شاع في الجزائر عن الكثير من الناس ذوي توجهات إسلامية مختلفة لا سيما التيار السلفي، بأنهم يفطرون ويمسكون في رمضان دون مرجعية الآذان كما هو متعارف عليه، ويرتكزون في قراراتهم ''الدينية'' على اجتهاداتهم الشخصية في رؤية الغروب والشروق، وذلك وسط تضارب فقهي وفلكي في الجزائر• لا تحتاروا إذا رأيتم شخصا أو ربما حتى عائلة بأكملها تفطر دون انتظار الآذان وتمسك عن الأكل بعد أن دوى صوت المئذنة في الحي بدقائق كثيرة أو حتى بعد بداية بزوغ أشعة الشمس الأولى• بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، ما يقومون به ليس خروجا عن الدين الإسلامي أو تشييعا أو شيئا آخر بل هو من صميم التمسك بالدين واحترامه، إذ يصومون ويفطرون بالاستناد إلى الرؤية البصرية لشروق ومغيب الشمس، رغم إقرار الدولة استنادا إلى معطيات علمية، معايير ومقاييس دولية، تعد مرجعا مشتركا بين دول العالم الإسلامي عبر أصقاع العالم• ليس هذا فقط بل حتى في وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة، تلاحظ مواقيت مختلفة للإفطار والإمساك، منها ما تجاوز الفرق خمس دقائق كاملة في منطقة واحدة، وعلى سبيل المثال جاء في جريدة ''الجزائر نيوز'' في عدد أول أمس، بأن الإفطار يأتي في حدود 19:,45 بينما في جريدة ''الوطن'' 19:,41 وجاء في صحيفة ''اليوم'' دائما في عدد أول أمس، أن الإفطار يكون في حدود 19:47 وفي يومية ''الفجر'' على الساعة 19:,44 والتوقيت نفسه نشرته جريدة ''الخبر''، وغالبا ما تعتمد قاعات التحرير على مواقع إسلامية محلية ودولية لنشر مواقيت الصلاة والإفطار والإمساك خلال رمضان وسائر أيام السنة• وحاولت ''الجزائر نيوز'' الاتصال، أمس، بمدير التوجيه الديني ومدير الإعلام بوزارة الشؤون الدينية، لكن دون جدوى، ومن خلال الاطلاع على أهم المواقع التي تحدد مرجعية الجزائر، فإنها تشير إلى اعتماد الجمهورية مرجعية رابطة العالم الإسلامي، بينما تتوفر الدول الإسلامية على خطوط ومرجعيات مواقيت هي كالتالي: رابطة العالم الإسلامي، الهيئة المصرية العامة للمساحة، جامعة العلوم الاسلامية لكراتشي، خط أم القرى أو التوقيت الذي يعتمده الاتحاد الاسلامي بأمريكا الشمالية، وذلك كل حسب المذاهب التي تتبعها كل دولة• بالنسبة لجمعية العلماء المسلمين الأمر بسيط جدا لا يخضع لأي تعقيدات، و يقول عبد المجيد بيرم عضو لجنة الإفتاء في الجمعية العريقة، ل ''الجزائر نيوز'' بأن هناك من الجزائريين من ما زالوا يعتمدون على أساليب بدائية في الإفطار والإمساك، وتكفيهم مواقع مساكنهم التي تتيح لهم الرؤية البصرية الجيدة للمغيب والشروق• ويؤكد عبد المجيد بيرم أن ظاهرة الاختلاف في الافطار والامساك بالجزائر موجودة قبل اليوم وتحتاج إلى إثباتات كثيرة لضبطها نهائيا ''لكن ليس هناك أي إشكال في الإفطار والإمساك إذا توفرت لدى الأشخاص حكمة وحنكة في التعرف على التوقيت الصحيح فلكيا''• أما المتخصص في علم الفلك، لوط بوناطيرو فيكشف بأن وزارة الشؤون الدينية كان لديها مشروعا لمراجعة المواقيت الدينية في الجزائر، ''وطلبت منا طرح الرؤى في سنة 96 لكنها امتنعت عن الشروع في المراجعة لدواع أمنية كما فهمنا، ومراعاة للصراع مع الإسلاميين الذي كان قائما وقتها وحتى لا يقال بأن الدولة أصبحت تتحكم وتحدد حتى مواقيت العبادة، بينما لا نعرف أسباب عدم المراجعة حاليا لزوال تلك الأسباب اليوم''• فلكيا يقول بوناطيرو أن ''المواقيت في الجزائر محددة وفق التعريف الفلكي الغربي وهو ما لا يتطابق مع التعاريف الفقهية الاسلامية'' وهو ما أحدث ''خلطا في مواقيت الصلاة والافطار والامساك في رمضان''، غير معارض أن يعتمد الجزائري على العين المجردة دون آذان للإفطار أو الصوم•