بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة        الأمريكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس ال47    إسرائيل تعين يوسي بن دافيد رئيساً جديداً لمكتبها في الرباط    الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    "البيجيدي": دعم استيراد الأبقار والأغنام كلف الميزانية العامة 13 مليار درهم دون أي أثر يذكر    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة        القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    مندوبية التخطيط : ارتفاع معدل البطالة في المغرب    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    لهذه الأسباب.. الوداد يتقدم بطلب رسمي لتغيير موعد مباراته ضد اتحاد طنجة        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    أداء إيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية    هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن    المغرب ‬يحقق ‬فائض ‬المكتسبات ‬بالديناميةالإيجابية ‬للدبلوماسية    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفيق عبد السلام ل«السفير»: قطر استفادت من الفراغ العربي... ونموذجنا قد يتكرّر في مصر
وزير الخارجية التونسي: لا عودة إلى موضوع الشريعة الإسلامية
نشر في مغارب كم يوم 04 - 07 - 2012

رفيق عبد السلام، وزير الخارجية التونسي ذو ال45 عاماً، غنّي بافتقاره إلى المواصفات المألوفة المكروهة لدى المسؤول العربي التقليدي. ذلك إذا وضعنا جانباً علاقة المصاهرة التي تربطه برئيس حزب «النهضة»، مركز الثقل في الترويكا التونسية الحاكمة، راشد الغنوشي. لكن السؤال يبقى معلقا: هل تعني هذه القطيعة الظاهرة مع النموذج السلطوي العربي المألوف، استجابة لنداء الثورة الشعبية التي أتت به وبزملائه إلى الحكم؟
هذا السؤال المفتوح على الرؤيتين الخارجية والداخلية للسلطة التونسية الحالية، أجاب عنه رفيق عبد السلام في لقاء مع وفد صحافي لبناني في مقر وزارة الخارجية في تونس، بعد عودته من موسكو حيث التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف. بياقة مفتوحة، وسلاسة نسبية في الحديث طبعت اللقاء الذي غاب عنه التشنج، أجاب عبد السلام عن كل أسئلة الصحافيين، دون إفراط في المراوغة.
لم يكن ممكنا الحكم في «خشبية» لغته من عدمها، لأن هذه الصفة لا تصبغ الموقف السياسي، إلا بعد أن تسمح المساحة الزمنية بتفحص المسافة بين القول والفعل. لذلك، يبقى للمراقب أن يستقرئ جوهر الإجابات، ويتتبع التزام قائلها ومن معه في الحكم، بما يعلنه ويحدده من مبادئ وتوجهات.
الإسلام والحكم
«لا عودة إلى موضوع الشريعة» الإسلامية، يؤكد الوزير التونسي النهضوي، مشددا في الوقت نفسه على «عدم التناقض بين الإسلام والديموقراطية والانفتاح». ويجزم عبد السلام بأن السلطة الجديدة «لن تتدخل في الشؤون الفردية للناس، ما يأكلون وما يلبسون، بل ستهتم بخدمة المصالح العامة ورعاية الشأن العام».
ويوضح عبد السلام أن «النهضة» التي ينتمي إليها، «حسمت موضوع الشريعة» الذي كان محل «نقاش في الساحة الإسلامية والتونسية»، على أساس «تجنب الاستقطاب الايديولوجي العمودي بين إسلامي وعلماني»، لعدم «إقحام الهوية في السجال السياسي»، والابقاء على الفصل الاول من الدستور القديم الذين ينص على أن تونس دولة لغتها العربية، دينها الإسلام، ونظامها جمهوري.
أما عن التباين الايديولوجي في صفوف الائتلاف الحاكم بين «النهضة» الإسلامية و«المؤتمر» و«التكتل» العلمانيين، فيقول الوزير إن هذا التحالف بالرغم من صعوباته «جيد ومفيد». ويصف «التعايش بين التيارين الإسلامي الأساسي المعتدل والعلماني المعتدل» بأنه «أساسي يساعد على الحفاظ على السلم المدني»، متمنيا أن «يتكرر ذلك على نحو آخر خاص في الساحة المصرية»، ومشددا على أن «السياسة تتعلق بالمصالح البراغماتية».
