فاز حزب ‘الاتحاد من اجل الجمهورية' الحاكم في موريتانيا في الدورة الاولى للانتخابات التشريعية والبلدية التي جرت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر تلاه حزب التواصل الاسلامي، كما اعلنت اللجنة الانتخابية الاربعاء فيما قال حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ‘تواصل' الإسلامي المعارض في موريتانيا أنه يرفض أي تأجيل محتمل للجولة الثانية من الانتخابات البلدية والتشريعية، التي كانت مقررة يومي الجمعة والسبت المقبلين. وفي الانتخابات التشريعية، فاز حزب الاتحاد في الدورة الاولى ب56 مقعدا اي 46 بالمئة من مقاعد البرلمان في حين حصل حزب التواصل على 12 مقعدا اي 10 بالمئة من اصل ال147 مقعدا التي تتألف منها الجمعية الوطنية. من جهته اعتبر حزب ‘تواصل'، في بيان أصدره في ساعة متأخرة من مساء الإثنين، وتلقى مراسل ‘الأناضول' نسخة منه، أن ‘التأجيل خدمة لطرف سياسي يجد صعوبة بالغة في استدراك صدود الناس عنه وحرصهم على معاقبته'، حسب البيان، في إشارة إلى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم. وتحدثت بعض التسريبات الصحافية غير المؤكدة عن احتمال تأجيل الجولة الثانية من الانتخابات حتى 21 كانون الأول/ ديسمبر الجاري. وأضاف الحزب أنه ‘رغم كل الجهود التي قامت بها أحزاب المعارضة المشاركة بالانتخابات من أجل تنبيه اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لتصحيح الخروقات التي شابت العملية الانتخابية، لا يزال مسلسل الخرق المتعمد لضمانات نزاهة وشفافية الانتخابات مستمرا، بل ويتصاعد مع الوقت وتتسع دائرته وتتنوع الجهات والأطراف المتورطة فيه'. وتفوق حزب ‘الاتحاد من أجل الجمهورية'، الحاكم في موريتانيا، وحلفاؤه على منافسيهم من أحزاب المعارضة بالجولة الأولى من الانتخابات، حيث حصلوا على 60 مقعدا مقابل 31 للمعارضة. وجرت الجولة الأولى في 23 كانون الثاني/ نوفمبر الماضي، فيما تشمل جولة الإعادة، المتوقع إجراؤها الجمعة والسبت المقبلين، حوالى 56 مقعدا على مستوى ما يقارب 25 دائرة انتخابية محلية، من بين إجمالي 147 نائبا بالجمعية الوطنية (البرلمان). وتشكل النتائج التي حصل عليها حزب ‘التجمع الوطني للإصلاح والتنمية' (تواصل)، ذي الخلفية الإسلامية، خلال الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي أعلنت نتائجها قبل أيام، مؤشرا قويا على صعود هذا الحزب، الذي تأسس قبل أكثر من 6 سنوات. وحسم الحزب ستة مقاعد بشكل نهائي، ويتوقع حصده ما بين 8 و10 مقاعد أخرى في قائمة ‘اللائحة الوطنية المشتركة'، و'اللائحة الوطنية للنساء' (يصوت فيهما جميع الموريتانيين بغض النظر عن الدوائر الانتخابية)، ومن المرجح إعلان نتائجهما، في وقت لاحق الثلاثاء. ويخوض الحزب كذلك جولة الإعادة مع الحزب الحاكم في خمسة دوائر بالعاصمة نواكشوط، ومن المفترض إجراء جولة الإعادة السبت المقبل، وسط توقعات بتأجيلها نتيجة تأخر إعلان نتائج الجولة الأولى. هذه النتائج التي يصفها البعض بالمفاجأة باتت حديث الرأي العام، ويرى بعض المراقبين أنها ستؤهل الحزب، الذي يقترب من حصد أكثر من 20 مقعدا بالبرلمان من أصل 147 نائبا، لتزعم المعارضة بكل أريحية، والتي تقضي النصوص القانونية المنظمة لها بأحقية الحزب المعارض الذي يمتلك أكبر تمثيل برلماني برئاستها. تصدر الإسلاميين للمشهد السياسي بات هاجسا يؤرق بشكل كبير الحكومة الموريتانية، التي عملت جاهدة طوال الدعاية الانتخابية التي سبقت اقتراع 23 كانون الأول/ نوفمبر الماضي، على التخويف من خطر صعود إسلاميي موريتانيا سياسيا، وربطهم بالأحداث التي شهدتها بلدان الربيع العربي بتونس ومصر وليبيا وسوريا. فقد هاجم كل من وزراء الدفاع أحمد ولد الراظي والعدل سيدي ولد الزين والصحة أحمد ولد جلفون التيار الإسلامي بموريتانيا بقوة قبل أيام، بمدينة كرو