اختارت، ترينيداد خيمنيث، وزيرة خارجية إسبانيا، السير على نفس النهج الذي سار عليه الذين سبقوها في المنصب، بأن يكون المغرب أول وجهة إلى الخارج يقصدها رئيس الدبلوماسية الإسبانية. وصرحت الوزيرة الجديدة التي خلفت، ميغيل أنخيل موراتينوس، أنها ستزور الرباط ثم لشبونة، في غضون الأيام المقبلة، متمنية أن تتم زيارة المغرب في أقرب وقت ممكن قبل البرتغال، لكن الوزيرة تجنبت تحديد موعد مضبوط، ريثما تتفق مع نظيرها المغربي، الطيب الفاسي الفهري الذي ستلتقيه لأول مرة، مبرزة في هذا الصدد أهمية العلاقات مع المغرب سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار الاتحاد الأوروبي. وكانت خيمينيث، أدلت بأول تصريحاتها عن المغرب وخاصة بشأن الحراك الاجتماعي الذي تعرفه مدينة العيون، العاصمة الإدارية للمحفظات الصحراوية، فقد تمنت الوزيرة أن تفتح السلطات المغربية حوارا صريحا مع المحتجين الذين تجمعوا في خيام بضواحي العيون، مطالبين السلطات الرسمية بتلبية حاجياتهم في السكن والشغل والرعاية الاجتماعية. وأعربت خيمينيث، عن الاعتقاد في معرض ذات التصريحات عن يقينها أن الحوار مع متزعمي الاحتجاج الاجتماعي في المخيمات، سيحول دون اندلاع أحداث عنف عقب وفاة طفل في الرابعة عشرة من عمره، قرب المخيمات يوم الأحد الماضي، في حادث لم تتبين كل ملابساته، وتقوم السلطات القضائية والأمنية المغربية بالتحري عن أسبابه ودوافعه والواقفين وراءه. ولم توضح الوزيرة الإسبانية إن كانت زيارتها للمغرب تندرج ضمن التقاليد المتبعة منذ استلام الاشتراكيين للسلطة في عقد الثمانينيات من القرن الماضي بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، فيليبي غونثالث، أم أنها ستستغلها لإجراء مباحثات معمقة مع نظيرها المغربي. يذكر أنه كان من المفترض أن تأتي إلى المغرب نائبة رئيس الحكومة ،ماريا تيريسا دي لافيغا, للترتيب لاجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي تأخر انعقادها عن موعدها. ولا يعرف ما إذا كان خلفها في المنصب وزير الداخلية الحالي، الفريدو بيريث روبالكابا، سيقوم بالزيارة أم أنه سيوكل معالجة ملف اللجنة العليا المشتركة إلى الوزيرة الجديدة للخارجية. تجدر الإشارة إلى أن رئيسة الدبلوماسية الإسبانية زارت المغرب عام 2000 رفقة خوصي لويس ثباطيرو، أمين عام الحزب الاشتراكي العمالي ورئيس الوزراء الحالي بصفته زعيم المعارضة آنذاك ،محاولا إنهاء الأزمة التي نشبت بين المغرب وحكومة اليمين بزعامة ، خوصي ماريا أثنار، رئيس الحزب الشعبي، على خلفية رفض المغرب تجديد اتفاقية الصيد البحري التي رأى أنها غير منصفة له، مقترحا التفاوض من جديد مع الاتحاد الأوروبي، بدل تجديد آلي للاتفاقية. ولم يعجب الموقف المغربي الذي تبنته حكومة الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي، اليمين الإسباني فانخرط في سلسلة مواقف مناوئة للرباط بلغت ذروتها في أزمة صيف 2002 بسبب جزيرة ليلى الصخرية المهجورة. واستمرت الأجواء متوترة بين الرباط ومدريد، إلى حين عودة الاشتراكيين إلى السلطة إثر فوزهم في الانتخابات التشريعية التي جرت في ربيع 2004. وترتبط خيمينيث، بعلاقات صداقة مع قياديين في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أحد أركان الحكومة الائتلافية المغربية. ولا تتخوف الرباط من انعطاف في السياسة الخارجية لمدريد، إذ من المعروف في التقاليد الحكومية في إسبانيا أن الكلمة الفصل والأخيرة تعود في هذا المجال لرئيس الوزراء. ويسود الاعتقاد كذلك أن "ثباطيرو" لم يختر خيمينيث، إلا لكونها الأقرب إليه فكريا وسياسيا وأنها ستمضي في نفس الاتجاه الذي سلكه، موراتينوس، الذي دافع دائما وراهن على استمرار أفضل العلاقات مع المغرب رغم مؤاخذات هذا الأخير عليه في بعض الأحيان.