محمد عزلي في صيف 2014 يقول ذ.عبد الحميد بريري الكاتب العام لجمعية أرشيف العرائش، وأثناء أشغال فتح طريق بدوار دار الخيل بين عياشة وبني جرفط، عثر مقاول المشروع وتقني جماعة عياشة السيد رضوان الروشي على هاتين الصخرتين الأثريتين، وهما عبارة عن شاهد قبر نقش على أحدهما بالكتابة الليبية، وذلك حسب إفادة لعالِميْ الأثار المغربيين ذ.عبد العزيز الخياري وذ.هشام الحسيني محافظ موقع ليكسوس الأثري اللذين انتقلا إلى موقع الأشغال في “ركيبة الزنان” وعاينا الصخرتين، كما قاما بتمشيط الموقع ليجدا رفات عظام تدل عن مقبرة قديمة قرب عين معبد وعين الأسوار قبل أن يتم نقل الصخرتين إلى مقر جماعة عياشة حيث تتواجدان اليوم وتزينان مدخل البناية. وإذا ما ربطنا الاكتشاف الميداني بالمقاربة الطوبونيمية لأسماء هذه القرى (معبد والأسوار) يمكن القول أن المجال يخفي تحت ترابه أسرار حضارة غابرة قد تكشف لنا عنها الأبحاث والحفريات، خاصة إذا علمنا أن منطقة الشمال الغربي للمملكة المغربية عرفت منذ عصور ما قبل التاريخ تواجدا كثيفا للعنصر البشري، وكانت المدَنِيّةُ حاضرة بقوة بين ربوعها (طنجيس 1300 سنة ق.م، ليكسوس 1200 ق.م، شالة 700 ق.م، وليلي 350 ق.م..) إلى جانب التجمعات القروية، كما عرفت بكثرة الطرق والمحطات التي فرضتها الدواعي التجارية والسياسية والاقتصادية لمختلف الدول والأقوام التي تعاقبت على أرضها، حيث نجد على سبيل المثال في هذه المنطقة 21 محطة رئيسية موطّنة في الخريطة البويتنغرية للطرق الرومانية، منها ما هو معروف اليوم ومنها من لم يتم اكتشافه بعد. وبعد حوالي سنتين من اكتشاف الصخرتين، قام ذ.هشام الحسيني بتمشيط جديد ومسح أركيولوجي أوسع في منطقة سد خروفة حيث تم العثور على شاهد قبر آخر نقشت عليه حروف من الكتابة الليبية نفسها، لكنها في المجمل لا تشكل حسب تعبير عالم الآثار المغربي أي تقدم في مسار البحث الذي كان يهدف إلى العثور على بنيات إنشائية أو نقائش تحدد تواجد مراكز مدنية بعينها. أما الكتابة الليبية فهي كتابة الأمازيغ القدامى في مناطق شمال إفريقيا والصحراء الكبرى، يقول عنها الباحث د.عبد اللطيف الركيك “قسم الباحثون الأجانب، الذين تصدوا بالدراسة لمسألة الكتابة عند سكان شمال إفريقيا القديم والصحراء، الكتابة الليبية إلى ثلاثة أنواع استنادا في الغالب لمعايير جغرافية: 1. كتابة ليبية غربية (Lybique occidental): استعملت في الجزء الشرقي لشمال إفريقيا القديم، أي الأنحاء التي كانت إما تابعة لقرطاج، أو متأثرة بها، أو متاخمة لمجالها الإفريقي. وقد أمكن التعرف على عدد من حروفها بفضل نقيشة مزدوجة: بونية (كتابة القرطاجيين) -ليبية، وهي نقيشة دقة أو ثوغا (Dougga-Thougga) قديما، أي دقة حديثا بالوسط الغربي لتونس الحالية. المفيد في النقيشة التي لا يتعدى تاريخها 139 ق.م أن النص الليبي هو بمثابة ترجمة للنص البوني الذي أمكن قراءته، ما أسعف المتخصصين في التعرف على أهم حروف الكتابة الليبية الغربية. 2. كتابة ليبية شرقية (Lybique oriental): وجدت آثارها بمواقع أثرية بسواحل المغرب والجزائر، دون أن يتم لحد الآن تفكيك رموزها ومعرفة عدد حروفها، ولا حتى التوصل إلى تاريخ مؤكد لأقدم آثارها. ولعل نقيشة عزيب نكيس بالأطلس الكبير بالمغرب تمثل أقدم بقايا تلك الكتابة المجهولة لحد الآن، والتي أرخت بما بين 700 و1000 سنة ق.م. 3. كتابة ليبية صحراوية (Lybique saharien): تتميز هذه الكتابة التي عثر على بقاياها بالصحراء بما يلي: من ناحية الحوامل (Les supports): منقوشة ومرسومة على الصخور. من ناحية الموقع الجغرافي: عثر عليها بمواقع بالصحراء بعيدا عن السواحل الشمال إفريقية، حيث تركزت التأثيرات الأجنبية الوافدة على المنطقة في عدة نواحي، ومن بينها الكتابة. من ناحية التأريخ: تعقد مسألة تأريخ الرموز الليبية وتفكيكها، والتأكد من علاقتها بباقي أشكال الكتابة الليبية التي عثر عليها بسواحل شمال إفريقيا.”