وبالحديث عن الساحة المصرية التي شهدت وصول «الإخوان المسلمين» إلى سدة الرئاسة، وهي الجماعة التي تمثل الحاضن العقائدي لحزب «النهضة» التونسي، يقول عبد السلام إن «علاقات الدول لا تبنى على العقائد بل على المصالح»، مشيرا إلى ان «العالم يتوجه نحو التكتلات الاقتصادية والسياسية الكبرى. ليس هناك ما يبرر الواقع العربي المبعثر والمجزأ».
«بالنسبة لمصر لست متشائما. الإسلاميون فاعلون سياسيون ليسوا كائنات ميتفايزيقية. يتأثرون بالزمان والمكان، ضمن مناخ ديموقراطي». ويرى عبد السلام «توجها لدى الإسلاميين نحو مزيد من الانفتاح والروح الوفاقية»، معتبرا أن «السياسي إذا خضع للايديولوجيا دون الواقع يكون فاشلا، ونحن حريصون على عدم الفشل. منطق الدولة يفرض نفسه».
لا يعني ذلك بالنسبة لعبد السلام أو ل«النهضة»، تخلياً عن العقيدة الإسلامية الثابتة، فالحديث هنا لا يدور عن «العلمانية»، بل عن الديموقراطية و«الوفاق الوطني»، و«التسامح الإسلامي» الذي يلغي بالنسبة له مبررات «الحل العلماني».
ويقول الوزير التونسي إن «أقرب طريق للحل العلماني هو التعصب الديني. من يقاوم العلمانية هم الذين يجلبونها. فعندما يتحول الدين إلى عنصر انقسام وتعصب، تصبح العلمانية هي الحل. نحن لا نريد أن تكون هي الحل. نريد أن يكون الإسلام بمعناه العام جامعا ونريد لقيم التسامح ان تجد أرضية في الإسلام. في إطار الإسلام يمكن أن توجد التعددية الدينية والمذهبية، بين المسلم والمسيحي والسني والشيعي والكردي والعربي والبربري، ضمن فضائنا العربي المتعدد والمتنوع، الذي يشكل عامل ثراء تجب المحافظة عليه».
العلاقة مع الغرب
«نحن حريصون على التواصل مع مختلف الاطراف الدولية، فرنسا وأميركا وروسيا والصين، فنحن نعيش في عالم تعددي، مع الإقرار بخصوصية العلاقة مع فرنسا، علما أن أكثر من 80 في المئة من مبادلاتنا التجارية هي مع أوروبا، وفرنسا هي الشريك الأول»، يعرض عبد السلام عموما رؤيته للعلاقات الخارجية.
لكنه يرد على سؤال حول مواقف الدول الغربية الكبرى من تبوّء الإسلاميين لمساحة حكم كبيرة في تونس، بالقول إن «فرنسا كان لها توجس من الإسلاميين، وليس منهم فحسب بل من التغيير التونسي ككل. ففرنسا ساركوزي اختارت أن تدعم بن علي للرمق الاخير. ولكن حكومة الاشتراكيين برئاسة فرنسوا هولاند أكثر إيجابية وواقعية. ورئيس الوزراء التونسي (حمادي الجبالي) زار فرنسا قبل أيام، ولمسنا رغبة قوية في تجديد العلاقات، مع التشديد على الاستقلالية».
أما بالنسبة للجانب الأميركي فيقول عبد السلام إن «التغييرات في المنطقة فُرضت عليه. وبطبيعة الحال فهو أكثر براغماتية وقابلية للتعايش مع الوضع الجديد». ويوضح أن الأميركيين «اختاروا مسايرة الأوضاع الجديدة واحتواءها بدل مصادمتها». ويستطرد قائلا إن «المعطيات الجديدة صنعها الشارع العربي. فما جرى خلافا للقائلين بالمؤامرة الأميركية، هي ثورات حقيقية وعميقة، وتعبير عن إرادة شعبية دفينة، اضطرت القوى الدولية أن تتعايش معها وتسايرها. إنها ليست صناعة أميركية بقدر ما هي صناعة شعبية».
