غيرت يومية "المساء" المغربية شكل صفحتها الأخيرة، بمجرد خروج مؤسسها وناشرها الأول، رشيد نيني، من سجن عكاشة بالدار البيضاء، فجر يوم السبت الماضي. واختف من الصفحة صورة "نيني" وراء القضبان، وعوضت المساحة التي كان يحتلها يوميا من خلال عموده المقروء على نطاق واسع "شوف تشوف" بالأعمدة التي يتناوب عليها كتاب الجريدة الآخرون. ولم تشر الجريدة حتى الآن إلى ما إذا كان الصحافي المفرج عنه، سيستأنف كتابة مقاله اليومي الذي يعتقد كثيرون أنه يقف وراء انتشار الجريدة وارتفاع مبيعاتها، على اعتبار أسلوب "نيني" الساخر الناقد والمندد بل الفاضح لعدد من الاختلالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك ما كلفه عدة متابعات قضائية، أقساها تلك التي قضى بسببها سنة كاملة في السجن، حيث حوكم بمقتضى القانون الجنائي وليس وفق قانون الصحافة، وهو إجراء انتقده هيئات حقوقية في الداخل والخارج. ويستبعد مقربون من "نيني" استئنافه الكتابة في القريب العاجل لأسباب فيها ما هو نفسي إذ يحتاج الرجل إلى أقساط من الراحة يعيد خلالها ترتيب أوراقه والتأمل بعمق في مساره المهني لتقييمه في أفق تجاوزه وأثار المحنة التي تعرض لها. وفي هذا السياق، راج الحديث عن اعتزام "نيني" الذهاب إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة وهو المعروف بنزعة الإيمان القوية التي تسكنه. ولم يتضح ما إذا كان "نيني" سيحتفظ بموقعه في جريدة "المساء" كشريك أو مساهم بحصص في رأسمال الشركة فقط، دون الكتابة فيها حتى لا يحرج المشرفين الحاليين على الصحيفة الذين ارتضوا خطا تحريريا لا يشبه في بعض الملامح ذلك الذي خطه "نيني" منذ إصدار المساء حتى أوج ذروتها التي قادته إلى العدالة والسجن. وبرأي أوساط صحافية، فإن "نيني" قد يفك ارتباطه التحريري ب "المساء" لأن طبعه يأبي عليه أن يكتب بغير الأسلوب الذي ارتضاه واشتهر به بين قراء الجريدة الأوسع انتشارا في المغرب حتى الآن، لكن يمكن أن يحتفظ بأسهمه أو أن يتخلى عنها لفائدة الشريك الأقوى من حيث الحصص، المخرج السينمائي محمد العسلي الذي زار "نيني" في بلدته بن سليمان. وإذا ما تحقق الاحتمال الثاني، فمن غير المستبعد أن يطلق "نيني" مشروعا إعلاميا خاصا به، يهيئه على نار هادئة على اعتبار أن شهية الكتابة متمكنة منذ منذ فك الحروف الهجائية.