11 أبريل, 2016 - 08:34:00 قالت وزارة الداخلية المغربية إن السلطات طردت ثمانية نشطاء أوروبيين "قالت إنهم موجودون في البلاد لتقويض النظام العام بدعمهم لسجناء احتجزوا في احتجاجات بالصحراء في عام 2010"، موقع ''لكم'' أجرى حوارا مطولا مع إحدى المحاميات الفرنسات المطرودات ضمن الفريق الذي كان ينوي القيام بزيارة عمل للمغرب، "إنكريد ميتون" المحامية التي تعمل في المكتب الذي رفع دعوى قضائية ضد الحموشي، ترد على إتهامات وزارة الداخلية، وتحكي في هذا الحوار، عن تفاصل يوم أسود في المغرب إنتهى بطردهم. مرحبا، قبل أن نتحدث عن طردكم من المغرب، هل يمكننك في البداية أن تتحدثي لنا عن المهمة التي كان ينوي فريق المحاميين القيام بها في المغرب؟ في الواقع أنا محامية فرنسية، أشتغل في أحد مكاتب المحاماة بباريس، أترافع عن المعتقل الصحراوي نعمة الأسفاري، والذي كان من بين الذين تم اعتقالهم صبيحة أحداث كديم إزيك، وأمثله أيضا أمام القضاء الفرنسي وفي اللجنة الدولية لمناهضة للتعذيب. وفور علمنا أن المعتقلين الصحروايين خاضوا إضربا مفتوحا عن الطعام منذ فاتح مارس الماضي، قررنا تشكيل لجنة دولية من رجال ونساء القانون لمساندة المعتقلين الصحراويين. كيف تشكلت هذه المجموعة؟ هل كانت هذه اللجنة مشكلة من قبل، أم تم تشكيلها خصيصا من أجل زيارة المغرب مؤخرا؟ لم تكن مشكلة، لكننا تعرفنا على بعض نشطاء المجتمع المدني الذين قاموا بالتنسيق لتشكيل هذا الائتلاف الدولي في عدد من الدول، خاصة في بلجيكاوفرنسا وإسبانيا من أجل الترافع على ملف معتقلي كديم إزيك. عبارة عن لجنة دولية لمساندة معتقلي "كديم إزيك" إذن؟ تماما هي لجنة دولية لمساندة المعتقلين السياسيين الصحراويين، لكن أود أن أوضح بعض الأمور بدقة، لأنها مهمّة، ستبين أن طردنا من المغرب لم يكن له أي دواعي أومبررات، إن الدعم الذي نود تقديمه لمجموعة كديم إزيك، يقف في مستواه القانوني فقط، ونطالب من خلاله بتطبيق القانون المغربي، والدولي في هذا الباب. يعني أننا كمجموعة من المحاميين وقضاة، وبغض النظر عن الصراع بمنطقة الصحراء، نود فقط أن تمنح الدولة المغربية كامل الحقوق للمعتقليين السياسيين الصحراويين، لذا قررنا الإنتقال إلى المغرب بشكل مستعجل، في هذا الإطار القانوني ولهذا الغرض، نظرا لحالة المعتقلين وما آلت إليه الأمور بعد ما يفوق الشهر من الإضراب المفتوح عن الطعام الذي خاضوه، كنّا ثمان محاميين، أنا وأربع محامين إسبانيين، وقاض إسباني متخصص في القانون الدولي، محامي بلجكي، وملاحظة فرنسية. وكان من المقرر أن نقوم بمؤتمر صحفي بالرباط، لشرح أهداف زيارتنا إلى المغرب. ولم تتح لنا الفرصة لتنظيم هذا المؤتمر، نظرا لأنه تم طردنا قبل موعده. قبل أن نتحدث عن عملية طردكم من المغرب، كيف تم التحضير للسفر هل أخبرتم السلطات المغربية بزيارتكم؟ قبل انتقالنا إلى المغرب، قمت شخصيا، بالاتصال بعدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية والغير الحكومية، من أجل إجراء مقابلات، وكان من بين الشخصيات التي طلبت موعدا معها، وزير العدل مصطفى الرميد، ونادي قضاة المغرب، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، علما أن هذا الأخير قبل ملاقتنا وحدد معنا موعدا. عفوا، ولكن هل المجلس الوطني لحقوق الإنسان حدد معكم موعدا وتم الحسم فيه؟ طبعا قبل بلقائنا، وأتوفر على رسالة إلكترونية، تحتوي على تفاصيل محادتثنا، ولن أخفي عنكم شيئا، فالرسالة الإلكترونية واضحة، طالبنا فيها نقاش المطالب القانونية التي يطالب بها معتقلو اكديم إزيك، وكل ما يتعلق بالتعذيب الذي تعرض له بعضهم. طيب، هل تم توقيفكم في المطار قبل دخولكم، أم أنكم دخلتم بشكل عادي؟ بالنسبة لي، عندما وصلت إلى المطار، قمت بتعبئة بطاقة الدخول، وأوضحت أني في زيارة عمل إلى المغرب، وأعمل كمحامية، وعندما وصلت إلى شرطة الحدود، طرحوا علي بعض الأسئلة المتعلقة بزيارتي إلى المغرب وأهدافها، وقلت لهم الحقيقة، لا يمكن أن أخفي شيئا، وأخبرتهم أن لي موعد مع مسؤوليين في الحكومة وفي المؤسسات الرسمية. سمحوا لي بالدخول، بعبارة رددها الشرطي ''أهلا بك في الأراضي المغربية''. هذا يعني أن أمر طردكم لم يكن مقررا مسبقا، هل يمكن أن تحكي لنا تفاصيل ما وقع قبل طردكم؟ وصلت إلى المطار رفقة ملاحظة فرنسية والمحامي البلجيكي، وقد مرت عملية دخول التراب المغربي بسلام، وبينما قصدنا الفندق الذي من المفترض أن نقيم فيه بالرباط، أدلينا بجوازات السفر، كإجراء عادي، غير أنه بمجرد تسليمنا جوزات السفر للمكلف بالاستقبال، أحسست شخصيا أن هناك حركات غير طبيعية في الفندق، إذ كان هناك شخص أخر في الفندق يبدو أنه كان من الشرطة بزي مدني، طلب منّأ بعد ذلك الإدلاء بمعلومات. المحامية الفرنسية إنكريد ميتون بزيها المهني في إحدى جلسات المحكمة بباريس ما هي طبيعة المعلومات التي طلبها؟ في الحقيقة، طلب منّا جوازات السفر، وأكد أنها إجراءات رقابية عادية، فيما بعد كان لنا موعد مع السفارة البلجيكية على الساعة الثالثة بعد الظهر، ذهبنا إلى الموعد، لكن الأمور كانت واضحة، من طبيعة الأسئلة المطروحة من طرف الشرطي، كنا ننتظر الأسوأ، ولما عدنا من موعدنا على الساعة السادسة مساءً، جلست أن وزميلتي الفرنسية في قاعة الفندق، بينما كان الآخرون، يستعدون للتجول في المدينة العتيقة. هل أحسستم أن هناك شيء غير عادي يقع في تلك اللحظة، أم أن الأمور كانت إلى حدود الساعة السادسة والنصف عادية؟ في الحقيقة كنت أحمل معي حاسوبي، أجلس في قاعة الفندق، أعمل، وبين الساعة السابعة والثامنة مساء، حل عدد كبير من أفراد الشرطة، سأل أحدهم أين بقية زملائكم، وطلبوا منا جوازات السفر، واحتفظوا بها، وطلبوا منا إيقاظ زميلنا البلجيكي الذي كان نائما في غرفته، وكان يعتقد أن الأشخاص الغرباء هم محامون مغاربة جاؤوا لزيارتنا، لكني أخبرته أنهم شرطة. وكيف تم العثور على المحامين الاسبان، لم يكونوا في الفندق كما قلت؟ كل ما أعلمه أنه في هذه اللحظة، التي كان فيها أفراد الشرطة في الفندق، لاحظنا أن زملائنا الإسبان، كانوا يٌستنطقون أيضا في أحد أروقة الفندق بعد عودتهم من المدينة. أخبرتنا الشرطة أنه يلزمنا مرافقتهم إلى المخفر. كنت أحمل حاسوبي النقال الذي لم أستطع إدخاله إلى الغرفة. أود أن أعرف فقط إذا سمحتي كيف تم نقلكم إلى مخفر الشرطة؟ كان هناك عدد كبير من أفراد الشرطة، طلبوا منا الصعود في ''الفاركو'' التي كانت تنتظرنا أمام الفندق، ولما صعدنا إلى سيارة الشرطة، سقط أحد المحاميين الاسبان مغشيا عليه، لا أعرف لماذا، لكن لم يسمحوا له برؤية طبيب. كيف سقط، هل كان مريضا أم تم التعامل معكم بعنف؟ أحس باختناق، ولا يمكن أن أقول لك بأن أفراد الشرطة هم السبب، لكن المؤكد أنه كان في حالة سيئة ولم يسمحوا له بالعلاج أو تناول الأدوية أو بزيارة طبيب. طيب .. ماذا حدث في مخفر الشرطة؟ لما وصلنا إلى مخفر الشرطة، تمكنت من إرسال "إس إم إس"، إلى أصدقاء في فرنسا، لأخبرهم أننا في مخفر الشرطة، لأني كنت متأكدة أن الشرطة لم تخبر السفارة الفرنسية بهذا الاحتجاز وطلبت منهم إخبار السفارة. بعد ذلك طلبوا منا تسيلم هواتفنا وحواسبنا. لكني كنت أنوي إرسال رسالة أخرى من هاتفي، أقول فيها بأنهم سيحتجزون الهواتف والحاسوب الذي يحوي معلومات شخصية، لكن الشرطي قام بخطف هاتفي من يدي، وتم احتجاز الحاسوب وتفتيشه. هل تم استنطاقكم بعد ذلك؟ تم وضعنا في غرفتين، أربعة أشخاص في كل غرفة، وطلبوا منا تعبئة استمارة تحوي أسئلة عن معلومات شخصية، عائلية، المسار الدراسي والمهني، والزيارات التي قمنا بها إلى المغرب وأسبابها. لكنهم لم يطرحوا علينا أي أسئلة تخص زيارتنا الأخيرة إلى المغرب. في المقابل كان السؤال الأخير في الاستمارة، يتمحور حول موضوع أنشطتنا الجمعوية والمدنية والجمعيات التي ننتمي أليها، والانتماء السياسي والديني، أنا قلت بأنه ليس لدي أي نشاط جمعوي أو سياسي، أنا محامية مستقلة، سألني أحدهم هل أنت متأكدة بأنه ليس لديك أي نشاط جمعوي أوسياسي، قلت له بلى إني ناشطة في جمعية تنشط في مجال البيئة. هل تم استنطاقكم حول علاقتكم بمعتقلي كديم إزيك؟ لا، لم يطرحوا أي سؤال بخصوص ذلك.. لا شيء.. بالمقابل نحن طلبنا سبب توقيفنا بهذه الطريقة، لم يجيبونا، وبعد إلحاحنا، قالوا لنا إنكم تعرفون جيدا لماذا أنتم هنا في مخفر الشرطة. أريد أن أعود إلى تفصيل صغير، إذا سمحت، هل لنا أن نعرف كم كان عدد أفراد الشرطة الذين قاموا بتوقيفكم في الفندق؟ لا أعرف بالضبط، كانوا قرابة 15 شرطيا. كم قضيتم في مخفر الشرطة قبل طردكم؟ بين أربع وخمس ساعات. انتم تعرفون بأن المغرب حساس جدا من قضية الصحراء، وأدت إلى توتر علاقته مع دول عديدة جراء هذا المشكل، حتى إنه دخل في صراع مع الأممالمتحدة بسبب نفس القضية، ومع ذلك قررتم الذهاب لمساندة معتقلين صحراويين في هذه الظرفية، هل اعتبرتم أن هذه المسألة عادية.. ولم تتصوروا أنه سيتم طردكم..؟ تصورت أنه سيتم إيقافي في المطار، ولن يسمح لي بالدخول، تسلل إلي هذا الشعور، بعد كل ما حدث في قضية الصحراء الغربية، وأعرف جيدا أن قضية الصحراء قضية حساسة لدى الرباط، وهناك سبب أخر، مكتب المحاماة التي أشتغل لصالحه في فرنسا، هو من رفع دعوى قضائية ضد الحموشي، مما أثر على العلاقات الديبلوماسية المغربية الفرنسية لمدة سنة، إضافة إلى أني أمثل السيد نعمة الأسفاري أمام اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب، لكني قلت إما أن يتم توقيفي في المطار، وإن لم يمنعونا من الدخول، فهذا يعني أنهم قرروا تركنا لإنجاز ما جئنا لأجله في المغرب، لدينا عدة مواعيد مع عدة سفارات، وعدد من الهيئات، ومع مفوضية الأممالمتحدة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وليس هناك أي مبرر لطردنا. علمنا أن إسبانيا طلبت استفسارات من المغرب على خلفية طرد قاضي ومحامون اسبان في هذه القضية، وأن الحكومة الإسبانية طلبت مبررات الطرد، ألم تقم فرنسا بنفس الشيء؟ فرنسا لم تقم بأي إجراء أو رد فعل في قضية طردنا. لماذا لم تقم فرنسا بأي ردة فعلا في نظرك؟ لا أعرف، لأني لست في الحكومة الفرنسية، ولكن على ما يبدو أن الحكومة الفرنسية تريد الحفاظ على علاقاتها الديبلوماسية مع المغرب. لنعد إلى سبب طردكم، قال المغرب بأنكم موجودون في البلاد لتقويض النظام العام بدعمكم سجناء احتجزوا في احتجاجات بالصحراء في عام 2010، ما ردكم على هذه الاتهامات؟ أولا يجب أن نعلم بأن المعتقلين الصحراويين، حكم عليهم بعقوبات كبيرة في المحكمة العسكرية، وفي إطار محاكمة غير عادلة، تم التنديد بها من طرف عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، ومن بين الأشياء غير المعقولة، على سبيل المثال قضية النعمة الأسفاري، الذي اعتقل قبل الأحداث، وتم اتهامه بالتنظيم والمشاركة في التمرد المسلح، وتوزيع أسلحة، وحملوه المسؤولية في قتل القوات المساعدة المغربية، رغم أنه تم اعتقاله قبل بداية الأحداث، ومن المستحيل أن يكون مشاركا في ذلك. وهو في السجن الآن بسبب أشياء لم يقم بها مثله مثل باقي النشطاء، وهناك ما يؤكد تورط السلطات في تعذيب المعتقلين، وهناك تزوير لإمضاءات في محاضر الشرطة. على العموم هناك خروقات كثيرة في قضية المعتقلين الصحراويين، قانونية أساسا، لم تحترم فيها المساطر القانونية، وكان فيها خرق للقانون المغربي نفسه، لذلك فنحن كمحامون ورجال ونساء قانون، وجدنا أن ذلك غير مقبول بالمرّة، وأن الصحراويين تمت إدانتهم بأحكام قاسية خارج القانون، لأنهم نشطاء سياسييون صحراويون، لذلك لم نطلب من المغرب سوى احترام القانون الدولي، والتزامته التي وقع عليها، واحترام القانون المغربي والمحاكمة العادلة، الذي تم خرقها في قضية المعتقليين السياسيين الصحاويين. هل الأمر يتعلق بأنشطة تهدد أمن الدولة؟ أعتقد بأن هذا الاتهام ليس له أي مبررات، خصوصا أننا طلبنا مواعيد رسمية مع شخصيات ومؤسسات رسمية، إن الأمر لا يعدو أن يكون دعم قانوني لقضية نرى أن فيها خروقات بالجملة، غير مقبولة على الإطلاق وفيها خرق للقانون الدولي.