سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تعديل حكومي إسباني أخرج "ميغيل موراتينوس" لصالح النجمة الحزبية" ترينيداد خيمينيث" رئيسة الدبلوماسية الإسبانية زارت المغرب رفقة ثباطيرو والحوار معها قد يكون مختلفا
على عكس ما كان متوقعا، وبناء على ما أكده في حينه مسؤولون في الحزب والحكومة الاشتراكية الإسبانية، من أن التعديل الحكومي سيكون محدودا لن يتعدى استبدال وزير الشغل، فإن خوصي لويس ثباطيرو، فاجأ الطبقة السياسية في بلاده بتغيير جوهري في فريقه الحكومي. و تميز التعديل على الخصوص بفقدان، ميغيل أنخيل موراتينوس، لحقيبة الخارجية التي تقلدها منذ عودة الاشتراكيين إلى السلطة عام 2004 حيث كان أحد العشرة الذين أشرفوا على الحملة الانتخابية لثباطيرو، وصاغوا برنامجه الانتخابي. ووجهت سهام النقد الحادة من المعارضة اليمينية ل "موراتينوس" منذ الأشهر الأولى لرئاسته دبلوماسية بلاده على خلفية قضايا عدة، وجرى الحديث أكثر من مرة عن رحيله الوشيك، كلما اشتد النقد الموجه لأدائه الدبلوماسي من قبل المعارضة اليمينية، لا سيما وأن المرشحين لخلافته جاهزون، أبرزهم اثنان: برناردينو ليون، الأمين العام الحالي لرئاسة الحكومة، ثم ترينيداد خيمنيث، التي آل إليها المنصب ابتداء من اليوم، مع التذكير أن الاثنين معا اشتغلا إلى جانب، موراتينوس، ككاتبي دولة في الخارجية قبل أن تترقى، خيمينيث، إلى مرتبة وزيرة الصحة وصعود، برناردينو، إلى مقر رئاسة الحكومة بجوار مكتب "ثباطيرو" في قصر "لا منكلوا". والعلامة الأخرى البارزة في التغيير الأخير، ترقية وزير الداخلية، بيريث روبالكابا، إلى منصب النائب الأول لرئيس الحكومة والناطق باسمها، معوضا "ماريا تيريسا دي لافيغا"، مع احتفاظه بمنصبه الحالي. وهو ترفيع ينظر إلى المستفيد منه كخليفة محتمل لثباطيرو، في الترشيح لمنصب رئاسة الحكومة خلال الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة عام 20012 دون إسقاط احتمال إجرائها قبل أوانها .وفي هذا السابق أن، دي لا فيغا، ستسند إليها رئاسة مجلس الدولة مكافأة على خدماتها. وتصاعدت أسهم، روبالكابا، في بورصة السياسية الإسبانية منذ مدة، على اعتبار أنه الوزير الذي يعمل بصمت، فقد استطاع أن يحوز ثقة المناضلين في حزبه والعاملين في الأجهزة التابعة لوزارته السرية والعلنية، ما أهله لتحقيق نجاحات متوالية في معركة إسبانيا ضد الإرهاب الذي تقف وراءه المنظمة الانفصالية "إيتا". ويعتبر دخول، خيمينيث، إلى"قصر الشرق" مقر وزارة الخارجية، تحصيل حاصل، فالسيدة التي لازمت، ثباطيرو، كظله منذ انتخابه أمينا عاما للحزب في مؤتمر لعبت فيه وهي والمجددون أدوارا مركزية، فأسند إليها الأمين العام الإشراف على ملف العلاقات الدولة والخارجية للحزب الاشتراكي العمالي، ما يعني أمرين أنها قريبة فكريا من رئيس الحكومة، وعلى دراية بملف السياسة الخارجية التي تنهجها بلادها والحزب الحاكم. وهناك اعتبار ثالث لا شك أنه أخذ بعين الاعتبار قبل تعيينها في المنصب الذي سبقته إليها سيدة مثلها من الحزب الشعبي المعارض "أنا بلاثيو" على عهد حكومة، خوصي مار يا اثنار، الثانية، يتمثل في نجاحها في المهام التي أسندت إليها، آخرها ملف الصحة حيث أشادت تقارير موضوعية بحسن معالجتها لملف "أنفلونزا الخنازير" التي نشرت الذعر في العالم. وتوصف رئيسة الدبلوماسية الإسبانية الجديدة، وهي من مواليد "مالقة الأندلسية عام 1962 بكونها "نحلة" الحزب الاشتراكي العمالي، لذكائها وسرعة حركيتها وعلاقاتها الحزبية