إن التعديلات عامة سواء الحكومية أو التعديلات في النصوص القانونية أو الدستورية لها دلالات ودوافع سياسية ، سنحاول فك رموزها ومغزاها القبلية والبعدية وآثارها على السير العام للسياسة ، إن التعديلات الحكومية تفرضها ضرورة سياسية لتسمح لها بإمكانية العمل بطريقة ميسرة وبأقل جهد وتكلفة بشرية وفعالية تشمل أكبر مساحة من الأهداف ، عوض أن تكون محددة في أهداف لا تشمل القاعدة المراد استفادتها من تلك السياسة ،وإن لم تكن التعديلات سوى على مقاسات محددة ليستفيد منها الشخص المعني دون غيره أو تعديل لإقصاء المنازع المحتمل في إطار صراع حزبي أو مصلحي ضيق دون مراعاة للمصلحة العامة ، وهذا التعديل يدخل من بوابة السياسة المنعدمة الأفق والتي هي مصلحية ذاتية ودون غد واعد ، وهذا حال العديد من التعديلات الحكومية أو القانونية التي تنسج على مقاس أسسه تنطبق على الجهة المعنية أو الوصول للغرض المحدد في برنامج صاحب التعديل ومقدمه . كما أن هناك تعديلات تأتي نتيجة ضغوطات حزبية أو نقابية وتقحم تلك التغييرات في فقرة أو إضافة كلمة أو حرف واو مثلا، لينطبق التعديل حصريا على شخص معين لأنه الوحيد الذي يمتلك تلك الخاصية أو الصفة في المجموعة المقترحة ، وأيضا هناك تعديلات دستورية للالتفاف عن استجابة لمطالب شعبية وتكون تلك التعديلات في قراءتها ألأولية تعني تنازلا من الجهة المعنية غير أنها بعد مرور الزمن السياسي تتضح تلك التعديلات مجرد ذر الرماد في أعين الرأي العام وتعود الأفعال والممارسات على أرض الواقع كما كانت في السابق ولا شيء تغير، وفي السياسة كل شيء له رمزية وهدف ، فلا حركة ولا قرار سياسي يكون مجانا أو عبثا ، بل لا بد من وجود أسباب ودوافع وأهداف وراء ذاك القرار أو تلك الصيغة التي جيء بها هذا أو ذلك القرار أو تلك الخطبة السياسية أو الندوة الصحفية أو الاجتماع الذي قام به رئيس الدولة أو البرلمان أو الحكومة أو الوزير الفلاني ، فكل حركة سياسية لن تكون إلا من أجل هدف ما ،إما هدفا واضحا ومعلنا أو هدفا خفيا ، وأما المعلن فهو قد يكون عبارة عن فقاعة لتحويل الراي العام المحلي أو الخارجي أو أحد منهما ، أو هدف خفي يتعلق بأسرار عسكرية او اقتصادية أو استراتيجية أو مناورات سياسية وتكتيكية للتموقع على الخريطة السياسة في تدبير الشأن العام الداخلي أو العلاقات الخارجية للبلد وفق ما تتطلبه المرحلة السياسية وتحولاتها وتطوراتها . أما التعديلات الدستورية فهي لها معناها، فالأول قد يكون سياسيا واقتصاديا وثانيا قد يكون قانونيا أو ترابيا، وفي جميع الحالات فالتعديل مهما كان له تلك الخلفية السياسية تهدف إما لتوسيع الاختصاص، ومن راءها السلطات، أو تقليص المجال الترابي أو الفضاء التعبيري عن حق من الحقوق كقانون الإضراب وحرية التظاهر والتجمعات . فالتعديلات السياسية ، تأتي عادة بعد فشل في تطبيق البرنامج الحكومي الذي سبق لأن عرض على البرلمان أو بعد وجود ثغرات في الأداء الحكومي إما على مستوى تسيير قطاع معين أو على مستوى شخص الوزير وكفاءته ، كما أن تلك التعديلات قد تأتي نتيجة ضغوط نقابية أو من طرف مكون من المكونات الحزبية أو من المعارضة أو بكل بساطة هي طريقة من الطرق لإنهاء مهام عنصر وزاري في الحكومة قد ينافس رئيس الحكومة في طموحاته السياسية ونزع الأشواك عن طريقه الانتخابي إن كان ينوي البقاء في المنصب سواء الحزبي أو السياسي. هذه المقدمة تقودنا مباشرة الى البحث عن