيس جمعية أمنير السيد عبد السلام بو جليل فأكد أن تنظيم هذه الورشة الدولية بمدينة السمارة بمشاركة 24 دولة من مختلف القارات يهدف بالأساس إلى التعريف بمواقع النقوش الصخرية التي يزخر بها هذا الإقليم، موضحا أنه تم اكتشاف مواقع مهمة وقديمة جدا لأول مرة . وأضاف أنه سيتم القيام بدراسات بهذه المواقع وتقييمها وترتيبها نقوش صخرية عبر العالم وتحديد حقبها التاريخية، مشيرا إلى أنه سيتم تحسيس المواطنين والساكنة بأهمية هذه المواقع وتوعيتهم بضرورة الحفاظ عليها كموروث إنساني. وتم خلال هذه الورشة، التي شارك فيها نخبة من الباحثين والمتخصصين في النقوش الصخرية من أمريكا وأوروبا وإفريقيا والعالم العربي، إلقاء مجموعة من العروض والمداخلات همت على الخصوص "الحفاظ على النقوش الصخرية من خلال التشخيص"، و"من أجل حماية النقوش الصخرية .. رؤية اجتماعية للصخور المنقوشة والاركيولوجية"، و"الحفاظ على فن النقوش الصخرية الصحراوية"، و"نهب وتدمير المواقع النقوش الصخرية .. تهديد جماعي ومبادرة عامة من أجل حماية فن النقوش الصخرية للموروث العالمي"، و"مشاريع مؤسسة "تارا" لفن النقوش الصخرية .. التزام المجتمعات من أجل المحافظة المستدامة"، و"البعد الجمالي للنقوش الصخرية من خلال الفن التشكيلي". وتميزت هذه الورشة، التي نظمتها وزارة الثقافة بتعاون مع مؤسسة الفن الصخري الإفريقي "تارا" (كينيا) وعمالة إقليمالسمارة وجمعيات المجتمع المدني بجهة كلميم-السمارة التي تعنى بحماية التراث الصخري، بتدشين المحافظة الأولى بالموقع الصخري "لومات العصلي بوكرش" (على بعد حوالي 11 كلم غرب مدينة السمارة) التي تندرج في إطار المقاربة الجديدة التي اعتمدتها وزارة الثقافة خلال السنتين الأخيرتين بهدف تثمين التراث الثقافي الوطني وإدماجه في مسلسل التنمية المستدامة.