"البلغة" المغربية الشهيرة هي نعل يلبسه المغاربة منذ قديم العصور, لازالت محافظة على تواجدها القوي في مجتمعنا إلى اليوم بل هي ضرورة إلزامية في ثقافتنا الدينية و الاجتماعية, في الأعياد, صلاة الجمعة, بل واجبة حتى على الرجل يوم عرسه.. تختلف أشكالها و ألوانها حسب المناطق, لكن أشهرها و أكثرها مبيعا و شيوعا بين المغاربة على الإطلاق هي "البلغة الصفراء".. هذه الأخيرة لها قصة يرويها لنا التاريخ بطلها المولى إسماعيل بن الشريف العلوي و مسرحها مدينة العرائش كانت العرائش أكثر الثغور أهمية على الساحل الأطلسي المغربي طوال العصر الحديث من جميع الاعتبارات، فصح عزم السلطان الفاتح مولاي اسماعيل بن الشريف العلوي على تحريرها, ففي أواخر شهر شوال لسنة 1100 ه ، الموافق لسنة 1689 م ، سار القائد أبو العباس أحمد بن حدو البطوئي إلى العرائش فحاصرها مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ونصف، وقيل أن الحصار قد استمر خمسة أشهر كاملة، وكان القتال شديدا عانى المغاربة فيه محنا كبرى قبل أن يشرق فجر الفتح يوم الأربعاء 18 محرم 1101 ه ، الموافق للفاتح من نونبر سنة 1689 , وبلغ عدد أفراد الحامية الاسبانية ثلاثة آلاف ومائتين، أسر منهم ألفان فسيقوا إلى مكناس حيث استخدموا في بناء القصور وترميم البعض الآخر, وقد كان تحرير العرائش نصرا مبينا للمولى إسماعيل وعملا باقيا من أعماله المجيدة. وما كان هذا النصر العظيم باسترداد العرائش، التي استولى عليها الإسبان على عهد المامون السعدي يوم 20 نونبر سنة 1610 م بقيادة "الماركيس دي سان خيرمان"، ليقعد بالسلطان عن مواصلة الجهاد لتحرير غيرها من الثغور المحلتة، فقد خضعت العرائش للإسبانيين مدة لا تقل عن تسعة وسبعين عاما، ولم يكد المجاهدون ينهون هذه المعركة حتى توجهوا إلى أصيلا فحاصروها حولا كاملا قبل أن يفتحوها سنة 1102 ه الموافق لسنة 1691 م ، ولم يتم تحرير هذه المدينة إلا بعد أن قضت في قبضة الاسبان 102 سنة، إذ أنها وقعت في يد الاحتلال بدءا من سنة 1589 م, وأمر السلطان بإسكان أهل الريف في هذه المدينة كما فعل من قبل في العرائش التي أكبر فتحها و أعظم نصرها فنهى عن لبس النعال السود وأمر باستبدالها بالنعال الصفر إشارة إلى أهمية الفتح، فقد جرى إيثار اللون الأسود في بعض الملبوسات لدى سكان بعض مدننا الشاطئية حزنا على ضياع الأندلس نظرا لاستقرار الكثيرين من النازحين عنها بتلك المدن. وكان البرتغال قد سبق إلى احتلال أصيلا سنة 1471 م، أي في نفس السنة التي سقطت فيها طنجة, ولم يغادرها البرتغاليون إلا بعد هزيمتهم في موقعة وادي المخازن المجيدة في اليوم الرابع من شهر غشت سنة 1578 م. *مصادر : " مجلة دعوة الحق عدد 64 وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية "