استبعدت مصادر دبلوماسية عليمة أن تساند الولاياتالمتحدة الأميركية، المقترح المتعلق بتوسيع صلاحيات بعثة "المينورسو" الراعية لتنفيذ اتفاق وقف أطلاق النار في الصحراء، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، سواء في الأقاليم الجنوبية المغربية أو مخيمات جبهة "البوليساريو"في تندوف جنوب غرب الجزائر. وكانت حدثت ازمة صامتة العام الماضي، بين الرباطوواشنطن على أثر بروز إشارات على أن القوة العظمى وحليفة المغرب التاريخية، تجاوبت مع مطلب جبهة البوليساريو، بخصوص التوسيع، ودعمت المقترح المذكور، بدفع وتشجيع من وزير الخارجية، جون كبيري، ومندوبة أميركا في الأممالمتحدة، سوزان رايس، المرتبطين بمؤسسة "كينيدي لحوق الإنسان" التي طالما أظهرت مواقف عدائية للمغرب، غير معترفة أو مقدرة للجهود المتصلة التي يبذلها المغرب من أجل احترام حقوق الإنسان وتوسيع فضاء الحريات العامة والخاصة، رغم محاولات الإقناع التي قام بها. وعلى إثر ذلك اتخذت الرباط، إجراءات بينها تكثيف الاتصالات والمشاورات الدبلوماسية مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، كما عبر المغرب عن ما يشبه الغضب من موقف واشنطن، ولذلك رفض مشاركته في مناورات عسكرية بحرية كان يفترض ان تجري العام الماضي في عرض الشواطئ المغربية، لكن العلاقات السياسة بين البلدين استعادت إيقاعها الطبيعي بسرعة، بل توجت بالزيارة الرسيمة التي قام بها العاهل المغربي لواشنطن، واجتماعه بالرئيس الأميركي اوباما، صدر على أثرها بيان مشترك شدد على متانة علاقات الشراكة الاستراتيجية والتعاون الشامل بين البلدين، بل اشار ذات البيان المشترك إلى تأييد الولاياتالمتحدة للمقاربة المغربية بخصوص نزاع الصحراء، واصف مقترح الحكم الذاتي بالإطار الجدي لفض النزاع. وفي هذا السياق الهادئ والطبيعي،يحل الجمعة المقبلة بالربا ط، الوزير "كيري" حيث يقضي يومين في المغرب، ضمن جولة في المنطقة تشمل على الخصوص المغرب والجزائر. وقالت مصادر متطابقة إن محادثات كاتب الدولة الأميركي، في الر باط، ستتناول مجمل القضايا المهمة التي تهم المغرب والولاياتالمتحدة ؛فبالإضافة لما اصبح يطلق عليه الحوار الاستراتيجي بين البلدين، لا يستبعد ان يتضمن جدول المحدثات بين "كيري" والمسؤولين المغاربة، قد يكون في مقدمتهم العاهل المغربي الملك محمد السادس؛ يتضمن الجدول، تطورات الملف الصحراوي، خاصة وأن الصحافة الجزائرية أشارت منذ بضعة ايام إلى أن نفس الملف يوجد على رأس القضايا التي سيناقشها كاتب الدولة مع المسؤولين في الجزائر، على الرغم من أن زيارته لجارة المغرب الشرقية تأتي في سياق وضع داخلي خاص إذ تجري في البلاد حملة انتخابية رئاسية ساخنة ومحتدمة بين أنصار الرئيس بوتفليقة ومعارضي استمراره على رأس الدولة بالنظر إلى تدهور حالته الصحية علما أن واشنطن أكدت حيادها بهذا الخصوص وأن القرار يعود للشعب الجزائري. وفي هذا الصدد انتقد سياسيون جزائريون من المعسكر المعارض للرئيس بوتفليقة وكذا الصحافة المستقلة توقيت زيارة "كيري" بل اعتبروها تزكية غير مباشرة لترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة بل ذهبت بعض الأصوات حد القول أن الزيارة تدخل في الشأن الداخلي الجزائري. وتتزامن زيارة كيري للمغرب مع التحاق السفير الأميركي الجديد لدى الرباط "دوايت ل. بيش" بعد ان ظلت السفارة بدو ن سفير حوالي السنة أثر انتهاء مهام السفير السابق "صمويل كابلان" في نفس الشهر من العام الماضي. ويرى مراقبون أن زيارة "كيري" في الظرف الحالي، وقبيل اجتماع مجلس الأمن لمراجعة ملف الصحراء والتمديد لبعثة "المينورسو" تحمل معاني الاطمئنان إلى الرباط التي ما فتئت منذ أزمة العام الماضي، توسع حملتها الدبلوماسية لإقناع الدول المؤثرة في مجلس الأمن وملف الصحراء، بجدوى وواقعية المقاربة التي تنتهجها لإنهاء المشكل كما قامت بمساعي مماثلة لدى الجهات والمنظمات الحقوقية، للتعريف بالإنجازات المحققة في هذا المجال، إن في نيويورك أو في جنيف. إلى ذلك لا يبدو أن "كيري" يحمل في حقيبته مقترحات محددة لحلحلة ملف الصحراء، ولكنه سيعبر لمحاوريه في الجزائروالرباط، بعد الاستماع إليهم، أن بلاده ضاقت بالجمود المهيمن على مجريات ملف النزاع وأن الظرف والمجتمع الدولي لم يعد يسمح بديمومة أزمات من هذا القبيل، حتى يتفرغ للتحديات الهائلة التي تواجه الأمن والاستقرار والسلم في شتى بقاع العالم.