يشكل إحياء يوم الأرض والتنمية المستدامة مناسبة لتأكيد انخراط المغرب في تحقيق التنمية والمحافظة على البيئة، من خلال سياسة إرادية تقوم على مقاربة شمولية تنصهر فيها جهود جميع القطاعات الحكومية، والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين من أجل جعل البيئة أولوية في جميع برامج التنمية. وقد اتبع المغرب منهجية بيئية تقوم على مقاربة ترابية مع التزام كل الجهات بالمحافظة على البيئة، وتشاركية تضم جميع الفاعلين، وبرنامجية من خلال برامج طموحة وواقعية. وتماشيا مع الإرادة الملكية السامية، التي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يعبر عنها في العديد من المناسبات، فقد تم إدراج جميع المشاريع التنموية ضمن استراتيجية بيئية تهدف إلى حماية الموارد والنظم البيئية وتحسين إطار حياة عيش المواطنين وتنفيذ الخطط العملية للتكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها. وهكذا أصبح المغرب يتوفر على برامج عمل وطنية تهدف إلى الحد من آثار التقلبات المناخية والتكيف معها. وتخص هذه البرامج القطاعات الحيوية للماء والفلاحة والصناعة والبناء والطاقة. ومن أهم البرامج الوطنية التي وضعتها الحكومة في هذا الصدد، المخطط الوطني لتطهير السائل، والبرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية والمشابهة وبرنامج حماية جودة الهواء وبرنامج الوقاية من التلوث الصناعي والمخاطر. كما وضعت الحكومة، في إطار جهودها لمواجهة تهديد تغيير المناخ، مخططا وطنيا لمحاربة الانحباس الحراري مع اعتماد إجراءات لتقليل آثار هذه الظاهرة. ويعكس الميثاق الوطني للبيئة والتنمية والمستدامة هذه الرؤية من خلال اعتماده على احترام التنوع البيولوجي وضمان تقدم المجتمعات الإنسانية، كما يضع إطارا قائم الذات يحدد الأخلاقيات التي ينبغي للأفراد والمقاولات والسلطات العمومية التقيد بها للتعاطي مع قضايا التنمية المستدامة. ويأتي حفل تخليد يوم الأرض والتنمية المستدامة الذي ترأسه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، اليوم الخميس بالرباط ، تكريسا لهذه المنهجية التي تعتمدها المملكة في مجال البيئة. وقد تم خلال هذا الحفل تقديم سبعة مشاريع والتوقيع على خمس اتفاقيات تتعلق بالحفاظ على البيئة والمنظومات البيئية. ويتعلق الأمر ببرنامج لتعميم "مدرسة البيئة" وثلاثة مشاريع للقضاء التدريجي على الأكياس البلاستيكية، من خلال دعم بدائل لهذه الأكياس، التي لا تحترم البيئة ووضع إطار قانوني مناسب، ومشروع وضع الشعاب الاصطناعية لحماية النظم الإيكولوجية البحرية، ومبادرتي مكافحة التصحر في جهتي الشاوية ورديغة والعيون، ومشروع تطوير تربية الأسماك في خزانات السدود، ومشروع الغاز الحيوي لأبي رقراق. كما تم التوقيع على اتفاقية تهم المدارس الإيكولوجية، وثلاث اتفاقيات تتعلق بالأكياس البلاستيكية، وأخرى لإنتاج الطاقة باستغلال الغاز الناتج عن مطارح النفايات بالولجة. وقالت السيدة آمنة بن خضرة وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة خلال عرض قدمته بالمناسبة أن المشاريع، التي تم اختيارها من بين عدد كبير من المبادرات الأخرى تنشأ في جميع أنحاء التراب الوطني لكونها تجمع بين جوهر الرؤية الشاملة والمتكاملة، التي منحها جلالة الملك لمفهوم التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، مبرزة في هذا الصدد ، الأفكار المتينة التي تنطوي عليها هذه المشاريع. وتشكل هذه المشاريع والاتفاقيات استكمالا للإطار القانوني والمؤسساتي لحماية البيئة والتنمية المستدامة وتكريسا للمقاربة الشمولية التي تنهجها المملكة في مجال حماية البيئة.