تونس وقطر
يقول الوزير الذي عمل قبل توليه منصبه الجديد، على رأس مركز دراسات «الجزيرة» في قطر، إنه «ليس في العلاقة بين تونس وقطر أي سر. فنحن منفتحون على العالم العربي بكل أقاليمه»، ويضيف «قطر بلد صغير الحجم وليست قوة عظمى. لا خوف على القرار والسيادة التونسيين من قطر. إذا كان هناك خشية فليست من الدول العربية بل من الدول الاجنبية».
ويرى عبد السلام أن «قطر استفادت من الفراغ السياسي في العالم العربي بعد تراجع الدور المصري والسعودي. وتمكنت من لعب دور نشيط في الساحة العربية وربما ما هو أبعد من هذه الساحة».
ويتوقع وزير الخارجية أن يكون «القرار السياسي في الجامعة العربية أكثر توازنا وتعبيرا عن حقيقة القوة. دول الخليج فاعلة ومؤثرة لاعتبارات الطاقة. ومصر سيكون لها دور مهم وأكثر نشاطا. ومن الممكن أن تكون تونس نشيطة أيضا، فالثورة أعطتنا قوة ناعمة ونحن نريد دورا ضمن النسيح العربي، وأن يكون القرار العربي ضمن التوازنات، ويعبر عن الأطراف المختلفة وليس فقط عن طرف واحد».
المحيط المغاربي
أبرز الملفات التي طفت إلى السطح في الآونة الأخيرة في علاقة تونس بجوارها المغاربي، قضية تسليم رئيس حكومة معمر القذافي سابقا البغدادي المحمودي إلى السلطات الليبية الجديدة.
ويقول عبد السلام إنه بدل التساؤل عن السبب وراء تسليم المحمودي «فالأحرى أن نسأل لماذا لا يتم التسليم، فالقرار صادر عن الحكومة السابقة برئاسة الباجي قائد السبسي بالتسليم مع وجود ضمانات قضائية وحقوقية نعتبرها أساسية: محاكمة عادلة وعدم انتهاك حرمته الجسدية والنفسية». وهنا يقول عبد السلام إن لجنة ميدانية قدمت تقريرها في هذا الشأن و«طمأنتنا»، كما يشير إلى مقابلة مع المحمودي بعد تسليمه بثتها قناة «الزيتونة» ونقل فيها «ظروف إيقافه واعتقاله، وأكد أن أوضاعه مريحة جدا».
ويربط عبد السلام بين المطالبة بتسلم بن علي ومحاكمته وقرار تسليم المحمودي: «حقيقة، علينا أن نكون منسجمين مع أنفسنا. نوفق بين مبادئنا ومصالحنا، على أساس الشروط السياسية والقانونية الأخلاقية العادلة لضمان محاكمة نزيهة ومحايدة»، كما يطمئن أنه «لن يتم تسليم أي مواطنين ليبيين آخرين في تونس».
لكن هذه القضية أبرزت أيضا ما وصف بالخلاف بين رئيس الجمهورية المرزوقي الذي كان رافضا للتسليم ورئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي أقرّه، ويقول عبد السلام إن «الاختلاف كان فنيا في مسألة التوقيت. والروايات متضاربة بشأن إعلام الجبالي للمرزوقي بالتسليم. قد يكون إيصال الرسالة قد شهد بعض التأخير. ولكن الجميع متفق على التسليم إذا توافرت الشروط».
ويؤكد عبد السلام في سياق آخر، أكثر ارتباطا بالجزائر والمغرب ان «تونس لن تكون مفتوحة أبدا أمام المعارضة المغاربية، لأن التغيير يخص الأقطار».
أوليس في ذلك ازدواجية للمعايير مقارنة بالموقف من سوريا؟
«الوضع السوري خاص» يجيب الوزير التونسي. «في المغرب هناك إصلاحات حقيقية جرت. الجزائر جرت فيها انتخابات بعض النظر عن تقييم الشعب. لا يهمنا من يحكم الجزائر، بل تهمنا العلاقات. وعلاقاتنا مع الجزائر استراتيجية». كما يؤكد عبد السلام «أننا حريصون على تطبيق التكامل المغاربي بالتدرج ومراعاة الجانب الامني، مع مراعاة التطورات السلبية في ليبيا».
الاقتصاد
ينفي عبد السلام أن يكون قرار المرزوقي بإقالة محافظ المصرف المركزي مرتبطا بتسليم المحمودي، ويؤكد أنه كان محل «اتفاق مبدئي» ناتج من كونه «جزءا من المنظومة السابقة».