المغزى السياسي من وراء التعديلات الحكومية بالمغرب عامة، والتعديل الجزئي الحكومي الأخير خاصة. وكما هو معلوم فإن السياسة لم تعد علما فقط له قواعده وأدواته التي من خلالها تتخذ القرارات السياسية الاقتصادية والاجتماعية فإن هذا الجانب العلمي غالبا ما يترك جانبا في دول الجنوب من الكرة الأرضية ، لأن النخب السياسية هناك لا تحتاج كثيرا لاستعمال أدوات علم السياسة ، إما لقلة الأطر المتمكنة من العلوم السياسية وأدواتها المتطورة ، أو لأنها تعرف أنها في ساحة سياسية بمكونات اجتماعية واقتصادية وثقافية لا تتطلب علما سياسيا لتدبير الشأن السياسي بالبلاد لما يكتنفه الوضع المجتمعي من مستويات ثقافية وفكرية متدنية تتخللها تيارات ومعتقدات خرافية ومخيال شعبي لم يعانق بعد التحليل العقلاني والمنطقي لكل الظواهر التي تحيط به ، ظواهر اجتماعية واقتصادية وسياسية ،كما أن النخب السياسية الحاكمة لا ترى نفعا في توظيف أموال تكلفها الأطر المتخصصة في مثل هذه الدراسات والأبحاث والاستمارات المستعملة في علم السياسة وفروعها. وهناك أمر آخر يتعلق بتطور المفهوم السياسي للسياسة لدرجة أصبحت لعبة ،طبعا ليست لعبة بالصيغة المادية بل بصيغة ومعنى المناورة والتكتيك كلعبة الشطرنج ، لكنها ليست تماما ، إذ أن السياسة سواء المحلية أو الخارجية غالبا ما تكون وراء سترات كثيفة وغرف مغلقة ومشاورات غير رسمية وغير مركزية ، وفي بعض الأحيان ليست بين أعضاء حكوميين أو منتمين لأحزاب أو تنظيمات معينة ، أي أن السياسة قد تدفع للفعل السياسي بأدوات مادية ومعنوية وأشخاص لا علاقة لهم ظاهريا وعضويا بالسياسة مباشرة لتمرير أفكار وتحالفات وعقد اتفاقات وتحديد مفاهيم واستراتيجيات مرحلية أو طويلة الأمد . كل ذلك من أجل إنجاح الفعل السياسي والقرار المزمع اتخاذه، وبالتالي تطبيق مفهوم السياسة والدبلوماسية السريتين، لأن مثل هذه الطرق تضمن نوعا ما نجاح العمل المراد الوصول اليه من جهة وتحميه من الإجهاض من جهة أخرى. والحديث عن التعديلات التي تدخلها الحكومات على تركيبها في الطبعة الأولى، يجرنا للإحاطة بعملية تكوين وتشكيل تلك الحكومات، ثم على ضرورات التعديل الحكومي اثناء اشتغالها وما هي الأهداف من وراء ذلك. وكما هو معلوم فإن النظام السياسي المغربي ملكية دستورية، وله نظام برلماني بغرفتين، وحكومة منبثقة من أغلبية الحزب أو الأحزاب المتحالفة، وأن كل ذلك مرتكز على سلطة مركبة من اختصاصات دستورية ودينية التي تتمثل في إمارة المؤمنين، وهو الذي يتراس مجلس الوزراء وله اختصاصات تنفيذية يتقاسمها مع رئيس الحكومة، واختصاصات تشريعية وقضائية . ويعتبر الملك في الدستور المغربي هو المحرك الأساسي في العمل السياسي المغربي لما لهذه المؤسسة من أولوية نظرا لما لها من عراقة التقاليد السياسية وتراكمات لتجارب التعامل مع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية .وهذا ما يضفي عليها تلك الفعالية في الحركة نظرا لمكانتها في الساحة السياسية بالمغرب .