شكل موضوع مستقبل التعمير والبيئة والتنمية المستدامة في إقليم تينغير محور لقاء تواصلي نظم ، أمس الإثنين، في مدينة تينغير وتميز بمشاركة نخبة من المتدخلين في القطاعات الثلاثة على الصعيد المحلي والجهوي والوطني. ويندرج تنظيم هذا اللقاء الذي التأم بمبادرة من الوكالة الحضرية لورزازات زاكورة وتنغير، بتعاون مع عمالة الإقليم في إطار تقديم المساعدة التقنية للجماعات الحضرية والقروية التابعة لمنطقة نفوذ الوكالة، خاصة في إقليم تنغير الفتي الذي يتميز بغنى موروثه الثقافي وإمكاناته الطبيعية الكبيرة، لكنه يعرف مقابل ذلك مجموعة من الاختلالات في مجالي التعمير والبيئة. وقال عامل إقليم تينغير السيد محمد نخشى، في افتتاح أشغال هذا الملتقى التواصلي، إنه إذا كان التعمير يشكل أساس كل تنمية اقتصادية واجتماعية لارتباطه العضوي بمختلف القطاعات الأخرى، فإنه يعتبر، أيضا محورا استراتيجيا في مجال التنمية البشرية، ودعامة لتوفير السكن الكريم للمواطنين. وأشار عامل الإقليم في هذا الصدد، إلى أن السلطات المحلية بالإقليم قررت بناء على الاعتبارات السالفة جعل قطاع التعمير أولوية ضمن اهتماماتها. وأوضح أن تنظيم هذا اللقاء يروم إطلاع مختلف المتدخيلن في مجال التعمير على القوانين المنظمة للقطاع، والمساطر الخاصة بزجر المخالفات والتصدي للبناء العشوائي باعتباره من أكبر المعوقات التي تعرقل الاستثمار، معلنا أن إقليم تينغر أصبح مشمولا بالتغطية الجوية الموجهة لمراقبة انتشار البناء العشوائي. وبعدما ذكر بأن المجال العقاري في إقليم تينغير يغلب عليه طابع الأراضي السلالية، دعا السيد نخشى ممثلي ذوي الحقوق إلى العمل ، بتنسيق مع سلطة الوصاية على هذه الأراضي، إلى توفير الشروط المساعدة على خلق أرضية مناسبة لتشجيع الاستثمار في الإقليم . كما حث السيد نخشي مصالح الوكالة الحضرية على العمل على الإسراع بوضع وثائق التعمير الخاصة بالإقليم التي تعتبر بمثابة خارطة طريق لأية تنمية مستدامة ومتناسقة. ومن جهته، شدد رئيس المجلس الإقليمي لتينغير السيد إبراهيم بن ديدي على ضرورة الأخذ بعين الإعتبار الخصوصيات المميزة للإقليم عند بلورة أي مخطط للتنمية العمرانية، موضحا في هذا الصدد بأن الرصيد العقاري للإقليم محدود بالنظر لطبيعته الجغرافية التي يهيمن عليها المجال الجبلي والواحات حيث يبقى أي توسع عمراني للإقليم مرهونا بهذين المعطيين. وأضاف السيد بن ديدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهيئات المنتخبة تعمل بتنسيق واسع مع السلطة الإقليمية ومصالح الوكالة الحضرية لورزازات زاكورة وتنغير من أجل بلورة تصور مناسب يتيح للإقليم تطورا عمرانيا متناسقا، يشجع على الاستثمار المنتج، ويتيح للساكنة إمكانيات التوفر على السكن الكريم في محيط يحفظ الكرامة للإنسان ويولي ما يلزم من العناية للحفاظ على البيئة. من جانبه، أكد رئيس بلدية تنغير السيد عمر عباس في مداخلته أن المشاكل التي يعرفها قطاع التعمير بالمدينة تدعو كافة المتدخلين إلى دراستها بما يلزم من الموضوعية، ومن تم العمل على ايجاد الحلول المناسبة لها وفق رؤية مستقبلية تستشرف آفاق تطور هذا القطاع. وأعرب رئيس بلدية تينغير عن اعتقاده بأن التعاطي مع قطاع التعمير بالمدينة يستوجب عمل مختلف المتدخلين انطلاقا من خمس مقاربات مجالية، واجتماعية، وبيئية، وبرمجية تعاقدية، إلى جانب المقاربة التي تأخذ بعين الإعتبار خصوصية المجال العقاري بتنغير الذي يغلب عليه طابع الأراضي السلالية الخاضعة للعرف القبلي، فضلا عن اعتماد أسلوب المرونة في التعامل مع الملفات والإسراع بإنجاز وتحيين وثائق التعمير. أما السيد البشير أوسيبلا مدير الوكالة الحضرية لورزازات زاكورة وتنغير فقد استعرض الاختلالات الكبرى التي يعرفها قطاع التعمير في إقليم تينغير والمتمثلة، على الخصوص ، في التعمير الطولي على ضفاف الوديان والطرقات، وعدم احترام قوانين التعمير( الترامي على الملك العمومي، البناء في الواحات...)، وانتشار التقسيمات غير القانونية للأراضي السلالية. وأبرز السيد أوسبيلا أن هذه الإختلالات تنعكس بشكل سلبي على التوازنات البيئية،وتعيق الفرص المتاحة للتنمية المستدامة بالإقليم، مضيفا أنه وعيا من الوكالة الحضرية بضرورة المساهمة في الحد من هذه الاختلالات فإنها ستعمل على توفير الشروط المناسبة لتحقيق تطور متناسق لمجالي التعمير والبيئة. وأضاف أن الوكالة ستفتح عما قريب ملحقة إدارية لها في مدينة تينغير، كما ستعمل في الوقت ذاته على فتح الشباك الوحيد في كل من بلديتي تينغير وبومالن دادس، حيث سيشمل نفوذهما الجماعات القروية المجاورة للبلديتين، وذلك في سياق حرص الوكالة على تقريب خدماتها من المواطنين. وتميز هذا اللقاء الدراسي الذي عرف مشاركة مكثفة لرؤساء ومستشاري الجماعات الحضرية والقروية بإقليم تينغير إلقاء ومناقشة عدة عروض قدمها ممثلون عن فرع الجنوب للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين، ومديرية الشؤون القانونية بوزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، والمعهد الوطني للتهيئة والتعمير، إلى جانب أساتذة باحثين متخصصين في مجالي القانون والتهيئة والعمران. وهمت هذه العروض قضايا تهم بالخصوص "نظام المراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير"، و "اختصاصات رؤساء الجماعات الحضرية والقروية في مجال التعمير ورقابة القضاء الإداري عليها"، و"دور المهندس المعماري في ميدان البناء والتعمير"، و "واقع التعمير في إقليم تنغير".