عقدت لجنة اليقظة الاستراتيجية، أمس الثلاثاء بالرباط، اجتماعها الثامن برئاسة وزير الاقتصاد والمالية السيد صلاح الدين مزوار. وأشار بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية إلى أن هذا الاجتماع شكل مناسبة لجرد حصيلة مرحلية من عمل لجنة اليقظة الاستراتيجية كآلية للتشاور والاقتراح، من خلال تسليط الضوء على إنجازاتها ومكتسباتها. وكرد فعل على المؤشرات الأولية للأزمة، حرصت الحكومة المغربية على إحداث لجنة اليقظة الاستراتيجية. وفي معرض تدخله بهذه المناسبة، أبرز وزير الاقتصاد والمالية التطورات الراهنة للمناخ الدولي المطبوع بمؤشرات بوادر انتعاش الاقتصادات العالمية الكبرى، لكن مع استمرار بعض الشكوك بخصوص حجم الانتعاش خلال 2010 ، وخطر الصدمة المضادة. ونقل المصدر ذاته عن السيد مزوار قوله إنه على المستوى الوطني، وبفضل دينامية نمو متواصل، سجل الاقتصاد مرونة جيدة في مواجهة تأثيرات الأزمة، مضيفا أنه على الرغم من ذلك تم تسجيل بعض الهشاشة الهيكلية التي تستدعي مزيدا من اليقظة وإعادة الدينامية. وقال إن عرض ترسانة المراقبة المتعلق بتطور الظرفيات القطاعية أثبت انخفاض إيقاع التراجعات على مستوى مجموع القطاعات المعنية (الصناعة، السياحة، مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط وتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج)، مسجلا أن الحفاظ على المنحى ذاته في ما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية بهدف تحقيق تموقع أفضل لما بعد الأزمة يبقى أمرا حاسما. وتضم لجنة اليقظة الاستراتيجية، التي يرأسها وزير الاقتصاد والمالية، ممثليين عن القطاعات الوزراية والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص. وتهدف إلى ضمان آليات التشاور وإعادة الدينامية في مواجهة تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية الدولية على الاقتصاد الوطني، خاصة القطاعات المصدرة المعنية بآجال تنفيذ لها صلة بتطور الأزمة. وتم أيضا إحداث لجان قطاعية تتكون من ممثلين عن القطاع العمومي والخاص بغية تعزيز القدرات الاقتراحية والعملية والتتبع بتنسيق مع لجنة اليقظة الاستراتيجية. وقد اعتمدت لجنة اليقظة الاستراتيجية منذ إحداثها العديد من الإجراءات التي تروم بالأساس الحفاظ على مناصب الشغل وتعزيز تنافسية القطاعات المتضررة من الأزمة الاقتصادية العالمية. وتتمحور هذه الإجراءات حول أربعة محاور اجتماعية ومالية وتجارية وخاصة بالتكوين. وفي ما يتعلق بالقطاع السياحي، تم إرساء مخطط عمل "كاب 2009" بغلاف مالي قدره 100 مليون درهم. كما تم أيضا في ماي 2009 تخصيص مبلغ إضافي بواقع 300 مليون درهم لتعزيز الانتعاش السياحي الموجه بالأساس لمدينة مراكش ودعم السياحة الداخلية. واستفاد المهاجرون المغاربة المقيمون بالخارج أيضا من العديد من الإجراءات، خاصة إعانة حكومية لحامل كل مشروع بنسبة 10 في المائة من تكلفة المشروع، يساهم فيها صاحب المشروع بنسبة 25 في المائة (بالعملة الصعبة) من الرأسمال الإجمالي، مع إمكانية حصوله على قرض بنكي أقصاه 65 في المائة من مجموع الاستثمار. كما يستفيدون، وإلى غاية 31 دجنبر 2009 ، من مجانية تحويلات الأموال التي يتم إنجازها بواسطة الأبناك