في خضم التحولات الثقافية و السياسية الجارية ببلادنا اتجاه الدمقرطة و ترسيخ مؤسسات القانون وبالرغم من ملحاحية مطلب تأهيل النخب لتواكب هذا التحول نفاجئ من حين لآخر بوجه من وجوه النخب البالية المتهالكة يطلع علينا ليذكرنا بأن هناك من لازال يشد إلى الوراء رافضا مسايرة رياح التغيير والتجديد. تمثلت لنا الوجوه هذه المرة في الحوار الذي أجرته جريدة أخبار اليوم بتاريخ 20 شتنبر 2011 مع مغتصب العمودية في العاصمة العلمية فاس "السيد حميد شباط " ، نستطيع أن نقرأ ما جاء في هذا الحوار وفق المستويات التالية التي تعكس في مضمونها نموذج النخب الحزبية المغربية المتهالكة التي أصبحت عائقا سياسيا و ثقافيا أمام التحولات المجتمعية التي ينشدها المغاربة . - المستوى الأول : تورم الذات عند " السيد شباط " لدرجة أصبح فيها دكتاتوريا صغيرا ينظر إلى كل شيء عبر تقرحات لأناه المريضة ، فهذا الديكتاتور الصغير ماانفك يقدم نفسه الضحية الوحيدة لمؤامرات كبيرة يتواطأ الجميع فيها ضده و في نفس الوقت نجد تضامن الجميع . غريب أمر هذه الضحية، فتارة الجميع يتآمر ضدها و في نفس الوقت الجميع يتضامن معها ، إنها الذات الشباطية عندما تدخل في هديانها المحموم لدرجة يدعي فيها تماهي ذاته المريضة مع حزب سياسي عتيد ،" فالسيد شباط " يعتبر كل من يقف ضد غوغائيته عدو ضد حزب الاستقلال ، هكذا يحشر هذا الحزب الوطني التاريخي في معاركه الدنكشوتية المبتذلة ، فالوقوف ضد غوغائية "السيد شباط " تارة مؤامرة ضد مدينة فاس و تاريخها و إشعاعها الحضاري ، و تارة أخرى مؤامرة ضد حزب الاستقلال و تاريخه الخصب ، و هو تارة أخرى استهداف لأسرته المحترمة . باختصار شديد ، هذا حظك التعيس يا مدينة فاس ، أن تصل الدناءة إلى اختزالك في بطن ذات مريضة . - المستوى الثاني : عندما يمضي " السيد شباط " في التعبير عن نمط منحط في الممارسة السياسية يعتمد ثقافة الإشاعة و التشكيك و خلق البلبلة و خلط الأوراق لدى الرأي العام . فمن موقع عمدة مدينة فاس التي يتحدث عن مكانتها التاريخية و من موقع الكاتب العام لمركزية نقابية لها دورها التاريخي في المجتمع ومن منطلق مسؤول يختزل الحزب وتاريخه في ذاته ، نجد " السيد شباط " يعتمد الإشاعة بدل الحقائق ، القذف و السب بدل الحوار ، الخطاب الأخلاقوي الفج بدل التحليل السياسي ، أليس في قوله«.....فقمت بدوري بنشر إشاعة أخرى ... » دليل واضح على تبنيه أسلوب يمتح من ثقافة الرداءة وينهل من الممارسة المنحطة فكيف لكامل الأوصاف أن يجهر بنشر الإشاعات دون وعي بما سيترتب عنها من تداعيات قانونية و أخلاقية و سياسية . - المستوى الثالث : تتكرس ثقافة الرداءة و الانحطاط عندما يتطفل هذا الدكتاتوري الصغير على قضايا المجتمع و التاريخ . فملفوظاته حول الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب من جهة و حول تاريخ و مكانة فاس من جهة أخرى هي رنين و صدى لفراغ مهول بداخل "السيد شباط " عندما يتعلق الأمر بمواضيع جدية . فبصرف النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا مع حركة 20 فبراير فإن مختلف الفاعلين يتفقون على أنها حركة مجتمعية تملي ضرورة التعاطي معها وفق مقتضيات سياسية عقلانية و تاريخية ، إلا الدكتاتور الصغير الذي أبى إلا أن يسجل شروده من خلال وصفه لها بأوصاف سلبية تشكك في ضرورتها وواقعيتها . فليس غريبا أن ينهل الديكتاتور الصغير هذه المفردات من قاموس الديكتار الكبير ؟؟؟ إن شكل تعاطي " السيد شباط " مع الحراك الاجتماعي بالمغرب يبين درجة عجزه المهول ثقافيا و في عدم قدرته على ممارسة التحليل السياسي العميق برؤية مجتمعية و محددات عقلانية تتركز على التعدد و التنوع و القبول بالدينامية . أما ملفوظاته حول تاريخ فاس و مكانتها فهي دائما تأتي لتؤكد غوغائية الرجل و سطحية تفكيره ، لأنه يستغل أمجاد هذه المدينة ليبرر مشروعيته المزعومة ، متجاهلا أن لحظة عموديته على هذه المدينة هي صفحة رمادية ينتظر أهل فاس طيها و نسيانها ، كأنها زلة لسان في سرديات أمجاد فاس .