وغالبا ما تكون التعديلات الحكومية من أيعاز وإشارات ملكية ، وهذا بديهي لأن الملك هو من يعين تلك الحكومة وتشكيلتها. والجدير بالتذكير أن حكومة عزيز أخنوش، التي تحمل رقم 33 منذ حكومة البكاي لهبيل 1956 ، والتي جاءت بعد انتخابات 8 شتنبر 2021 ، تشكلت على أساس تحالف بين ثلاثة أحزاب وهي : حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة ، وحزب الاستقلال ، ومن خلال هذه التركيبة السياسية لهذه الحكومة يمكن أن نرسم معالمها المحددة عامة في أنها أحزاب قريبة من القصر وتتبع خطا سياسيا يتبنى كليا التوجهات العامة التي تؤسس عليها الخطوط العريضة للسياسة المغربية التي يخطها عاهل البلاد . هي حكومة يمينية ذات توجهات اقتصادية ليبيرالية على الطريقة المغربية التي تمزج بين الرأسمالية المحلية التقليدية والاقتصاد الرأسمالي العصري التابع بنسبة عالية لمراكز الاقتصاد الفرنسي والإسباني واتباع نصائح صندوق النقد الدولي وتدخلاته في توجيه التقنيات المالية في تدبير الشأن المالي والبنكي بالمغرب . ومن خلال هذه التشكيلة الحكومية وارتكازها الحزبي المعتمدة على تحالف ثلاثي متقارب التوجهات والأصول التي ساهمت في ولادته السياسية على الساحة السياسية بالمغرب، ضمن خريطة حزبية تعاني من أزمة عميقة فككت كل ما تبقى من التحامها والحد من محاولات إيجاد جسم حزبي متوازن يعبر عن قناعات وآمال الفئات الاجتماعية وطموحاتها. هذا يمكن معرفة مسارها السياسي في إطار وضعيات سياسية وطنية ودولية صعبة، على الصعيد المحلي بحيث ،هناك خمس سنوات من الجفاف الذي أصبح ظاهرة بيئية بنيوية ، وارتفاع أسعار البترول مما انعكس على القدرة الشرائية التي ارهقها التضخم وزيادة أسعار كل المواد الضرورية للحياة والعيش لكل الطبقات الاجتماعية ، وهذا أيضا انعكس على الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات التي غالبا ما وصلت للباب المسدود ، بالرغم من الوعود في استمرار الدعم للفئات الهشة واليد العاملة بخلق مناصب للشغل ، غير أن الأزمة عميقة وبنيوية تحتاج الى قدرة وإرادة حقيقية للدفع قدما لحل منصف وواقعي ، عوض البقاء في نفس المربع من قبل حكومة لا تقدم رجلا إلا من أجل أن تؤخر أخرى ، لأنها حكومة بمكونات حزبية لا يمكن أن تعطي ما ليس لديها وأن تصرح بما لا تقدر على الاستجابة له، لأنها عبارة عن حكومة مستنسخة لقرارات عليا وصندوق بريد لما تتوصل به من الدولة العميقة وصانعي القرار الفعليين . دوافع التعديلات السياسية 2/2 إن التعديلات الحكومية بالمغرب سارت على تربية سياسية ملتزمة بخطواتها المعهودة ، وهي أن تظل في سياق دائرة العائلات النووية والقبلية والمصالح المتبادلة سواء المادية أو المعنوية أو الخدمات المقدمة عبر التاريخ لمراكز القرارات السياسية والاقتصادية ، وما يدور في فلك النظام السياسي من تنظيمات سياسية ونقابية المحابية والمدعمة للوضع القائم على بعض المكونات الدينية و بعض مكونات المجتمع المدني ، ومن أعيان وخدام الدولة ، كل هؤلاء وغيرهم من المقربين له حظ وافر للدخول ضمن قائمة المعينين في مناصب وزارية وإدارية عليا عند كل تعديل حكومي أو تعيينات إدارية ، لدرجة أنه أصبح في عرف السياسة المغربية أن يكون التغيير أو التعديل فرصة ليس إلا لفسح المجال للاستفادة للشخص أو الحزب او الجهة الموالية ، كما لو أن المسالة تتعلق بلائحة انتظار وليست ضرورة تحتمها الظروف الموضوعية والسياسية للسير قدما في تدبير الشأن العام . لذا نرى تواتر هذه التعديلات الحكومية والإدارية عبر الزمن السياسي المغربي الذي تتحكم في عقارب ساعته ، نخب لها من المال ما يمكنها من فتح أبواب السياسة للحفاظ على مصالحها ومراقبتها من البرج العالي القريب من مركز القرارات ،وهكذا نجد الصفوف تنتظر عند بوابة مطبخ التعديلات لأولئك الذين يجدون فيهم المعايير لنيل تلك المناصب الوزارية والإدارية لما قدموه من" خدمات "معروفة النوعية والشكل إلا انها أكيد ليست موضوعية ولا علاقة لها بالعلم والمعرفة والخبرة وكل ما ينفع الناس .