أما عن رفض المرزوقي التوقيع على قرارات مرتبطة بالاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي فيقول الوزير التونسي إن ذلك «ضمن الصلاحيات العادية للرئيس بنص القانون المؤقت لتنظيم السلطات... نترك الامر للخبراء، وسيتخذ القرار السياسي على أساس دراسة متروية بدون تسرع، فالملف حساس».
ويبدي الوزير التونسي تفاؤلا إزاء الوضع الاقتصادي التونسي «من خلال استقراء المعطيات الاقتصادية. فنيات الاستثمار ارتفعت بنسبة 30 في المئة ومعدلات التنمية انتقلت من 1.8 في المئة تحت الصفر لتصل الآن إلى 2.5 في المئة»، مشددا على أن أهم مكسب تقدمه الحكومة «هو مقاومة الفساد المنهجي المستشري، والتي ستربحنا 2 في المئة من معدل التنمية، وستجعل الجهات الدولية أكثر اطمئنانا» إزاء الاستثمار.
وعن الارتباط الاقتصادي بالمنظومة الرأسمالية الدولية يقول عبد السلام «نحن بصدد مراجعة خيارات ما يسمى بالمنوال التنموي، فهناك أخلال كبيرة ومواضع قصور كبير، مع تركز الثروة بأيدي جهة محدودة سيطرت واحتكرت الثروة والمقدرات. سنعمل في سبيل تعميق خيار العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل بين الجهات والمناطق، فنحن عانينا طويلا من خلل بين المناطق، وخاصة المناطق الداخلية التي عانت من التهميش وانطلقت منها الثورة».
وفي الوقت نفسه يؤكد وزير الخارجية التونسي «اننا حريصون على ضمان الحرية الاقتصادية والمبادرة ضمن إطار من العدالة الاجتماعية. فالليبرالية المتوحشة موضع مراجعة، وخيار اليد الخفية (الرأسمالي) تبين أنه خاطئ. الدولة يجب أن تلعب دور الضابط والمراقب لحركة السوق، لكن النموذج الاشتراكي التدخلي قد انتهى أيضا».
الثورة والانتقال
يعتبر رفيق عبد السلام ان «الحنين لنظام بن علي» محصور «ببعض المجموعات التي كانت مستفيدة»، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي لم يكن أفضل أيام النظام المخلوع، فالشعب التونسي كان يعاني من «التهميش الاقتصادي والاجتماعي».
ويشير عبد السلام في الوقت نفسه إلى ان «ما جرى في تونس حدث عميق، غيّر الكثير من المعطيات. فخصوصية ديناميكية الثورة أنها تقوم بتفكيك وضع قديم وتأسيس وضع جديد، ما يجري اهتزازا في الواقع، بعكس مثلا ما حصل حين أتى بن علي إلى السلطة في انقلاب أبيض، أبقى على استقرار مزيف هو أشبه بصمت القبور».
«كثير من المشكلات المخفية في العمق تظهر إلى السطح بحكم الانفتاح»، يقول عبد السلام معربا عن تفاؤله في أن البلاد تجاوزت المرحلة الصعبة اقتصاديا وسياسيا و«نتوجه نحو وفاق عام جديد على أسس ديموقراطية. مستقبل تونس واعد».
أما في ما يتعلق بحزب «التجمع» الحاكم سابقا فيقول إنه تجب الموافقة بين المبادئ والمصالح، داعيا إلى «المحاسبة بعيدا عن التشفي والانتقام». ويشير إلى أن لدى «التجمع» «مليوني عضو، 95 في المئة منهم انضموا لتأمين مصالح أو تجنب شرور، لكن نحن حريصون على إبعاد رموز النظام السابق. نحن نؤسس لشرعية جديدة ولا يعقل لثورة أن تعيد وجوهاً قديمة».
وأكد عبد السلام «سنصادق على الدستور (الجديد) في غضون هذه السنة، وسيكون أكثر انفتاحا وأكثر ديموقراطية وصيانة للحرية»، مشيرة إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية في شهر آذار المقبل.
ولإزالة الشبهة، نسأل عبد السلام: هل كنت عينت في منصبك لو لم تكن صهرا للغنوشي؟
لعبد السلام أن يجيب بالقول «لا أستطيع أن أجيب... لكن الغنوشي لم يخترني بل مؤسسات النهضة. شاء القرار السياسي في «النهضة» والظروف أن يتم تعييني. و«النهضة» ليس حزباً مشيخياً بل مؤسساتي. شخصية الشيخ راشد مؤثرة لكن ليس كل ما يرغب فيه يتم تطبيقه».
سوريا
لدى سؤاله عن دور تونس في الملف السوري، بعدما كانت قد استضافت مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري»، يقول الوزير إن «تونس ليست قوة عظمى. دورنا مستمد من طبيعة الجغرافيا السياسية العربية»، معتبرا ان «ترابط الواقع العربي» جعل للثورة التونسية «صدى في دمشق».
ويريد عبد السلام أن «نعطي فرصة للحل التونسي. فالرصيد الأساسي لنا كان ثورة سلمية وهادئة بعيدة عن التدخلات الخارجية. لذلك نحن نريد تغييرا حقيقيا في سوريا يستجيب لتطلعات الشعب. ونحن متضامنون فعلا مع الشعب السوري في مطالبه المشروعة، فهو شعب مثقف واع، يستحق أن يكون له نظام ديموقراطي يستجيب لتطلعاته»، مؤكدا ضرورة إيجاد «حل سياسي يستجيب للتطلعات».
لكن الرؤية التونسية للحل السياسي تنضوي فعليا ضمن الموقف الحالي للجامعة العربية المتمثل ب«الحل اليمني» على انه «نقل سلس وهادئ للسلطة إلى نائب الرئيس (فاروق الشرع)، ضمن عملية انتقالية تؤدي إلى انتخابات رئاسية وتشريعية»، حسبما يؤكد الوزير قائلا إن محادثاته مع لافروف أظهرت «مساحة للالتقاء مع الموقف الروسي، ولكن أيضا مساحة للخلاف، وخصوصا حول دور (الرئيس السوري) بشار الأسد» في المرحلة المقبلة.
فما «لمسه» عبد السلام في موسكو أن الروس «لديهم رغبة في إجراء تحسينات ضمن الوضع القائم. أي الإصلاح مع إبقاء الرئيس السوري. ومساحة الاختلاف تكمن هنا، فالشيطان في التفاصيل. هناك استعداد روسي كامل للدفع بالإصلاح، ولكن تحت مظلة بشار الأسد. أما المعارضة السورية والموقف العربي فيريدان إصلاحات عميقة، ربما يمهد لها الرئيس الحالي، لكن خارج منظومة بشار الأسد».
لكن ألم تتمكن موسكو من الإمساك بأوراق الأزمة السورية، وفرض معادلتها على تسوية الازمة؟
يجيب عبد السلام بالقول إن «روسيا جزء أساسي من المعادلة الدولية. ونحن نعيش اليوم في نظام دولي بالغ التعدد والتركيب ليس حكرا على دولة واحدة. ومهما كانت مآخذنا على موقف روسيا فهي قوة دولية مؤثرة. ونرجو أن يكون الدور الروسي أكثر إيجابية. كما نتصور أن الحل في سوريا يمر عبر اتفاق مع روسيا والصين».
كيف سيتحدد إذاً مسار التسوية السورية؟ «الخيار متروك للشعب السوري» يقول عبد السلام. «فإذا قبل الشعب الحل ضمن المعادلة القائمة (بقاء الأسد) فسيجد الدعم. وإذا رفض فهذا من حقه».ويؤكد الوزير التونسي «رفض التدخلات العسكرية الخارجية في إدارة الشؤون العربية»، مشيرا إلى «اننا قريبون من فصائل مختلفة في المعارضة السورية ومستعدون للتواصل مع مختلف المكونات السورية».
أما عن قرار طرد السفير السوري من تونس وتجميد العلاقات بين البلدين، فيقول «رجحنا فيه (القرار) اعتبارات المبادئ الأخلاقية والسياسية أكثر من جانب آخر. ونحن لا نملك إلا التعاطف والتضامن مع الشعب السوري. كان قرارا ثوريا مبدئيا، ولكن الناس لم يتعودوا على أن تأخذ تونس هذا النوع من القرارات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.