المغربية أو شبكاتها بالخارج، ومن انخفاض بنسبة 50 في المائة من عمولة الصرف المعمول به في مجموع المعاملات مع الخارج، وذلك اعتبارا من يونيو 2009 . وعلى صعيد آخر، سجل تطور الإجراءات التي تم إرساؤها لمواجهة الأزمة هيمنة الإجراءات المتعلقة بالشق الاجتماعي بحصة بلغت 59 في المائة من الطلبات. وفي الشق الاجتماعي، خصص الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 3 ر357 مليون درهم لفائدة 421 جمعية. وعلى مستوى القطاعات، تمثل مقاولات النسيج والألبسة والجلد أكثر من 90 في المائة من نسبة المستفيدين متبوعة بقطاع السيارات ب 8 في المائة. وفي ما يتعلق بالجانب المالي، عالج الصندوق المركزي للضمان 115 ملفا، تتعلق 93 في المائة منها بقطاع النسيج; أي ما يعادل مبلغ 686 مليون درهم. وبخصوص الشق التجاري، تم منذ تنفيذ هذا الإجراء معالجة مجموعة من الملفات، وشملت كل القطاعات مع تسجيل عدد أكبر بالنسبة لقطاع النسيج، ونفس الأمر بالنسبة لدعم المجهودات الرامية إلى تنويع الأسواق (التجارة الخارجية). أما الشق المتعلق بالتكوين فقد تمت الموافقة على 134 طلبا منها 111 في قطاع النسيج والجلد و20 في المائة في مجال تجهيز السيارات. وقد مكنت مجموع هذه الإجراءات، التي اتخذت لمواجهة الأزمة إلى جانب مخططات الإقلاع، من الحد من وتيرة التراجع الذي تم تسجيله منذ نهاية 2008 وبداية 2009. وتم تسجيل أهم مؤشرات التحسن الأكثر دلالة على مستوى المصدرين الأساسيين للعملة الصعبة، وهما قطاعي السياحة والتحويلات، حيث انتقل إيقاع التراجع المسجل على صعيد المداخيل السياحية وتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج على التوالي من (ناقص 6 ر21 في المائة) و(ناقص 6 ر14 في المائة) نهاية مارس 2009 إلى (ناقص 1 ر8 في المائة) و(ناقص 7ر7 في المائة) عند نهاية أكتوبر 2009. وبخصوص القطاعات المصدرة، يتضح أن وتيرة انخفاض الصادرات خارج منتجات مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، قد تباطأت بشكل ملحوظ حيث انتقلت إلى 9ر 13 في المائة نهاية أكتوبر عوض 2 ر22 في المائة نهاية مارس. ولمواكبة القطاعات التي تضررت مباشرة من الأزمة، أولت لجنة اليقظة الاستراتيجية أهمية للقطاعات الواعدة بغية توفير الظروف الكفيلة بخلق الثروات والتشغيل في هذه القطاعات. وفي هذا السياق، اهتمت لجنة اليقظة الاستراتيجية بقطاعي العقار والصيد البحري. وبعد عرض حصيلة إنجازاتها، تطرقت اللجنة لآفاق 2010 من أجل تطوير تجربتها، وبصفة خاصة على مستوى تقييم التأثيرات، وذلك بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين. وهكذا ستبقى اللجنة معبأة لضمان أفضل يقظة ممكنة للحفاظ على مؤهلات النمو والتشغيل، وللاستفادة من الفرص التي توفرها مرحلة ما بعد الأزمة، من خلال تحقيق أفضل دعم لتنافسية الاقتصاد الوطني على الصعيد الدولي ودعم دينامية القطاعات المرتبطة بالطلب الداخلي. وقد جرى هذا اللقاء بحضور والي بنك المغرب ووزراء الفلاحة والصيد البحري والسياحة والصناعة التقليدية والتجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة والشؤون الاقتصادية والعامة وكاتب الدولة لدى وزير الداخلية وكذا ممثلي مختلف القطاعات الوزارية الأعضاء في هذه اللجنة.