أكد عدد من المشاركين في المؤتمر الرابع للمدن والحكومات المحلية المنعقد بالعاصمة المغربية ،أن حركة التمدين التي يشهدها العالم، بقدر ما تخلق فرصا للتنمية، بقدر ما تنتج عنها مجموعة من التحديات التي يصعب ضبطها. وفي هذا السياق، قال آلان جوبي، عمدة مدينة بوردو الفرنسية ،والوزير الأول الفرنسي على عهد الرئيس جاك شيراك، خلال ندوة مشتركة حول أجندة المؤتمر الثالث لبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية 2015مع مجموعة من المسؤولين من هيئات ودول مختلفة،إن المدينة مجال للتبادل والعيش المشترك، بيد أنها تطرح تحديات على مستوى الحكامة، داعيا إلى أن تكون المدينة الفضاء الذي تخلق فيها ديمقراطية جديدة. إن حركة التمدين، يقول عمدة مدينة بوردو ، ورئيس الجمعية الفرنسية لمجلس جماعات وجهات أوروبا، ظاهرة تتم بصفة تلقائية، ولكن بصورة غير متحكم فيها، مما يخلق تحديات وإشكاليات على مستوى السكن والشغل والفقر وانعدام الأمن. واعتبر جوبي كذلك، أن المدينة ساهمت في ارتفاع طلب المواطنين على الانخراط والمشاركة في اتخاذ القرار، وهو ما اعتبره الوزير الأول الفرنسي السابق تحديا سيمكن كسبه من تجديد المسار الديمقراطي. وسارت باقي المداخلات في نفس الاتجاه، حيث قال أليون باديان، مدير برنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية الخاص بإفريقيا،إن المدن مصدر الثروة ومركز الاقتصاد الدولي، كما أنها تخلق فرصا للتنمية وفضاء لترسيخ الديمقراطية وتحقيق التواصل، داعيا إلى إشراك أكبر للحكومات المحلية في اتخاذ القرار. واعتبر باديان أن ترسيخ الديمقراطية على المستوى الكوني لا يمكن أن يمر إلا بترسيخها على المستوى المحلي. وأشار باديان إلى كون حركة التمدين في إفريقيا تطرح تحديات أكبر، مقارنة بباقي المناطق، مشيدا في ذات الوقت بانخراط المغرب خلال الثمان سنوات الماضية في مشروع إعادة إسكان مليون مواطن من قاطني دور الصفيح،وإنفاقه لأزيد من مليار ونصف مليار دولار لأجل تحقيق هذا الهدف. ومن جهته،اعتبر عمدة مدينة كيتو الإكوادورية، أغوستو باريرا، أنه لا يمكن التفكير في مستقبل المدن من دون ضمان ولوج المواطنين إلى الخدمات الأساسية، مشيرا كذلك إلى ضرورة إعادة التفكير في شكل المدن، خصوصا مع التحديات التي تطرحها على عدد من المجالات كالنقل مثلا. وأضاف باريرا إن وجود 9 مليارات سيارة في العالم يطرح إلى جانب المشاكل البيئية تحديات على مستوى تدبير المجال، مشيرا إلى أنه إذا استمر الوضع على هذه الوتيرة فلن يكون على العالم الاكتفاء بغزو المريخ من أجل التوسع بل غزو كواكب أخرى كذلك. عمدة مدينة بوردو الفرنسية آلان جوبي عاد بدوره إلى الحديث عن إشكالية النقل، مذكرا أن هذا القطاع يأتي في المرتبة الثانية من حيث التسبب في الانبعاثات الغازية، داعيا إلى إعادة التفكير في كيفية تنقل الناس والعمل على تحسيس السكان من أجل تغيير سلوكهم في اتجاه خلق مدن نظيفة والمساهمة في اقتصاد الطاقة. وركزت مداخلة المسؤول في منظمة الأممالمتحدة للطفولة جيوفري أومالي على التحديات التي تطرحها المدينة العصرية بالنسبة لظروف عيش الأطفال، معتبرا أن تحسين أوضاعهم يتطلب التوفر على معطيات دقيقة حول حقيقة الأمور في المدينة. وقال المسؤول الأممي إن هناك خللا في بنيات المعطيات المتوفرة عادة، والتي يجب مراجعتها لأنها تعطي أرقاما غير حقيقية عن الوضع الفعلي لظروف عيش الأطفال. وضرب أومالي المثل بنسبة تمدرس الأطفال، التي قال إنها على مستوى المدينة الواحدة قد تكون متدنية في بعض الأحياء ومرتفعة في أحياء أخرى، مما ينتج عنه إعطاء معدل للتمدرس بالمدينة أو البلاد لا يعكس حقيقة التفاوتات القائمة. بدوره تطرق عمدة مدينة جوهانسبورغ الجنوب إفريقية، باركس تاو، إلى قضية التنمية المستدامة في المجال الحضري، معتبرا أنها تتمثل بالنسبة إليه في توفير المدينة للحاجيات الضرورية للسكان مع الحفاظ على التوازنات المناخية. واعتبر تاو أن التنمية المستدامة تعني كذلك ضمان ولوج المواطنين للموارد الطبيعية مجددا في نفس الوقت الدعوة التي سبقه إليها المشاركون في الندوة بعقلنة استخدام الطاقة، داعيا إلى ضرورة تحسيس المواطنين وإشراكهم في البرامج الرامية إلى التقليل من استخدام الطاقة. وشدد عمدة مدينة جوهانسبورغ، كذلك على ضرورة أن توفر الأممالمتحدة ميكانيزمات مؤسساتية تسمح للحكومات المحلية بإسماع صوتها، وكذا توفير الدعم المادي اللازم لبلوغ أهداف الأجندة التي يسطرها المؤتمرالثالث لبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية 2015.