في مكتب محاذ لمكتب المحاماة الذي يديره نجله بإقامة شعباني الشهيرة في أعالي العاصمة، يستقبل رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس العشرات من الأنصار والمتعاطفين وكذا الراغبين في تولي حملته الانتخابية، كثير منهم أنصار أوفياء وبعضهم انتهازيون تناهى ربما إلى أسماعهم أن للرجل حظوظا وافرة في الرئاسيات المقبلة، وفي حديثه مع ضيوفه يبلغ بن فليس أنصاره أنه مترشح بشكل رسمي وأنه واثق من فرص التغيير في البلاد. "الخبر" تنقلت الى عين المكان ورصدت هذه الصور غير المرئية. يعطي المرشح المحتمل للرئاسيات القادمة، رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، انطباعا لزائريه أنه غير مبال إن كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ينوي التقدم لعهدة رابعة أم لا، يطلب منهم إنهاء العمل في تحضير لجان المساندة وترقب الإعلان الرسمي عن ترشحه، لكن "تريث" بن فليس بدأ يثير القلق في نفوس بعض أنصاره، فالرجل حدد موعدا في الأسبوع الأول من نوفمبر الجاري لإعلان ترشحه، ثم أرجأ الأمر لموعد لاحق لأسباب غير معروفة. ويستقبل علي بن فليس ضيوفه في مكتب محاذ لمكتب المحاماة الذي كان يشرف عليه سابقا بإقامة شعباني في وادي حيدرة بالعاصمة، لكنه يفضل لقاء رجال ثقته في مكتبة في إحدى زوايا إقامته في نفس الحي (شعباني). يبلغ كل زائر أن نجله هو من يتولى أمور المكتب وأنه يستأنس في تقاعده بالكتابة، فمنذ علم أنصار رئيس الحكومة الأسبق نيته الترشح لرئاسيات 2014 كثير منهم فضل التنقل بنفسه للتأكد من أنباء الترشح بما أن الرجل ترك اعتقادا أنه اعتزل السياسة للأبد. ويلزم للحصول على لقاء مع منافس الرئيس بوتفليقة في رئاسيات 2004 تأكيد موعد مسبق ثم الالتزام بالحضور في التوقيت المحدد، يقول أحد مقربيه ل"الخبر" إن بن فليس درج على استقبال أكثر من 20 وفدا بشكل يومي في الأسابيع الأخيرة وأنه يعتذر عن استقبال ضعف هذا العدد، ويحرص بن فليس بعناية فائقة على الظهور في مواعيد محسوبة بدقة، فقد ظهر أول مرة في ذكرى وفاة أول وزير عدل للجزائر، النقيب عمار بن تومي، ثم مرة ثانية في المؤتمر الرابع لجمعية العلماء المسلمين. وينقل ذات المصدر عن رئيس الحكومة الأسبق أن ضيوفه عادة ما يوجهون له أسئلة إن كان سيعلن ترشحه فعلا، وأنه درج على إجابتهم "نعم أنا مترشح بشكل رسمي"، ويلاحظ كل من التقى علي بن فليس، أنه يرفض الخوض في أي حديث أيا كان شكله حول رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، كما يرفض الخوض في تفاصيل هزيمته في الرئاسيات التي دخلها قبل عشر سنوات منافسا له، حين بدا قادرا على هزيمته ثم جاءت النتائج الرسمية في صالح الرئيس المترشح بفارق واسع، ويخلو حديث رئيس الحكومة الأسبق من أي إشارة لدور المؤسسة العسكرية في الرئاسيات المقبلة برغم قراءات كثيرة لمراقبين تعتقد أن مجموعات نافذة في المؤسسة ترغب في أن يكون خليفة لبوتفليقة. وينقل الزوار من محامين وبرلمانيين سابقين ومناضلين في الأفالان عن علي بن فليس، بخصوص صمته منذ رئاسيات 2004، أنه نتاج حرص على المصلحة الوطنية أكثر منه حرصا على المصلحة الشخصية، فهو يعلم يقينا أن كثيرا من المراقبين يلومون عليه عدم دفاعه عن أفكاره منذ ذلك الموعد الانتخابي فلم يعرف له رأي من كبرى القضايا التي عرفتها الجزائر في السنوات العشر الأخيرة، ويتواصل علي بن فليس وفقا لمصادر التقتها "الخبر" في حي شعباني، بشكل دوري مع مسؤولي أحزاب سياسية، وطنية، إسلامية وعلمانية. وقال مقربوه إنه يفضل شرح أفكاره من دون أن يظهر علاقة توافق مع حزب على حساب آخر، كما يفتح هاتفه الشخصي لاتصالات المسؤولين عن اللجان الولائية والمحلية التي ترشحه لانتخابات الرئاسة شهر أفريل المقبل، فقد درج على ترديد جملة "اعملوا فقط وسيأتي تاريخ إعلان الترشح". وقد روج في فترة سابقة أنه من الممكن أن يعلن ترشحه رسميا بداية نوفمبر، لكنه قد يؤخر ذلك إلى شهر ديسمبر، فعمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير استبق الحدث بإعلانه أن "الرئيس بوتفليقة سيكون مرشحنا في 2014 لعهدة رابعة"، في تحول بارز في خطاب حزب الأغلبية الذي كان يتحدث في السابق عن ترشيح بوتفليقة "إذا وافق على ذلك"، ومعلوم أن جبهة التحرير الوطني ستكون أرض معركة بين أنصار الرئيس وأنصار بن فليس المستترين في اللجنة المركزية والمحافظات، لكن رئيس الحكومة الأسبق يبدو متفائلا من أن قواعد الجبهة تكن له الولاء المطلق، ومما يذكره لمقربيه أن 80 بالمائة على الأقل من أعضاء اللجنة المركزية ومسؤولي المحافظات يقفون إلى صفه.