أفاد تقرير نشرته مجلة "ماكجيل" الكندية بأن المغرب يستخدم قضية الهجرة غير القانونية كورقة ضغط دبلوماسية في العلاقات مع إسبانيا، خاصة فيما يتعلق بالنزاع حول مدينتي سبتة ومليلية. وذكر أن المغرب يعتبر المدينتين جزءًا من إرثه الثقافي والتاريخي الممتد منذ الفتوحات الإسلامية، بينما تؤكد إسبانيا سيادتها عليهما منذ قرون، استنادًا إلى معاهدات دولية مثل معاهدة لشبونة عام 1668. وأوضح التقرير أن سبتة ومليلية، بصفتهما نقطتي عبور رئيسيتين للمهاجرين إلى أوروبا، أصبحتا محورًا للتوتر بين البلدين. مشيرا إلى أنه في عام 2023، تم تسجيل أكثر من 1243 حالة عبور ناجحة، بينما منع المغرب أكثر من 14,600 محاولة خلال غشت وحده. وقالت المجلة إن "المغرب استغل هذه القضية كورقة ضغط، خاصة في أبريل 2021 عندما خفف من قيود مراقبة الحدود، مما سمح لنحو 8000 مهاجر بدخول سبتة، ردًا على استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي".
ولاحظ المجلة أن السياسة الإسبانية تجاه المغرب شهدت تحولًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث تبنت مدريد موقفًا داعمًا لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء في عام 2022. وأشارت إلى أن هذا التوجه يُعتبر تنازلًا كبيرًا يهدف إلى تهدئة العلاقات مع الرباط والحفاظ على التعاون في قضايا الهجرة. وأضاف التقرير أن إسبانيا تجنبت اتخاذ مواقف أو قرارات قد تثير غضب المغرب، مثل التصويت ضد قرارات أوروبية تنتقد سجل المغرب في حقوق الإنسان. بحسب التقرير، المغرب لا يعتمد على الهجرة كأداة دبلوماسية فحسب، بل أيضًا يستفيد من موقعه الاستراتيجي لتعزيز علاقاته الاقتصادية مع إسبانيا، حيث أنه في ظل الحرب الأوكرانية والحاجة الأوروبية لمصادر طاقة بديلة، أصبح المغرب شريكًا رئيسيًا لإسبانيا في مشاريع الطاقة المتجددة. وأفاد التقرير أن هذه الشراكة تضاعف من قوة المغرب التفاوضية في علاقاته مع مدريد. أيضا، أبرز التقريرأن تدفقات الهجرة في سبتة ومليلية قد بلغت ذروتها في عام 2018 مع تسجيل 6,800 حالة عبور، لكنها لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا، حيث أن المهاجرين الذين يُعاد اعتراضهم غالبًا ما يُعادون إلى المغرب أو بلدانهم الأصلية، إلا إذا كانوا من القاصرين أو طالبي اللجوء. وأشار التقرير إلى أن هذه الفئة الأخيرة تمثل عبئًا قانونيًا وإنسانيًا على السلطات الإسبانية. كما أكدت المجلة على أهمية البعد الاقتصادي في العلاقة بين البلدين، مشيرة إلى أن التعاون المغربي الإسباني يمتد إلى المصالح الاقتصادية، خاصة في ظل الحاجة الأوروبية لمصادر طاقة بديلة بسبب الحرب الأوكرانية. وأفاد التقرير بأن المغرب أصبح شريكًا استراتيجيًا لإسبانيا بفضل موقعه وإمكاناته في مجال الطاقة المتجددة، وهو ما يدفع إسبانيا إلى تعزيز علاقاتها مع المغرب لتحقيق أهدافها في أن تصبح مركزًا للطاقة في أوروبا. وخلص التقرير إلى أن المغرب نجح في توظيف قضية الهجرة غير الشرعية بذكاء لتعزيز موقفه في نزاعات إقليمية ودولية. وأشار إلى أن المغرب يستخدم هذه الورقة بشكل فعال لفرض أجندته الإقليمية وتعزيز مصالحه الوطنية في سياق دولي متغير، ما يعكس قدرته على تحقيق مكاسب دبلوماسية طويلة الأمد.