الواقعة وسط البلاد، والتي تحتدم فيها المنافسة بين الإسلاميين والحزب الحاكم. وحذر الوزراء، أثناء تجمع جماهيري، سكان المدينة من اختيار مرشحي ‘تواصل' ، كما هددوا أبناء المدينة الموظفين لدي الأجهزة الحكومية بالفصل في حالة نجاح الإسلاميين. وطلب أعضاء في الحكومة الموريتانية قبل يومين من رابطة الأئمة والعلماء (غير حكومية) مساعدة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحزب الحاكم) في الانتخابات البلدية بالعاصمة التي يخوض فيها الحزب جولة الإعادة ببعض الدوائر مع أحزاب معارضة، بينها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (إسلامي)، بحسب وسائل إعلام محلية. وذكرت مصادر إعلامية محلية أن إبراهيم ولد امبارك، وزير التنمية الريفية بالحكومة، بصحبة كل من أحمد ولد النيني وزير الشؤون الإسلامية وعبد الله ولد احمد دامو مستشار الرئيس الموريتاني، قد عقدوا اجتماعا بمكتب الرابطة (رابطة الأئمة والعلماء) لإبلاغهم طلبا من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لوضع حد لصعود ‘الإسلاميين الإرهابيين على مستوي العاصمة نواكشوط'. وقال ولد امبارك، الذي كان يرأس الوفد الحكومي خلال اللقاء، لأعضاء مكتب الرابطة، إن فوز الإسلاميين بانتخابات العاصمة نواكشوط سيكون ‘خسارة للشعب الموريتاني'، محملا الإسلاميين مسؤولية ‘تخريب' مصر وسوريا وتونس وليبيا (دول الربيع العربي)، حسب ذات المصادر. ويرى محمد سالم ولد محمد، الصحفي بيومية ‘السراج'، أن الهجوم الإعلامي الذي تشنه الحكومة على التيار الإسلامي السياسي بموريتانيا، هو نتاج حالة ‘الصدمة' التي تعيش علي وقعها الحكومة الحالية، التي كانت تتوقع نتائج ‘هزيلة' للتيار الإسلامي بهذه الانتخابات. ويضيف أن ارتفاع شعبية التيار الإسلامي في العاصمة نواكشوط والكثير من المدن الداخلية بات ‘مزعجا' للنظام السياسي، الذي كان يريد قياس شعبيته في هذه الانتخابات، التي تأتي في سياق سياسي متوتر جدا، حيث أن البلاد عاشت على سنتين من التجاذب السياسي المتمثل في مطالبة منسقية المعارضة الديمقراطية، التي يعتبر ‘تواصل' أحد أبرز مكوناتها، برحيل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وفق قوله. وأشار ولد محمد، في تصريحات لوكالة الأناضول، إلى أن الرئيس الموريتاني كان واثقا يوم الاقتراع من فوز حزبه بنتائج كبيرة، حين قال أثناء إدلائه بصوته ‘سنري من يملك الشعبية الحقيقية ومن يملك الشعبية الوهمية'. وأوضح أن مكمن خوف السلطة يتجلي في النتائج الكبيرة التي حققها التيار الإسلامي بالعاصمة نواكشوط والمدن الكبرى، حيث يصوت الناخبون حسب قناعاتهم السياسية. وظل النظام الموريتاني ‘متوجسا' من الربيع العربي، خاصة بعد ركوب المعارضة الموريتانية وبعض القوى الشبابية لموجة حراك الثورات العربية، ونزولها للشارع قبل سنتين للمطالبة برحيل الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن السلطة. وشكل تزعم التيارات الإسلامية لحراك الربيع العربي وتصدرها للمشهد السياسي الجديد، ‘هاجسا' إضافيا لدي نظام نواكشوط ‘المتخوف' من تنامي هذا التيار محليا بعد وصوله إلي السلطة في المغرب وتونس. ودفع هذا الأمر السلطات الموريتانية لاتخاذ موقف ‘متحفظ' من التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، فقد ظهرت في البداية كداعم لنظام معمر القذافي بليبيا في وجه الثورة عليه، وكان في ذيل الأنظمة العربية التي اعترفت بالمجلس الليبي الانتقالي. ولم يخف النظام الرسمي بموريتانيا في مناسبات عديدة امتعاضه من الثورات العربية، فالرئيس ولد عبد العزيز يحرص دائما على أن يقول ‘ما يسمي بالثورة'، كما أن السياسيين الداعمين له من قيادات حزبية وبرلمانيين لا يتحدثون عن الربيع العربي بلغة إيجابية أو تصالحية، بل يعتبرونه في معظم أحاديثهم الإعلامية ‘مصدرا للقلاقل والأزمات'.