وكل تلك الأمور التي لا تجد لها مكانا ولو ضيقا لها في الفكر السياسي السائد لحد الأن .. ولهذا نجد تلك البوابة مكتظة بالواقفين على أعتابها لنيل قطعة من الحلوى، عفوا ، منصبا من المناصب، عندما يفتتح موسم التعديلات لتوزيع "الهبات " التي تتخذ شكل منصب وما يترتب عليه من علاوات عند تسلم المنصب أو عند الخروج منه، ففي مثل هذا الوضع السياسي ، الداخل رابح والخارج رابح ، الخاسر الوحيد هو المواطن الذي ينتظر من التعديل الحكومي تعديلا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، يميل جهته لتعديل الكفة المعيشية التي انحدرت للحضيض ويعتقد أنها ربما ستكون هذه المرة لصالحه ولو بنسبة ضئيلة . إلا أن نواة السياسة المغربية لم تبن على الانفتاح على مثل تلك التمرينات السياسية التي تسحب للجميع بل هي سياسة انتقائية ومجالية وفق منظور متوارث في عقلية النخب السياسية وملزم اتباعه لأن البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والذهنية تفرضه حتما ولا مجال لتحيد عنه إلا بتدخل عوامل أخرى مازال المجتمع لم ينضج بعد لبلوغها واستعمالها كسلاح للتغيير السياسي لتحقيق أهداف تسمح بسن سياسات اجتماعية تأخذ في الحسبان مطالب المجتمع في كل مستوياته بنوع من العدالة والمساواة واتباع معايير موضوعية ترنو التنمية الشاملة. هل نستطيع تجاوز هذه المرحلة السياسية التي لن تتقدم بنا الى الأمام أبدا ؟، أعتقد أن ذلك الأمر لم ينضج بعد ، والسياسة كما قال المغفور الحسن الثاني في إحدى خطبه أن الساسة تشبه الفلاحة ، لما تتطلبه هذه الأخيرة من حرث وزرع وانتظار هطول الأمطار ثم الحصاد عند نضج المحصول ، أي أن هناك مراحل وانتظارات لكل فعل سياسي لجني المنتوج المنتظر وفق العمل الذي بذل فيه، غير أن حال السياسة المغربية لم تعد تنطبق عليه تلم الفلسفة السياسية التي نشأت عليه في مراحلها الأولى لما كانت النخب السياسية والقوى التقدمية تدفع بإصرار ومجهودات صادقة نحو فعل سياسي يرقى بالوطن لمراتب متقدمة وهادفة في تدبير الشأن العام بروح وطنية عالية خالية من ملحقات وتبعات مصلحية خاصة . لأنها أنداك لم تكن السياسة كما هي اليوم تنحصر في دائرة ضيقة ولا تنفتح على كل مكونات المجتمع المغربي الغني بالكفاءات والخبرات والمثقفين من مستويات عالمية ولها من الأفكار السياسية والاقتصادية التي من المؤكد من شأنها أن تخرج المغرب من هذه الأزمة البنيوية التي تعتبرها النخب الحاكمة أنها قدر منزل ، وما هي في الحقيقة إلا واقعا من فعل السياسات المتوالية والتي تدور في نفس المكان وتنظر الى القضايا الأساسية بنوع من الترقيع والحلول المتسرعة التي تهتم بالقشور وتترك الجوهر. أجل من الممكن ذلك ،بل ومن الأكيد أن نتجاوز هذه المرحلة ونفتح الأفاق الواسعة على المستقبل لضمان استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي عن طريق تعليم يتجاوب مع متطلبات العصر، ويواكب تطلعات الشعب وخاصة الشباب الذي يمثل نسبة كبيرة من السكان ، وببناء اقتصاد أساسه إنتاج صناعي وفلاحي وخدماتي يضمن الاكتفاء الذاتي ، عوض التركيز على التصدير لمحاباة كبار المصدرين والذين يضعون أموالهم في الخارج ولا يستثمرونها بداخل الوطن. لذا إن شئنا القيام بتعديلات علينا أولا