خالد برواين تعتبر الجالية المغربية بالخارج ركيزة هامة للمجتمع المغربي، إذ تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني وتعزز الروابط الثقافية والإنسانية بين المغرب والعالم. غير أن هذه الجالية، بتنوعها وخصوصياتها، تحتاج إلى تمثيل عادل وشامل في مؤسسات تعكس طموحاتها وتلبي احتياجاتها، وتدافع عن حقوقها ومكتسباتها. ومن هنا، تبرز الحاجة لتأسيس مجالس للجاليات المغربية بالخارج تُعبّر عن كافة فئات المجتمع المغربي، بعيدًا عن التجاذبات الحزبية، ومعتمدةً على الخبرات والتجارب السابقة. ضرورة تمثيل كل فئات المغاربة بالخارج يتوزع المغاربة المقيمون بالخارج على بلدان وثقافات متعددة، ويجمعون بين مجموعة من الهويات المتنوعة التي تشكل "فسيفساء" غنية. يمثلون شرائح متعددة، بدءًا من الأجيال الشابة التي وُلدت وترعرعت في المهجر، وصولاً إلى الفئات الأكبر سنًا التي تحمل ذكريات الوطن وتجارب الحياة فيه. لذا، من الضروري أن تكون هذه المجالس ممثلة لكل هذه الفئات، وأن تعكس تطلعات الجميع، وليس فقط شريحة محددة. مجالس الجاليات المغربية يجب أن تكون شاملةً لكل الأصوات، بحيث تمثل المغاربة بكل أطيافهم دون استثناء، وتتيح لهم مساحة للتعبير عن تطلعاتهم وطرح قضاياهم بشكل فعّال، بعيدًا عن الحزبية التي غالبًا ما تنحصر في مصالح ضيقة لا تلبي طموحات الجالية ككل. الاستفادة من التجارب السابقة لتطوير هذه المجالس وضمان نجاحها، يجب أن تستفيد من تجارب الماضي وتراكم الخبرات في العمل مع الجالية المغربية. هذه التجارب أثبتت أهمية الاستماع إلى المهاجرين وفهم احتياجاتهم من خلال تواصل مباشر، مما يتطلب إشراك الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج في إدارة شؤون المجالس ووضع برامج عمل هادفة. وبالنظر إلى التحديات التي واجهت العمل مع الجاليات المغربية في الفترات السابقة، يمكن للمجالس الجديدة أن تبني على الدروس المستخلصة من تلك التجارب. على سبيل المثال، يجب التركيز على التواصل المستمر بين المجالس والجاليات لتحديد الأولويات بشكل دقيق، وتفادي اتخاذ قرارات بمعزل عن الجالية التي تمثلها. المجالس يجب أن تكون غير حزبية التجارب السابقة أثبتت أن انخراط الأحزاب السياسية في شؤون الجالية لم يحقق الفائدة المرجوة، حيث إن المصالح الحزبية غالبًا ما تطغى على العمل الميداني والخدمات المباشرة التي تحتاجها الجالية. لذلك، يجب أن تكون المجالس غير حزبية تمامًا، تُعنى بخدمة الجالية بناءً على احتياجاتها الحقيقية، وليس لتحقيق مكاسب سياسية. إن إنشاء مجالس مستقلة عن الأحزاب يضمن حيادية العمل وشفافيته، ويجعل المصالح الفعلية للجالية هي محور الاهتمام. كما أنه يفتح المجال أمام الكفاءات المغربية بالخارج، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، للمشاركة والمساهمة بشكل فعّال في تقديم خدمات فعّالة ومناسبة للجالية. دور عاهل البلاد في دعم مكتسبات الجالية لقد حظيت الجالية المغربية بالخارج بعناية خاصة من جلالة الملك محمد السادس، الذي وجه العديد من التوصيات لحماية مصالح المغاربة المقيمين بالخارج وتعزيز مكتسباتهم. إن جميع المكتسبات التي تحققها الجالية في الخارج هي بفضل التوجيهات الملكية السامية، التي تولي هذه الشريحة من المواطنين اهتمامًا كبيرًا، وتعكس رغبة جلالته في تعزيز ارتباط المغاربة المقيمين بالخارج بوطنهم، وضمان تمتعهم بكافة حقوقهم وحصولهم على أفضل الخدمات. إذ يؤكد جلالة الملك، في كل خطاباته وتوجيهاته، على أهمية إشراك الجالية في بناء الوطن، وعلى تعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية بينها وبين المغرب، فإن التوصيات الملكية يجب أن تكون الإطار المرجعي لتأسيس هذه المجالس وتوجيه عملها. خاتمة: مجالس تحقق الوحدة وتخدم الصالح العام إن إنشاء مجالس تمثل كل المغاربة بالخارج، بعيدًا عن الحزبية، ووفقًا لتوصيات وتوجيهات جلالة الملك، هو خطوة نحو تعزيز الوحدة بين أفراد الجالية وتلبية احتياجاتها الحقيقية. هذه المجالس يمكن أن تكون نموذجًا يحتذى به في العمل الجماعي، حيث تتضافر الجهود لتحقيق الصالح العام، وضمان حقوق المغاربة بالخارج، وربطهم بوطنهم بشكل أعمق وأقوى.