بعد صفقة تسليم حكومة "حمادي الجبالي" أمين عام "حركة النهضة" ل"البغدادي المحمودي" آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الراحل "معمر القذافي" يوم الأحد إلى السلطات الليبية لمحاكمته من قبل الثوار، أثارت غضبا عارما في نفوس الشعب التونسي وفجرت أزمة كبيرة في البلاد، ووجهت إنتقادات لاذعة إلى الحكومة في هذا الإطار باعتبار الظروف الأمنية والإنسانية غير الملائمة ب"ليبيا" لكن الحكومة لا تكترث لهذا "ودن من طين وودن من عجين" كما العادة. ويعد تسليمه ضربة موجعة للرئيس المؤقت "منصف المرزوقي" الذي يتواجد حاليا في بلدنا "المغرب" والذي كان قد أبدى إعتراضه سابقا على تسليم "البغدادي" في هذه الظروف إلى "ليبيا" إلا بعد أن يتأكد أنه سيحاكم محاكمة عادلة. باعتبار أنّ رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي، الذي أبدى اعتراضا على تسليم البغدادي في هذه الظروف إلى ليبيا، لم يكن على علم بتسليم البغدادي. ويعتبرها جزء من التونسيين طعنة من الخلف ل"المرزوقي" لأنه لم يكن يعلم لكي يسلم إستقالته و"يترك الجمل بما حمل". وقال أحد المصادر لجريدة "العلم" على "المرزوقي" أن لا يستقيل ربما أردوا بتسليم "البغدادي" استقالة "المرزوقي" حتي ينفردوا بالحكم فبعد صدور كتاب "ليلة سلم الجبالي البغدادي إلى ليبيا" فهل هي صدفة أم هناك علاقات مخابرات تخطط وتحاول دائما أن تخلق مشاكل. فيما تقول الحكومة التي تقودها "النهضة" إنّ عملية تسليم "البغدادي جاءت بعد الإطلاع على تقرير اللجنة التونسية الموفدة إلى طرابلس لمعاينة شروط توفر المحاكمة العادلة وبناءً على تعهدات الحكومة الليبية بضمان حماية البغدادي المحمودي من كل تعد مادي أو معنوي وتجاوز مخالف لحقوق الإنسان، إلا أنّ طريقة إعدام القذافي والإشتباكات المسلحة بين كتائب الثوار بعد سقوط نظام القذافي لا تطمئن على حياة البغدادي ولا على سلامته الجسدية من التعذيب في ليبيا". ويقول مراقبون إنّ تسليم "البغدادي" إلى "ليبيا" في مثل هذه الظروف الإستثنائية يأتي في إطار صفقة مالية عرضها الجانب الليبي على الحكومة المؤقتة التي قبلت بها في ظلّ الموارد المالية المتواضعة التي تملكها. وكان "حمادي الجبالي" رئيس الحكومة المؤقتة قد أعلن سابقا أن بلاده ستسلم "البغدادي" الذي سجن منذ شتنبر 2011 في "تونس" بتهمة اجتياز الحدود بصفة غير شرعية، إلى "ليبيا" حتى إن لم يوقع الرئيس المؤقت "منصف المرزوقي" قرار التسليم مثلما ينص عليه القانون التونسي. وقال "الجبالي" إنّ دستور "تونس" الصادر سنة 1959 والذي لا يسمح بتسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج "تونس" إلا بعد توقيع رئيس البلاد على قرارات التسليم، تمّ تعليق العمل به بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع "زين العابدين بن علي". وقال "الجبالي" إنّ تسليم "البغدادي" يستند إلى قرار قضائي يقضي بالتسليم واتفاقات بين الدولتين ينصّ على تبادل الموقوفين وتعهد للحكومة السابقة بالتسليم، في إشارة إلى حكمين قضائيين صادرين في 8 و25 نونبر 2011 عن محكمة الإستئناف في "تونس" ويقضي بتسليم "البغدادي" إلى "ليبيا". كما وافق مجلس الوزراء خلال جلستي عمل في 9 نونبر 2011 بإشراف الوزير الأول السابق "الباجي قايد السبسي"، والثانية في 15 ماي 2012 بإشراف "حمادي الجبالي" على تسليم "البغدادي". ولم تقم حكومة "السبسي" بتسليم "البغدادي" من دون توقيع الرئيس المؤقت "فؤاد المبزع" على قرار التسليم. كما رفض "المبزع" إمضاء قرار التسليم تاركا مسؤولية القرار للحكومة التي عينها المجلس التأسيسي. وبما أنّ القانون المنظم للسلطات العمومية المؤقتة أفرغ رئاسة الجمهورية من الكثير من الصلاحيات، لم يجد "حمادي الجبالي" رئيس الحكومة المؤقتة بدا من التنسيق مع "المنصف المرزوقي" بشأن تسليم "البغدادي". وأعربت الرئاسة في بيان عن رفضها وإدانتها لقرار تسليم "البغدادي"، معتبرة أنه "قرار غير شرعي ينطوي على تجاوز للصلاحيات، خاصة وأنه تم بشكل أحادي ودون استشارة وموافقة الرئيس المؤقت "المنصف المرزوقي". وأضافت الرئاسة أن "الجبالي" سلم "المحمودي" ل"ليبيا" "دون تشاور لا بين الرئاسات الثلاث "رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي" ولا في اجتماعات "أحزاب" الترويكا التي تشكل الائتلاف الحاكم في تونس وآخرها ذلك الذي انعقد يوم الجمعة 22 يونيه 2012"، وهو ما يطرح تساؤلا عن مدى احترام حركة النهضة لشركائها في الحكم؟ وحملت الرئاسة "الجبالي" مسئولية "ما قد يكون لهذه الخطوة من انعكاسات على الائتلاف" الثلاثي الحاكم، مؤكدة أن "أمر التسليم الذي وقعه رئيس الحكومة فيه خرق واضح لالتزامات "تونس" الدولية وتجاه الأممالمتحدة خاصة وأن المنظمة الدولية للاجئين طالبت السلطات التونسية بعدم تسليم السيد "المحمودي" قبل البت في مطلب اللجوء المقدم من طرفه بحسب ما يجري به التعامل وفق "اتفاقية جنيف" لسنة 1951". فماذا تريد "حركة النهضة" الإسلامية بعد احتدام المواجهة بينها وبين الثنائي الرئيسي المسئول والمكمل للحكم وكذلك بعد غليان الشعب التونسي؟؟؟ تقول مصادر أنه قد تمت صفقة كبيرة حصلت بين "حركة النهضة" والمجلس الإنتقالي الليبي، وقد تم فيها بيع "البغدادي" مقابل دعم "ليبيا" ماديا لها ليس لأن "تونس" تحتاج للدعم، وإنما لأن الإنتخابات قد شارفت على الأبواب وهي تعلم أن الشعب فقد الثقة فيها ولن ينتخبها ثانية، فتريد أن تشتري الأصوات، وربما يدخل في إطار الصفقة أيضا شراء للأسلحة للإسلاميين لترويع الآمين كما حصل قبل منتصف يونيه لقفل أفواههم إن زورت الإنتخابات لصالحهم. وقالوا فلترينا "حركة النهضة" إن قاطع الشعب الإنتخابات بمن ستأتي لمكاتب الإقتراع؟ هل ستأتي بشعب "الصومال" وتشتري أصواتهم بأموال "ليبيا"؟ فلترينا وتأتي بهم يا إما يأكلوننا أو نأكلهم؟ ولن ييأس الشعب التونسي...