أن نقوم بتعديل العقليات لدى النخب السياسية وإعادة تربيتها على كيفية خدمة الشأن العام وتكريس فكرة المصلحة العامة كأولوية لدى أجيالنا المقبلة، وأن الوطن لا محيد عن أسبقيته إزاء كل الأولويات وأنه الفضاء الوحيد الذي لا شيء يلهينا عنه أو نغض عنه الطرف ، وأن نعمل على جعل تنمية بلادنا تقوم على المواطن كأولوية لأن هذا هو أساس قيام الوطن واستمراريته واعتبار هذه الأوفكار التي تقوي مفهوم الوطن والوطنية يسطر على تخطيطنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي وفي كل القطاعات، علينا أن نتوفر على أرادة سياسية لا تحابي أحدا فقط القانون هو الفيصل بين كل الوضعيات كيفما كانت، وتتم المصالحة مع ذواتنا فلا فرق بين مغربي ومغربي، إلا بالجهد والعمل والقدرة على العطاء وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وهكذا لن نتعب كثيرا بحثا في عمق مبررات التعديلات الحكومية وتبديل الوزراء وتنصيب المدراء في الإدارات والمؤسسات العمومية ، مادام العرف السياسي المغربي يمدنا بماض مليء بالأمثلة التي تضع نخبا معينة على طاولة الانتظار ليتم تنصيبها في كرسي الوزارة أو في منصب إداري رفيع او تعين كسفير في هدا البلد أو ذاك، حسب الرصيد الذي يمتلكه الشخص او التنظيم الحزبي أو النقابي أو الجهة التي يمثلها الشخص المراد تعينه في الوزارة أو المنصب الإداري ، ولن ننظر لخلفيات التعيين بقدر ما ننظر فقط للأصول العائلية ولروابط القرابة ولعلاقات تبادل المصالح ، فالساحة السياسة المغربية كثيرا ما علمتنا أن هناك تبادل للمواقع بين المكونات الحزبية المغربية وتبادل للأدوار فيما يتعلق بالمعارضة أو الدعم للحكومات وكل الأفعال والأعمال السياسية ضمن مائدة يتحلقون حولها جميعا لينالوا منها كل ما لذ وطاب. ختاما وفي ظل هذا الوضع السياسي الذي يحمل تراكما من الأعراف والتقاليد السياسية التقليدية والتي لم تساير التطورات الحاصلة في كل الأصعدة ، لم تجد بعد طريقها للتغيير نظرا لتكريسها من قبل نخب لم تجد ضرورة لهذا ،لأنها هي المستفيدة منه أولا وأخيرا ، ومعلوم أن التغيير لن ينبثق من وسط مثل هذه النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشكل النواة الأساس للنظام السياسي ،الذي يجد فيها الدعم للاستمرار ومصدر الارتكاز، لكن التحولات السياسة العامة العالمية والمحلية لن تكون بصفة دائمة في صالح النظام السياسي، لأنه في أول منعرج سيجد تلك النخب تتخلى عنه وتترك الفراغ من حوله مما يعجل من انهياره ،لأنها لا تربطها بطبيعة النظام وأسسه سوى ذلك الخيط الذي ينقطع بسرعة سرعة انقطاع مصالحها، لذا من المستعجل العمل على زرع مشاتل لنخب شابة وتربيتها على الصدق والأخلاق السياسية التي ترتبط بمصالح الوطن وليس الأشخاص والمصالح المادية والامتيازات التي تنقطع بإقطاع سيلها وامداداتها و العمل على تغيير المتحول من النخب والتوجه بالفعل السياسي للحليف الدائم والمستمر ودعمه بخلق مشاريع تنموية وتعليمة واستشفائية لتلك الطبقات المحرومة، وتعزيز مكانتها الاجتماعية والاقتصادية حتى تشكل درعا قويا للنظام السياسي كيفما كانت طبيعته ومستقبله البعيد كما أنه إن كان يريد أن يظل فعالا عليه اعتماد بنية ديموقراطية وتداول على الحكم بشكل مسترسل ومداوم عبر قنوات قانونية تكون فيه كل مكونات المجتمع ممثلة باختلافات توجهاتها مع الحرص على العدالة في توزيع الخيرات والمساواة أمام القانون ..