مارتيل؛ حول موضوع "قراءات في تجارب نقدية" وذلك بمشاركة نخبة من الباحثين في حقلي الأدب والنقد. ففي قراءة لكتاب "النظرية السردية" للناقد والأكاديمي عبد الرحيم جيران، اعتبر الباحث مصطفى الورياغلي أن الكتاب يتطرق إلى جملة من القضايا النظرية التي شغلت صاحب الكتاب من قبيل دوافع الكتابة وإشكالات المتن الروائي؛ خصوصا رواية "الحي اللاتيني" لسهيل إدريس التي كانت موضوع الدراسة، كما اعتبر الورياغلي أن قراءة جيران لهذه الرواية تحمل في طياتها بذرة للحداثة الطليعية، خصوصا وأنها لاتتكئ على مرجعية نقدية سابقة بل تؤسس لمنهج نقدي جديد سماه "المنهج التجديلي التضافري" مشيرا إلى أن مقاربة جيران كانت "ذات طابع أكاديمي ومطعمة بالمنهج السيميائي". وفي الموضوع ذاته، عقب الباحث عماد الورداني أن مشروع جيران استطاع أن يؤسس فاعلية وترابطا بين حدين تعاملت معهما السيميائيات باعتبارهما متنافرين؛ وهما المستوى الدلالي والتعبيري. وفي قراءة للباحث عبد اللطيف الزكري في كتاب "ظمأ الروح" لمحمد أنقار، اعتبر أن الكتابة النقدية لديه تمتلك شكل بناء تطوري يعلو بتراكم التجربة النقدية عبر النشر وهي كتابة لا تنفك تسائل ذاتها. وأضاف الزكري أن مشروع أنقار يتمحور حول التفكير النقدي في الصورة الروائية خصوصا والسردية عموما. متسائلا عن المفاهيم النقدية في "ظمأ الروح" ودورها ووظيفتها في بناء تصور الناقد ثم كيف توصل إلى استشراف بلاغة السمات في رواية "نقطة النور" لبهاء طاهر. وخلص الزكري إلى أن أنقار كان دقيقا في اختيار مصطلحاته النقدية حيث أعاد بناء الرواية بقراءة عميقة تستجلي جماليتها وإنسانيتها عبر انتقاء مجموعة من السمات المهيمنة في الرواية والتي تتساند في مجموعها لتنتج صورا أدبية. واختلف الطالب الباحث هشام مشبال مع قراءة الزكري في كون كتاب "ظمأ الروح" دشن مفاهيم نقدية جديدة، لأن الغاية، في اعتقاده، ليست ضبط المفاهيم وإنما البحث في سمات غير قابلة للحصر، سمات تصنع خصوصية عمل أدبي محدد، وانطلقت قراءة الباحث عز الدين الشتنوف لكتاب "استبداد الصورة" لعبد الرحيم الإدريسي من اعتبارين منهجيين؛ يسعى أولهما إلى استقراء خطاب هذا الكتاب من داخل ممارسة القراءة التي يتبناها مشروعا واستراتجية نقديين، ويروم ثانيهما البحث في تنظيم هذا الخطاب وعناصره البانية من حيث كونه ممارسة معرفية ذات نسق وبناء. في حين انصب تعقيب الطالب الباحث محسن الزكري على تقديم قراءة تركيبية حاورت النص المدروس والنص الدارس، ليخلص إلى أن مداخلة الشنتوف رامت تحقيق هدف مزدوج؛ تمثل في استكشاف وتجلية الأساس الابستمولوجي الناظم لأطروحة كتاب "استبداد الصورة" أولا، ثم توسيع دائرة النقاش حول الإشكالات الكثيرة التي تطرحها الشاعرية الروائية وبلاغة السمات والصورة الروائية ثانيا، وتطرق إلى جانب ظل، في تقديره، مؤجلا وغير مطروق في مشروع الصورة بعامة وهو الجانب الإبستمولوجي والفلسفي لهذا المشروع، والذي يعد أيضا وفي تقديره دائما المجال الكفيل بتجلية مجموعة من أشكال سوء الفهم التي ما زالت تكتنف هذا المشروع. ثم أشار إلى أن المجال المعرفي الذي تنفتح عليه شاعرية الرواية العربية كما مارسها الإدريسي هو مجال الجماليات على اعتبار أن التقاطعات بين ما هو شعري وما هو جمالي في كتاب "استبداد الصورة" كثيرة تكاد تلغي التمييز بين هذين المفهومين. وتناول الباحث محمد المسعودي بالقراءة والتحليل كتاب محمد مشبال الأخير "البلاغة والأدب" في موضوع: إشكالات نقدية ومطاراحات أدبية/بلاغية، حيث تحدث في البداية عن موضوع الكتاب الذي يبلور إشكال العلاقة القائمة بين البلاغة والأدب؛ هذا الإشكال الذي طالما شغل مشبال منذ كتبه الأولى. وتساءل المسعودي عن الجوانب التي تعرض لها كتاب مشبال؛ ثم هل للبلاغة حيز في الدرس النقدي الأدبي الحديث وفي الأخير هل يمكن أن تحل المقاربة البلاغية محل المناهج النقدية الحديثة التي تبلورت في سياق العلوم الإنسانية بشتى مشاربها وسياقاته المعرفية. واعتبر الباحث الإمام العزوزي أن دراسة محمد مشبال انطلقت من أطروحة مركزية وهي أن السبيل الأمثل لقراءة الأدب قراءة علمية وجمالية لابد لها من مقاربة بلاغية تتكئ عليها مضيفا أن دراسة محمد مشبال سعت بأسلوبها الحجاجي منذ البداية أن تسيطر على القارئ وتأسره ضمن منهجها. وأكد أن المنهج الذي سلكه محمد مشبال في دراسته يصب في محور آخر من محاور البلاغة هو دراسة الجمال الأدبي الذي تفطنت له البلاغة منذ بداياتها الأولى مع أمين الخولي وتلامذته. وفي الختام، ناقش الحضور بالخصوص طريقة الاشتغال على النص النقدي، وكيفية تداخل المناهج مع بعضها البعض لإنتاج نص نقدي، والنظرية الأدبية ودورها في تطوير الأدب.