والإنسانية الواسعة، ساعدها على الانغماس في الحياة السياسية حتى أخمص القدمين أنها غير متزوجة وبالتالي فهي متفرغة بالكامل للمهام الحزبية. غير أن الذي يمكن أن يخشاه المغرب، جار إسبانيا، أن يكون أداء الوزيرة الجديدة متأثرا بالاعتبارات النضالية الحزبية أكثر من مراعاتها لمصالح الدولة الإسبانية العليا ومقتضيات الجوار والمصالح المتشابكة مع المغرب. وجدير بالذكر أنها زارت مخيمات "البوليساريو" وساندت وهي في المعارضة أطروحة "تقرير مصير" الشعب الصحراوي. وترث خيمنيث عن، موراتينوس، ملفات كبرى منها ما له علاقة وطيدة بالمغرب، أولها الخلاف التاريخي بين البلدين على مدنيتي سبتة ومليلة والجزر المتوسطية التي تحتلها إسبانيا وتنزعج من كل مطالبة بفتح ملفها، يعبر عنها المغرب بالعبارات الدبلوماسية الودية. وثاني الملفات هو نزاع الصحراء، حيث يعتقد المغرب عن خطأ أو صواب، أن جارته تنهج سياسة "مراوغة "حيال الملف الصحراوي، مع أنها أكثر الجهات معرفة برجاحة الحقوق المغربية على تراب محافظاته الجنوبية التي خرجت منها مدريد عام 1975 بموجب اتفاق ثلاثي. ويرتبط ثالث الملفات (جبل طارق) بالمغرب بكيفية غير مباشرة، على اعتبار أن مصير الصخرة التي تحتلها بريطانيا سينعكس آجلا أو عاجلا على مآل سبتة ومليلية، وهو الربط الذي نادى به في ثمانينيات القرن الماضي الملك الراحل الحسن الثاني، حينما نبه إلى أن استعادة إسبانيا لجبل طارق التي يؤيدها المغرب، يفقد سبتة ومليلية أية قيمة إستراتيجية عسكرية. والمفارقة أن ملك المغرب الراحل، أعرب عن هذا الرأي في ذروة الحرب الباردة بين المعسكرين. وعلى كل، فإن رئيسة الدبلوماسية الإسبانية، تعرف المغرب معرفة حزبية، من خلال العلاقات التي تجمع الاشتراكيين الإسبان برفاقهم المغاربة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فقد كانت خيمنيث إلى جانب ثباطيرو أثناء زيارته الأولى للمغرب بصفته الحزبية محاولا التخفيف من حدة الأزمة الدبلوماسية بين البلدين التي سببتها "غطرسة" سلفه خوصي ماريا اثنار. وهي المبادرة التي استحق عليها ثباطيرو صفة "الخائن" من الحزب الشعبي ورئيسه. والمؤكد أن، خيمنيث، ستقود دبلوماسية بلادها خلال الفترة المتبقية من الولاية الاشتراكية، بحذر بالغ وبراغماتية، آخذة بعين الاعتبار ظروف الأزمة الاقتصادية التي تجتاح بلادها وتربص المعارضة للانقضاض عليها في أية لحظة خطأ. وستكون الوزيرة مسنودة على الأغلب بثقة رئيس الحكومة من جهة والدعم الفني والنصيحة الخالصة من زميلها السابق في الخارجية برناردينو ليون. وبهذا التوصيف، يمكن القول إن المغرب، لن يواجه محاورا غريبا في الضفة الأخرى من المضيق، ولكنه قد يفاجأ بأسلوب جديد في التفاوض وفن المناورة الدبلوماسية من الوزيرة المتحزبة، التي خرجت سالمة من العدوى السياسية لجائحة "أنفلونزا الخنازير". وسنعرف في غضون الأيام المقبلة إن كانت الوزيرة ستدشن مهامها الرسمية بزيارة المغرب، على غرار أسلافها في المنصب أم أنها ستنتظر مناسبة اجتماع اللجنة العليا المشتركة المقررة بداية السنة المقبلة، حيث كان مقررا أن تقوم نائبة رئيسة الحكومة السابقة، دي لافيغا، بزيارة الرباط للترتيب مع الجانب المغربي لانعقاد الدورة. فهل تنتظر الوزيرة المناسبة الرسمية أم تبادر بالقدوم إلى الرباط؟ وفي جميع الأحوال فإن الكلمة الفصل في ملفات الدبلوماسية الكبرى تعود في الأول والأخير لرئيس الوزراء الإسباني، وما الوزراء إلا منفذون لتوجيهاته، كل حسب أسلوبه ونمط تسييره للقطاع.