غرقت أنحاء واسعة من باكستان في الفيضانات التي سببت حتى الآن قتل المئات وتشريد الملايين وتدمير سبل حياتهم، فيما تظاهر المئات في بريطانيا احتجاجا على زيارة الرئيس الباكستاني علي آصف زرداري لأوروبا، بينما تتعرض بلاده لكارثة حقيقية. وأعلنت مقاطعات بإقليم السند جنوبباكستان اليوم حالة التأهب القصوى لمواجهة امتداد الفيضانات للإقليم، وقال وزير الري في الإقليم جام سيف الله داريجو إنه تم إجلاء نحو مليون شخص من المناطق المنخفضة، حيث دمرت المياه حوض نهر السند.وقد أدت أمس الجمعة المياه المتدفقة من المناطق الشمالية الغربية إلى فيضان نهر أندوس، وغمرت أكثر من ألفي قرية في ست مناطق بإقليم السند الذي يضم مدينة كراتشي كبرى مدن باكستان ومركزها التجاري.واندفعت السيول من الشمال عبر مناطق الوسط الزراعية في البنجاب إلى السند على امتداد مسار يبلغ نحو ألف كيلومتر على الأقل.وفي البنجاب أعلن مسؤول حكومي كبير أن المياه دخلت إلى وحدة لتكرير النفط، ومستودع للنفط، ومحطة لتوليد الطاقة، وأُجبر العمال على مغادرة منازلهم في المنطقة.كما أعلن المسؤول في منطقة خيبر بالإقليم الشمالي الغربي عدنان أحمد أن "الوضع سيئ، خاصة في وادي سوات"، وقال إنهم طلبوا من سكان المناطق المنخفضة إخلاء منازلهم، نظراً لأن مستويات مياه الأمطار في ارتفاع، وذلك بعد أن تسببت الأحوال الجوية وضعف الرؤية في توقف عمل المروحيات المشاركة في الإغاثة. وقد تدافع باكستانيون -استبد بهم اليأس من الخروج من القرى التي أغرقتها السيول- على الطائرات المروحية اليوم السبت لنقلهم، مع توقع أن تفاقم الأمطار الغزيرة من معاناتهم. وأعلن الجيش الباكستاني اليوم أنه أنقذ أكثر من مائة ألف شخص من المناطق المنكوبة، مشيرا إلى أنه استخدم 568 قاربا عسكرياً و31 طائرة مروحية في عمليات الإنقاذ. وأضاف أن نحو 30 ألف جندي باكستاني يقومون بإعادة بناء الجسور وتقديم الطعام والخيام وإنشاء مخيمات الإغاثة في شمال غرب البلاد.ويقدر المسؤولون الباكستانيون عدد المتضررين من الفيضانات بنحو 15 مليون شخص، في حين تضع الأممالمتحدة هذا العدد عند أربعة ملايين، كما قتل نحو 1600 شخص معظمهم شمال غرب البلاد التي كانت الأكثر تضرراً، في حين لا يزال العشرات في عداد المفقودين.وقد صرح رئيس الهيئة الوطنية لمواجهة الكوارث نديم أحمد بأن 650 ألف منزل تعرضت للدمار كلياً أو جزئياً، وغمرت المياه 557 ألف هكتار من أراضي المحاصيل، وتسببت بالإضافة إلى ذلك في نفوق ما يزيد على عشرة آلاف رأس من الماشية.وأشار في حديثه للصحفيين أمس الجمعة إلى أن بلاده ستحتاج إلى 2.5 مليار دولار لتمويل جهود الإغاثة وإعادة التأهيل.ودعا رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني في أول خطاب متلفز له منذ بداية الفيضانات المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة. ووعدت دول بينها الولاياتالمتحدة وبريطانيا والصين وأستراليا بعشرات ملايين الدولارات، كما وعد الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة بمساعدات مماثلة.وفي لندن تجمع اليوم المئات من جنسيات مختلفة خارج مركز المؤتمرات الدولي في بيرمنغهام بوسط إنجلترا -حيث يتوقع أن يلقي زرداري كلمة- يهتفون ويرفعون لافتات تندد بزيارة الرئيس الباكستاني للبلاد في وقت تهدد فيه الفيضانات والسيول حياة الملايين بباكستان.ورفع بعض المتظاهرين أحذية إلى جانب صورة زرداري، في حين حمل آخرون لافتات يقول بعضها "آلاف يموتون والرئيس في عطلة"، و"آلاف قتلوا، وملايين شردوا، فلماذا يضحك الرئيس"، و"هل زرداري يستمتع في إنجلترا بينما تغرق باكستان".وسيوجه زرداري كلمة اليوم إلى الجالية الباكستانية في بريطانيا، بعد يوم من محادثاته مع رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون التي اتفق فيها الزعيمان على بذل مزيد من الجهود لمكافحة ما وصفاه بالتشدد الإسلامي.ويرى محللون أن الرئيس الباكستاني ربما يكون قد ارتكب أكبر خطأ سياسي في حياته العملية بسفره إلى فرنسا وبريطانيا خلال أسوأ أزمة تمر بها البلاد منذ 80 عاماً.وفي رده على انتقاد غيابه نقل زرداري المسؤولية إلى رئيس وزرائه، وقال في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن الإشراف على جهود الإغاثة مسؤولية رئيس الوزراء وهو "يضطلع بمسؤولياته".