انطلقت اليوم الثلاثاء بالسمارة أشغال ورشة دولية حول النقوش الصخرية، تنظمها، على مدى ثلاثة أيام، وزراة الثقافة، بتعاون مع مؤسسة الفن الصخري الإفريقي (تارا). وتهدف هذه التظاهرة العلمية، المنظمة كذلك بتعاون مع عمالة إقليمالسمارة وجمعيات المجتمع المدني بجهة كلميم-السمارة، التي تعنى بحماية التراث الصخري، إلى التحسيس بأهمية النقوش الصخرية وضرورة صيانتها وحمايتها من التدمير والتلف باعتبارها تراثا إنسانيا عالميا مشتركا. وأكد الكاتب العام لوزارة الثقافة السيد أحمد اكويطع، خلال الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة العلمية، على الأهمية الخاصة التي تكتسيها هذه الورشة، التي تعرف مشاركة نخبة من الباحثين والمتخصصين في النقوش الصخرية من أمريكا وأوروبا وإفريقيا والعالم العربي. وأبرز السيد اكويطع أن المغرب يضم مجموعة من المواقع الصخرية تزخر بنماذج متنوعة من النقوش الصخرية بعدد من جهات المملكة، الأمر الذي حذا بوزارة الثقافة إلى إحداث مركز وطني للتراث الصخري منذ سنة 1994 عهد إليه بإنجاز دراسات وبحوث حول الفن الصخري. وأوضح أنه تماشيا مع التوجهات الحكومية، الرامية إلى تثمين التراث الثقافي الوطني وإدماجه في مسلسل التنمية المستدامة، اعتمدت الوزارة خلال السنتين الأخيرتين مقاربة تهم إحداث محافظات للنقوش الصخرية بأهم المواقع الصخرية، مبرزا أن هذه المحافظات، وهي ذات طابع إداري وتقني، ستعمل، بالأساس، على تثمين هذا التراث والتدخل في حالة الاستعجال من أجل إعادة تأهيله وترميمه. وأضاف أن الوزارة ستعمل على عقد اتفاقيات تعاون وشراكة مع الفاعلين المحليين والجهويين ومع الجمعيات المهتمة بالتراث الثقافي والتنمية المحلية من أجل توفير المتطلبات المادية والبشرية الضرورية قصد تثمين المواقع الصخرية. وأكد أن حضور ثلة من الخبراء الدوليين لهذه التظاهرة العلمية لتبادل خبراتهم وتجاربهم سيكون بدون شك مرحلة هامة من أجل وضع سياسة فعالة لتثمين هذا التراث والحفاظ عليه. من جهته، أبرز عامل الإقليم السيد محمد سالم الصبتي أنه إلى حد الآن لم يتم كشف الكثير من أغوار الفن الصخري بالصحراء المغربية رغم جملة من الدراسات التي تم انجازها في هذا المجال منذ عشرينيات القرن الماضي، مذكرا بالأبحاث والدراسات التي أنجزها عدد من الباحثين الاركيولوجيين من دول إسبانيا والنمسا وفرنسا وألمانيا والتي أبرزت غنى الفن الصخري بالصحراء المغربية، وتؤرخ لمختلف الحقب التي عاشتها المنطقة. وسجل أن النقوش الصخرية بهذه المنطقة تهددها مخاطر طبيعية مرتبطة بالتقلبات المناخية وعوامل التعرية وزحف الرمال، وأخرى بشرية نتيجة التوسع العمراني واستغلال الموارد الطبيعية وتوسع الأنشطة الإنتاجية والرعي الجائر والنشاط السياحي الغير مسؤول والإغراءات المادية التي تدفع إلى نهب وتدمير هذه الآثار مما يستدعي تضافر جهود الجميع من أجل توفير كافة سبل الحماية الممكنة. ودعا السيد الصبتي إلى تعزيز جهود التوثيق في اتجاه تجميع كافة المعطيات والدراسات المعروفة، وإنجاز خرائط للمواقع مع الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال التصوير الفوتوغرافي وكذا إلى تعزيز التعاون والتبادل العلمي الدولي حول طرق استغلال دراسة مواقع النقوش الصخرية بهذه المنطقة، وذلك بهدف المساهمة في إغناء وترشيد دراسة الفن الصخري والتمكين من فهم مصدر مختلف مراحل أعمار المنطقة خلال الحقب السحيقة. من جانبه عبر رئيس المجلس الإقليمي السيد محمد سالم لبيهي عن اعتزازه بتنظيم هذه الورشة الدولية بمدينة السمارة، نظرا لما يزخر به هذا الإقليم من سجلات تاريخية بعدد من المتاحف الطبيعية حول النقوش الصخرية المتواجدة في منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب الشاهد على عراقة هذه المنطقة وبعدها التاريخي. وذكر السيد لبيهي بأهمية المحافظة على التراث باعتباره مخزونا فكريا وإبداعيا ومعرفيا لأمم خلت منذ ملايين السنين، داعيا إلى الاهتمام بدراسة الحقب التاريخية بمنطقة السمارة وإبرام اتفاقيات مع معاهد علمية متخصصة واعتماد منهج علمي لدعم عمليات المسح الأثري وتكوين فريق أثري للاستطلاع والتنقيب في منطقة السمارة. ومن جهته، أبرز مدير مديرية التراث بوزارة الثقافة السيد عبد الله صالح أن الوزارة تولي أهمية خاصة لفن النقوش الصخرية، مشيرا إلى أن الحضور الوازن لعدد من الخبراء والشخصيات المهتمة بهذا الفن من عدد من الدول من أجل تبادل وجهة النظر والخبرات قصد الحفاظ على هذا الموروث الإنساني الذي لا يمكن تعويضه، يجسد الوعي بأهمية هذا الثراث. وسجل أن هذا الملتقى، الذي يندرج في سياق المحافظة على التراث الصخري بالقارة الإفريقية وعبر العالم وخاصة بالمغرب الذي يصنف من بين الأقطار الغنية بمواقع النقوش الصخرية، هو نتيجة لمجهودات عدد من المتدخلين والفاعلين من أجل التفكير وتسليط الضوء على الإجراءات التي يتعين اتخاذها من أجل حماية هذا الموروث من النهب والتدمير. وستتواصل أشغال هذه الورشة الدولية بتنظيم مجموعة من المداخلات تتناول مجموعة من المواضيع تهم، بالخصوص، "الحفاظ من خلال التشخيص" و"من أجل حماية النقوش الصخرية .. رؤية اجتماعية للصخور المنقوشة والاركيولوجية" و"الحفاظ على فن النقوش االصخرية الصحراوية" و"نهب وتدمير المواقع النقوش الصخرية .. تهديد جماعي ومبادرة عامة من أجل حماية فن النقوش الصخرية للموروث العالمي" و"مشاريع مؤسسة تارا لفن النقوش الصخرية .. التزام المجتمعات من أجل المحافظة المستدامة" و"البعد الجمالي للنقوش الصخرية من خلال الفن التشكيلي".