اعتبرت لجنة اليقظة الاستراتيجية أنه رغم بوادر انتعاش الاقتصاد العالمي، فإن هناك شكوكا كبيرة لا زالت قائمة في العديد من البلدان، الأمر الذي يدعو إلى مزيد من اليقظة، ولا سيما في ما يتعلق بإشكالية التشغيل والتمويلات العمومية. وأوضح بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية، نشر عقب الاجتماع التاسع للجنة اليقظة الاستراتيجية الذي انعقد اليوم الاربعاء بالرباط، أنه " تم رصد آفاق لتحسن الوضعية الاقتصادية على الصعيد العالمي سنة 2009، كما لوحظ فصل بين دينامية الاقتصاديات المتقدمة والاقتصاديات الصاعدة، وذلك لفائدة آفاق أكثر إيجابية للنمو لهاته الأخيرة". وأضاف المصدر ذاته أنه "مع ذلك، وعلى الرغم من بوادر الانتعاش هاته، فإن القضايا الأساسية تبقى غير مؤكدة وتحتاج إلى مزيد من اليقظة خاصة فيما يتصل بإشكاليات التشغيل والتمويل العمومي". وقدم وزير الاقتصاد والمالية السيد صلاح الدين مزوار، بهذه المناسبة، عناصر التأطير المتعلقة بوضعية المناخ الدولي. وأوضح أنه بفضل دينامية النمو المدعم فإن المغرب أبدى مرونة جيدة في مواجهة آثار الأزمة، مضيفا أن "بعض الهشاشة الهيكلية أظهرتها هذه الأزمة وتدعو إلى تتبع مدعم من قبل لجنة اليقظة الاستراتيجية". وأكد أن تقديم تدابير الرصد المتعلقة بتطور الظرفية القطاعية مكنت من التخفيف من حدة وتيرة الانخفاضات على صعيد مجموع القطاعات المعنية (الاقتصاد، السياحة، المكتب الشريف للفوسفاط، تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج). وأوضح البلاغ أن بوادر التحسن الأكثر دلالة تم ملاحظتها على صعيد مصدرين رئيسيين للعملة الصعبة بالمملكة ويتعلق الأمر بالسياحة وتحويل الأموال، مضيفا أن وتيرة انخفاض مداخيل السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج انتقلت على التوالي من ناقص 6ر21 في المائة وناقص 6ر14 في المائة في متم شهر مارس 2009 إلى ناقص 5 في المائة وناقص 3ر5 في المائة في متم شهر دجنبر الماضي. كما أظهرت باقي القطاعات المصدرة بوادر انتعاش مشجعة وأن وتيرة انخفاض الصادرات خارج المكتب الشريف للفوسفاط تباطأت بشكل ملحوظ حيث سجلت 7ر10 في المائة في متم شهر دجنبر الماضي عوض 9ر21 في المائة في متم شهر مارس الماضي. كما أن بوادر الانتعاش انعكست من خلال بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي أظهرت تباطؤا في وتيرة فقدان مناصب الشغل. أما بخصوص فقدان مناصب الشغل في قطاعات "النسيج والألبسة" فقد انتقل من 12 ألف و476 إلى 7473 ما بين أبريل ودجنبر من سنة 2009. وبالنسبة لقطاع "تجيهز السيارات" فإن التطور كان إيجابيا حيث تم خلق فرص شغل صافية تقدر ب`753 منصب في دجنبر الماضي، مقابل 3091 منصب في أبريل. كما شكل الاجتماع التاسع للجنة اليقظة الاستراتيجية مناسبة لتدارس حصيلة تقييم التدابير المتخذة لمواجهة الأزمة. وحسب إحصائيات نشرت عقب هذا الاجتماع فإن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي رصد 6ر465 مليون درهم لتعويض 394 مقاولة (94 في المائة منها لقطاع النسيج والألبسة والجلد و8 في المائة لقطاع السيارات). كما عالج صندوق الضمان المركزي 116 ملفا (686 مليون درهم)، 93 في المائة منها تتعلق بقطاع النسيج، ومنح 160 شهادة الأهلية في ميدان التكوين منها 131 بالنسبة لقطاع النسيج والألبسة والجلد و26 لتجهيزات السيارات. وفيما يتعلق بالمحور الاقتصادي وتنويع الأسواق، أوضح المصدر ذاته، أن كافة القطاعات شملتها تدابير مواجهة الأزمة، مع هيمنة لقطاع النسيج. وعلى ضوء هاته التقييمات فإن أعضاء لجنة اليقظة الاستراتيجية أخذت بمقترح تمديد مجموع هاته التدابير إلى الستة الأشهر القادمة. كما تشاورت اللجنة حول مواضيع مستقبلية لسنة 2010 والتي لها طابع قطاعي أو أفقي، وبما يتفق مع منطق الانتعاش من أجل تموقع أفضل ما بعد الازمة. وحسب وزارة الاقتصاد والمالية فإن القضايا المتعلقة بالاندماج الاقليمي والشراكة جنوب-جنوب، والتموقع، والتنافسية ومحركات النمو تم اتخاذها كمحاور ذات أولوية والتي ستنكب عليها مجموعات العمل المشكلة في إطار لجنة اليقظة الاستراتيجية. وأضافت الوزارة أنه تم إصدار توصية بإعادة تنشيط خلية "العقار" وذلك من أجل القيام بتفكير حول قطاع الاسكان فيما يتعلق بإشكالية الادخار على المدى البعيد، مؤكدة على أن لجنة اليقظة الاستراتيجية ستبقى معبأة لضمان أفضل يقظة لحماية مؤهلات النمو بالمغرب والتشغيل ومن أجل الاستفادة من الفرص الممنوحة في فترة ما بعد الأزمة، وإرساء الركيزة المثلى لاقتصاد البلد على الصعيد الدولي، وتعزيز محرك التصدير وتشجيع دينامية القطاعات المرتبطة بالطلب الداخلي. وقد شارك في هذا الاجتماع، الذي ترأسه وزير الاقتصاد والمالية، والي بنك المغرب ووزراء الاسكان والتعمير والتنمية المجالية، والطاقة والمعادن والماء والبيئة، والتجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة، والتجارة الخارجية، والشؤون الاقتصادية والعامة، والجالية المغربية المقيمة بالخارج، وكذا ممثلو مختلف القطاعات الوزارية الأعضاء في لجنة اليقظة الاستراتيجية. كما شارك في هذا الاجتماع الرؤساء المدراء العامون للمكتب الشريف للفوسفاط، والتجاري وفا بنك، والبنك المركزي الشعبي، ورؤساء الفدرالية العامة لمقاولات المغرب، والجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة، والجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات، وفيدرالية السياحة والمجلس الوطني للتجارة الخارجية.