( من مبعوث الوكالة : حسن سعودي ) انطلقت مساء أمس الخميس بمدينة تطوان فعاليات المهرجان الدولي ال12 للعود، التي ستتواصل على مدى ثلاثة أيام من خلال ثمان أمسيات لما لا يقل عن 15 فنانا من المغرب ومن الشرق الأوسط ومن أوروبا. واستهل حفل افتتاح هذا المهرجان، الذي تنظمه وزارة الثقافة بتعاون مع ولاية تطوان والجماعة الحضرية بها ووكالة تنمية وإنعاش عمالات وأقاليم الشمال، بمعزوفات على العود أداها الفنان سعيد الشرايبي أحد كبار أساتذة العود بالعالم العربي، رفقة الفنان طارق بنعلي على الإيقاع، بمعزوفات موسيقية منها "حنين" و"شجون" و"أم شامة" و"إلى روح غازي". وكانت أقوى لحظة في هذا الحفل الافتتاحي، الذي حضره السيدان أحمد كويطع الكاتب العام لوزارة الثقافة وإدريس خزاني والي ولاية تطوان عامل عمالة تطوان وشخصيات أخرى، كانت التكريم الذي خص به المهرجان نجم الأغنية المغربية الفنان عبد الوهاب الدكالي، الذي انطلقت مسيرته الفنية قبل أزيد من نصف قرن. وقد بدأ الفنان عبد الوهاب الدكالي مساره الفني سنة 1957 حين صدح صوته على الأثير من خلال برنامج "راديو كروشي" الخاص بتقديم المواهب الشابة، وقلد حينها بنجاح كبير رائعة الراحل محمد عبد الوهاب "النهر الخالد"، وكان هذا الأداء الخطوةالأولى في مجرى الحياة الفنية لهذا المغني والموسيقي والمسرحي والرسام، الذي أينما حل وارتحل إلا وقوبل بترحاب وإعجاب كبيرين. وقد انفرد مهرجان تطوان للعود بعرض شريط يؤرخ لأهم لحظات المسيرة الفنية لهذا الرجل، الذي يعد واحدا من أمهر العازفين على آلة العود، والذي بصم ولا يزال الموسيقى والغناء المغربيين بأعمال خالدة من قبيل "ما أنا إلا بشر" التي قلدها وأداها أكثر من 18 فنان وفنانة داخل المغرب وخارجه، كما غنى باللغة الفرنسية عنوانين هما "أنا غيور" و"غياب" (1968). وعاش الجمهور، بعد هذا التكريم، على إيقاعات موسيقية متنوعة تدعو إلى الحوار والتعايش والصداقة في فضاء السلم والتآخي، قدمتها مجموعة (كارلوما) من فلسطين، بقيادة عازف العود الفنان أحمد الخطيب بمصاحبة ناصر سلامة ويوسف حبييش على الإيقاع وثلاثتهم من فلسطين، وهيدر ماكدونالدز (بريطانيا) على آلة الفلوت وأويتزين فرانتزين (النرويج) على الباص. وتأسست مجموعة (كارلوما) سنة 1999 بمدينة رام الله في الضفة الغربيةبفلسطين، وقد واجه أعضاؤها عبر تجربة حياتهم في فلسطين وموسيقاهم وثقافتهم معاناة الاحتلال، ومن تم جاءت إبداعاتها الفنية، ومنها المعزوفات التي أدتها خلال هذه الاحتفالية بالعود، سلطان الآلات الوترية، دعوة لنبذ كل أشكال العنف ولإرساء السلم والسلام عبر العالم. وكان حفل الافتتاح قد تميز في مستهله بكلمة لوزير الثقافة السيد بنسالم حميش ألقاها نيابة عنه الكاتب العام للوزارة، أكد فيها أن هذا الموعد الفني السنوي تتجدد فيه أواصر اللقاء حول آلة موسيقية عريقة تصدر منذ مئات السنين أنغام الرقة والمحبة والجمال، مضيفا أن توالي دوراتها يوفر فضاء جميلا لتلاقح التجارب والخبرات في هذا المجال. وقال إن هذه اللقاءات حول آلة العود تشكل موعدا لصياغة مشاريع مشتركة ورسم آفاق جديدة، وأن التوثيق والتدوين يظلان شرطان ضروريان لتحقيق التراكم الذي بدونه يستحيل الحديث عن طفرات إبداعية، مذكرا بحرص وزارة الثقافة على ترسيم موعد قار يحتفي سنويا بآلة العود على غرار الاحتفال بكل أشكال التعابير الفنية بالمغرب، وعلى المضي قدما في بذل مزيد من الجهود لتوفير شروط الرقي الفني والموسيقي بالمملكة. وستتواصل فعاليات المهرجان الدولي الثاني عشر للعود بتطوان مساء اليوم الجمعة بتقديم معزوفات على العود وآلات أخرى يؤديها محمد بيتمار (تركيا)، ومجموعة "طائر من نار" المتكونة من حسن تبار وبيجان شيميان (إيران) وجيرارد كوردجيان (أرمينيا)، وسيختتم أمسية اليوم الفنان الشاب المغربي هشام التطواني.